التفاصيل والجوهر !!

بقلم: خالد الصمدي.
سواء اعتذر الوزير أو استقال أو ظل في مكانه أو فتح تحقيق في المباراة ، أو ذهب البعض إلى القضاء ليقول كلمته ، أو طوي الملف برمته دون اي إجراء من هذه الإجراءات ، كل هذه المسارات يمكن أن تنتهي في غضون أيام لتحل محل هذه القضية التي يراهن البعض على الوقت لامتصاصها زوابع أخرى لتخفي غابة من الإشكالات التي تعيشها التكوينات في مؤسسات التعليم العالي ذات الاستقطاب المفتوح وعلى رأسها كليات الحقوق التي تستقطب الآلاف كل سنة لأسباب لا علاقة لها في كثير من الأحيان بالرغبة والتوجيه المعقلن المدروس بقدر ما هي مدفوعة بإكراهات ضعف التكوين في اللغات وعدم التمكن من كفايات الالتحاق بالتكوينات ذات الاستقطاب المحدود ، مع انحسار في سوق الشغل في ظل عقم في ابتكار مهن جديدة وتنظيمها ، والتركيز على المهن التقليدية ، وركود في تجديد العرض الجامعي مؤسسات وتكوينات ،
ومنذ خطاب 20 غشت 2018 ، تم دق ناقوس الخطر الذي يشخص هذه الأزمة في علاقة التكوين بسوق الشغل حين قال جلالة الملك ” لا يمكن أن نقبل لنظامنا التعليمي أن يستمر في تخريج أفواج من العاطلين خاصة في بعض الشعب الجامعية التي يعرف الجميع أن حاملي الشهادات في تخصصاتها يجدون صعوبة قصوى للاندماج في سوق الشغل وهو هدر صارخ للموارد العمومية ولطاقات الشباب مما يعرقل مسيرة التنمية ويؤثر في ظروف العديد من المغاربة “
والصورة الفاقعة لهذا التشخيص الدقيق تلك التي تمثلها مشاركة الاعداد الهائلة من خريجي كليات الحقوق في مباراة المحاماة إذ شارك في نسختها الأخيرة المثيرة للجدل حسب تصريحات الوزير أكثر من 46 الف للتباري على 2000 مقعد ، ومن المنتظر أن يتضاعف هذا العدد خلال المباراة القادمة الخاصة بالمنتدبين القضائيين ، وغيرها من المباريات التي يتزاحم على أبوابها عشرات الآلاف مقابل حاجة ضعيفة لسوق الشغل ،
لقد أطلق هذا الخطاب دينامية جديدة لإحداث التحولات المطلوبة في علاقة التكوين بسوق الشغل استمرت ثلاث سنوات تم خلالها تشخيص الوضع وتقديم مشروع متكامل لأجرأة التوجيهات الملكية بإطلاق نظام جديد للتكوين في الإجازة بإعتماد نظام الوحدات والأرصدة عوض نظام الفصول والسنوات، وتقوية حضور اللغات والمهارات الحياتية في جميع التكوينات الجامعية ، واعتماد نموذج بيداغوجي جامعي مرن يمكن من تكييف التكوينات حتى تستجيب لحاجة سوق الشغل المتغيرة والمتحولة ، نظام يدعم أكثر الاستقلالية البيداغوجية للجامعات وشراكاتها مع محيطها الاقتصادي والاجتماعي ، مع وضع رؤية متوسطة وبعيدة المدى للخريطة الجامعية الوطنية بتشاور وشراكة مع الجهات مكنت من إحداث مؤسسات جامعية من الجيل الجديد ( 30 مؤسسة جديدة ) ،
وضمانا لاستدامة هذه التوجهات في التعليم العالي تم التأسيس لها بإرساء نظام جديد للبرامج والمناهج في التعليم ما قبل الجامعي ،
نظام يقوم على التمكن من اللغات الوطنية والأجنبية وتنويع العرض البيداغوجي في أفق إعادة النظر في نظام الباكالوريا برمته ،
وفي إطار هذا المنظور المندمج تم فتح مدن المهن والكفاءات في جميع جهات المملكة ( 12 مدينة ) لاستقطاب عشرات الآلاف من حاملي الباكالوريا وتكوين الأطر والكفاءات المهنية والتقنية لفائدة المقاولات الصغرى والمتوسطة ،
ولتحصين هذه التحولات الكبرى والاصلاحات الجوهرية تم تأطيرها بترسانة قانونية متكاملة وملزمة ، و إحداث عدد من المؤسسات وآليات التدبير والحكامة و التتبع والتقويم ،
والسؤال الذي يطرحه الفاعلون اليوم بقلق كبير هو الديمومة والإستمرارية والبناء على ماتحقق مع جرعات جديدة من التسريع والنجاعة مما يضمن حل إشكالية العلاقة بين التكوين وسوق الشغل على المدى المتوسط والبعيد ، كما دعا الى ذلك جلالة الملك في خطابة السالف ذكره ،
إن ما وقع في مباراة المحاماة سيتكرر في القريب والمتوسط في ظل القطائع التي تحدثها البرامج الحكومية في مسار الإصلاح ، ونكوصها كل مرة الى الإصلاح وإصلاح الإصلاح، ولذلك قرأ الجميع بتخوف المعطيات الواردة في تقرير والي بنك المغرب لسنة 2021 والذي نبه فيه إلى خطورة التراجعات والمراجعات التي ستحول دون تحقيق الأهداف المرسومة لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي ،،
الإشكال يمكن هنا والباقي تفاصيل ،

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *