لعنة الكتابة

عبد الرحيم مفكير

الكاتِب في عالمنا العربي لا يجد أحيانا ما يأكله واللعنة تظل تلاحقه
لذا تجد أغلب الكُتّاب يشتغل في عمل معين..
و لا يعيش من الكتابة، بل الكتابة تعيش من عمله.
وإلا لن يستمر في الإبداع والنشر
عليه، فإن الكاتب العربيّ غير متفرغ للكتابة كمهنة تدر عليه دخلا قارا
مثل كتّاب كثر في الغرب
لا عمل لهم غير القراءة والكتابة
بل هو ينفق على إبداعه ليرى النور !
إذ تجد عملاق الرواية العربية “نجيب محفوظ” الذي لم ينقطع يوما عن الذهاب للوظيفة
وحين سُئل ذات يوم، لم لا ينقطع عن الوظيفة كي يتفرغ للكتابة، كانت إجابته صادمة « كيف أجلب الرزق لِلْعيال»
وهو الذي تحوّلت معظم روايته لأفلام سينمائية، وكَتَب مئات السيناريوهات لأفلام ومسلسلات..
رَغم ذلك لم تضمن له العيش الكريم، فكان مضطرا للعمل بشكل يومي.
فالإبداع في عالمنا العربي مجلبة للتعاسة والشقاء والفقر
لكن عشق الكتابة يسكن الدماء والمفاصل
فماذا نفعل !
الشاب الذي في الصورة على اليسار كاتب مصري _ محمد إبراهيم رمضان _ كتَب عدة روايات، وحلّ ضيفا في عدة لقاءات تلفزيونية..
من أجل لقمة العيش، ومحاربة الجوع اللعين، والحظ التعيس، والجغرافيا القاتلة. يضطر كل يوم للخروج كي يفرش روايته في الرصيف ويكتب تلك اللافتة _التي تنتهك كرامته _ كي يشتروا منه، ليعيش ولكن بدون كرامة!
رغم أنه عاش يتيما وفي دار الأيتام ولم يدرس في المدرسة يوما وعلّم نفسَه بنفسِه الكتابة والقراءة فصار كاتبا مبدعا.
والمبدع الذي على اليمين لا يحتاج لتعريف، إنه الروائي المغربي « عادل أوتنيل» حاصل على شهادة الدكتوراه في الأداب العربي _ جامعة ظهر المهراز _ وعادل يعاني إعاقة منذ صغاره واستطاع التغلب عليها قليلا بعد مشوار طويل من العلاج
و رَغم حصوله على أعلى شهادة جامعية يمكن أن يحصل عليها أي إنسان في هذا الوجود، وكونه كاتبا روائيا وتنشر له أشهر دار نشر في المغرب _ المركز الثقافي العربي _ مازال يعاني كل أنواع البؤس والتهميش..
ليس سهلا أن تحصل على شهادة دكتوراه وتكون كاتبا مبدعا وتتقن ثلاث لغات _ يتقن عادل العربية والفرنسية والانجليزية بطلاقة _وتصارع المرض – مرض السرطان وقد شُفي منه – والإعاقة
وفي الأخير يعيش في فقر مدقع وتعاسة ما بعدها تعاسة، إذ يطوف المسكين بشكل شبه يومي كل الأماكن العمومية لعرض روايته للبيع _ لا يحدد ثمنها، بل يقبل بأي ثمن أعطيته _ هذا هو مصير.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *