مولاي الطيب العلوي.. قصة باشا استثنائي حكم الجديدة لمدة 15 سنة بيد من حديد .

منقول عن صفحة عبد الله الناوي بالفيسبوك

في سنة 1979 حل بالجديدة مولاي الطيب العلوي باشا على مدينة الجديدة ، قادما إليها من مدينة أزمور خلفه الباشا المرحوم المهدي بندلة ،

قصة الباشا مولاي الطيب العلوي مع ساكنة الجديدة ومنتخبيها غريبة الأطوار امتدت فصولها على مدى 15 سنة كاملة من 1979 إلى 1994 .

مولاي الطيب العلوي هو ابن دار المخزن ، من طينة باشوات معينين بظهائر شريفة ، كانت بدايته باشا على مدينة خريبكة ثم أزمور تم اتتقل الى مدينة الجديدة

وإذا كانت الجديدة عرفت مجموعة من الباشوات وهم محمد لعلج وعزالدين القادري الذي عاصر المعركة الانتخابية الشرسة سنة 1976 بين محمد أرسلان الجديدي والدكتور عبدالكريم الخطيب ، والتي انتهت بفوز الكاكيين الذين كان يتزعمهم أرسلان ب23 مقعد والاتحاديين بزعامة المصطفى الكثيري ب 9 يقودهم انذاك اليعقوبي المعروف بولد الحاج عمر الشلح و 2 مقاعد من الحركة الشعبية وهم المرحومين المحايدين الدكتور عبدالكريم الخطيب وأخوه احمد الخطيب و 20 من مجموع المحايدين انذاك يتراسهم المرحوم الحاج محمد أرسلان الجديدي سينخرطون في البداية بالتجمع الوطني للاحرار عند تأسيس الحزب الوطني الديمقراطي على يد المرحوم ارسلان .

الباشا مولاي الطيب العلوي خلفه المرحوم المهدي بندلة ثم الباشا مصطفى عايدة الذي أغلقت في عهده الجمعية الثقافية وتحولت مقرا للأمن الوطني تم انتقل كاتبا عاما باقليم مراكش تم عين عاملا على إقليم جرادة ومحمد بلوافي وأخيرا الباشا مشيش ، فإن مولاي الطيب هو الذي قضى أكبر الفترات على رأس باشوية الجديدة ، وعمل مع 5 عمال هم مولاي العربي الوزاني ومتقي الله ومحمد الكراوي وفريد الوراق وأحمد عرفة .

مولاي الطيب العلوي المزداد سنة 1921 كان من المفروض أن يحال على التقاعد سنة 1981 ، لكنه استمر فوق سن التقاعد لمدة 13 سنة أخرى ، ولم يستطع أي واحد في وزارة الداخلية إحالة الباشا الاستثنائي على المعاش ، إلا بقرار من المرحوم الحسن الثاني سنة 1994 .

كان مولاي الطيب العلوي يحكم الجديدة بثالوث يتكون من القائدين عبداللطيف الكناني وخليفة القائد عبدالعزيز البحبوحي والموظف المرحوم بورقية ، ويعتمد في نشرة أخباره اليومية على ثلاثة مقدمين متمرسين هم بنشقرون وبن جامع وبلفرحي الله يرحمهم ويغفر لهم .وهذا الطاقم جعل الباشا يحيط بكل كبيرة وصغيرة ، وكان مقر الباشا بداية في المقاطعة الحضرية الثانية حاليا وهي البلدية الأولى قبل أن يجري نقلها إلى المقر الحالي إثر تدشينها من طرف المرحوم الحسن الثاني سنة 1982 ، وكان المهندس البلدي رشيد اعواني هو يده اليمنى في التسيير التقني للمدينة .

مولاي الطيب العلوي جاء إلى الجديدة للقيام بمهمة أنيطت به من طرف وزارة الداخلية ، وهي كسر شوكة الاتحاديين الذين تجذروا بالجديدة عقب انتخابات 1963 والتي أعطت فوزا كاسحا للمقاعد البرلمانية ، حين فاز محمد مروان بأزمور وشقربل بأولاد افرج والهلالي في سيدي بنور ومحمد المكناسي بالجديدة ، وفوز الاتحاديين الكاسح هو الذي جعل المرحوم الحسن الثاني يقرر فصل الجديدة عن الدارالبيضاء وإحداث إقليم الجديدة سنة 1969 وكان أول عامل هو صالح المزايلي الذي سيصبح لاحقا وزيرا للفلاحة ، واتخذ المقر الأول للعمالة ب”بيرو عراب” أي المركز السابق للاستثمار الذي سيصبح متحفا للمقاومة ، بينما كان يعقد المجلس الإقليمي اجتماعاته بالقاعة الكبرى للمسرح البلدي .

ومنذ حل مولاي الطيب العلوي باشا بمدينة الجديدة كان هو مهندس تأسيس جمعية قدماء تلاميذ مدينة الجديدة سنة 1980 والتي ترأسها المرحوم الطاهر المصمودي ، ولما حلت سنة 1983 تحول معظم أعضاء الجمعية المذكورة إلى حزب الاتحاد الدستوري الذي أسسه المعطي بوعبيد ، وهو صهر الباشا مولاي الطيب العلوي ، هذا الأخير الذي تكلف بالخريطة السياسية للمدينة ، وفاز الدستوريون ب29 مقعدا من أصل 31 بمقعد واحد لأرسلان لجديدي في شخص عبداللطيف الشياظمي عن دائرة الصفاء  و الاخر للسيد المصطفى لكثيري عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، وهي الانتخابات التي كانت استخدمت فيها طائرة أمطرت مدينة الجديدة قبل يوم من الاقتراع بالأوراق البرتقالية للطاهر المصمودي ، وكان استفتاء شعبي مدد عمر المجالس إلى سنة 1992 ، ومن جديد يشرف مولاي الطيب العلوي على الانتخابات الجماعية ، التي استرجع فيها أرسلان سيطرته على بلدية الجديدة ب 22 مقعدا والاتحاديين ب 9 مقاعد ، والحركة الشعبية بمقعدين والاتحاد الدستوري وحزب الاستقلال بمقعد واحد

وفي هذه الانتخابات تلذذ مولاي الطيب كثيرا بانهزام المصمودي في الدائرة 6 أمام عبداللطيف التومي ، خاصة وأن المصمودي كان موضوع غضبة من الحسن الثاني أزاحته عن منصب وزير التجارة والصناعة .

كان مولاي الطيب العلوي حريصا أن يستيقظ باكرا ويتجول بمختلف أزقة ودروب المدينة ، وهو يسجل كل الهفوات والمخالفات ، قبل أن يدخل إلى البلدية وبالضبط إلى مكتب كاتبه الخاص المرحوم محمد الفريمي ، ليحرر الاستدعاءات والمراسلات ، وكانت تساعده في زجر المخالفات الاقتصادية والإخلال بشروط السلامة والصحة سيدة حديدية كانت تدعى مدام تاكناوت ، وفي عهده سنة 1979 نالت الجديدة لقب أنظف مدينة في المغرب .

لم يكن الباشا حقودا ولا مصفي حسابات بل كان سليط اللسان ، وفي هذا الباب لازلت اذكر أنه في سنة 1987 حضرنا اجتماعا ترأسه للإعداد لحفلات عيد العرش المجيد ، وأخذ يسأل أمناء الحرف عما أعدوه لهذه المناسبة الغالية ، تحدث كل أمين عن استعدادات المنتمين إلى حرفته ، إلى أن تناول الكلمة أمين وقور بلحية بيضاء ، وقال للباشا سيدي نحن نستقدم فرقا فولكلورية متميزة والناس يخلقون لنا الفوضى ، ولهذا قررنا هذه السنة أننا نديرو الطلبة ، فأجابه الباشا غادي دير الشيخات وحتى تموت أمك ودير الطلبة . وذات مرة كان الباشا استدعى المصطفى أبا تراب في شأن فتح سناك بالمحطة الطرقية ، ولما خرج الباشا من مكتب الفريمي سلم على الغليمي وتجاهل أباتراب ، هذا الأخير قصد الباشا وقال نعم أسي أنا أباتراب فأجابه الباشا “عرفتك أسي أبا غيس”.

وفي سنة 1985 لازلت أذكر قوله ، وقال إن العاهرات وسيلة من وسائل استتباب الأمن بالمدينة ، وعلل ذلك قائلا أن الشخص المتزوج عندما يشتاق إلى الجنس ويسخن يقصد زوجته ، والزوفري عندما يسخن فهو يقصد العاهرات ، ليكن في علمكم هادوك العاهرات عندهوم وظيفة أمنية .

وفي إحدى المرات كان مولاي الطيب العلوي يتجول بوسط المدينة ، بعد أن تم تزليجه عن آخره في عهد المصمودي بميزانية ملياري سنتيم ، فرمق قرداتي يلاعب قرده فوق الزليج الغالي ، اغتاظ كثيرا وأصدر أوامره إلى المخازنية الذين صادروا القرد من صاحبه ، وعلى الفور وضع القرد تحت تدابير الحراسة النظرية ، وفي الغد أرسله مباشرة إلى حديقة الحيوانات بعين السبع .

ومن طرائفه أيضا أن الباشا أمضى صباحا متعبا وعند الواحدة زوالا كان يتهيأ للذهاب للغذاء ، لما طرق بابه شاب يبحث عن وظيفة ، فقال له مولاي الطيب العلوي بقى اخدم باشا في بلاصتي حتى نرجع من الغذاء .

رغم كل ذلك كان صريحا يسمي الأمور بمسمياتها ، عاش في نظر الناس غنيا ومات فقيرا سنة 2011 ودفن بمدينة الجديدة التي سيرها بيد من حديد تسييرا كانت له أكثر من إيجابيات على مشاهدها العامة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *