fbpx

مغرب V S جزائر

مسرور المراكشي :

قد يظن القارئ إذا لم يكن في الأمر مواجهة كروية ، أن موضوع هذا المقال هو ملف الصحراء وهذا أمر طبيعي فعند ذكر البلدين يقفز مباشرة إلى دهن المستمع أو القارئ ملف الصراع العبثي حول الصحراء المغربية ، و لغم ترسيم الحدود أو قضية الصحراء الشرقية المشكل المؤجل ، أضف إلى ذلك هضر الطرفين لملايير الدولارات من أموال الشعب على شراء الأسلحة و تخزينها لليوم ” الموعود ” ، في الحقيقة هذا أمر يحز في النفس حيث تم إلغاء التاريخ و المنطق مع تمزيق الجغرافيا و تشتيت شمل آلاف العائلات الصحراوية على طرفي حدود البلدين ، فكل الحروب في إفريقيا تقريبا وضعت أوزارها إلا هذا الجرح بقي ينزف ، لماذا و إلى متى..؟ الله أعلم لكن نسأل الله اللطف باللشعبين الجارين ، لكنني ومع ذلك فلن أتحدث هنا عن هذا الملف رغم كونه هو لب الصراع ، بل سأقوم بفتح ملف الصراع الإعلامي بين النظامين حول قضية التنمية ، وهذه حرب أخرى سلاحها الصورة و لا تقل خطورة عن القصف بالدبابة و الصاروخ ، حيث يحاول كل طرف جاهدا إظهار مستوى التقدم و الرقي الذي تنعم به البلاد على مستوى الإقتصاد و البنية التحتية وغير ذلك ، و أن الشعب يعيش في بحبوحة من العيش السعيد الرغيد الذي يحسد عليه ، ثم يقوم إعلام الطرفين بهجوم معاكس يكذب فيه بعضهم بعضا ، فلا تسمع ولا ترى في الأخبار الرسمية أو بعض المواقع الموالية لها إلا ما ” يسرك ” سماعه عن أخبار الأخ الشقيق? : مثلا _ ( شعب جائع يلتقط قوت يومه من حاويات القمامة_ بنية تحتية مهترئة _ اقتصاد منهار _ اعتقال _ قمع اختطاف _ مخدرات دعارة…) ، أضف إلى ذلك مالذ وطاب من الشتائم و الغمز و اللمز ، المهم الحمد لله على كل حال والذي لا يحمد على مكروه سواه ، وهكذا أيها السادة الكرام قمنا بفضح بعضنا بعضا و كشفنا المستور من عيوبنا للعالم ، والحقيقة أن هذا الإعلام (المخدوم ) موجه للخارج ولا يسعى لكي يقنع المواطن العادي ” بالتنمية ” المزعومة ، لأن الشعوب ببساطة قد تنخدع بعض الوقت لكن ليس كل الوقت..! لهذا قامت عدة انتفاضات في البلدين للمطالبة
بتصحيح الأوضاع السياسية و الإجتماعية المتردية ، ففي عام 1988 قامت ثورة في الجزائر للمطالبة بتغيير الأوضاع الإجتماعية والسياسية ، وسقط فيها مع الأسف مئات القتلى ثم استجاب الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد لمطالب الشعب ، فكانت انتخابات نزيهة و شفافة بكل صدق والتي فازت بها جبهة الإنقاذ الإسلامية ، ثم جاء الإنقلاب العسكري الدموي بدعم فرنسي لا مشروط ، وأنتم تعرفون بقية القصة المأساوية ( آلاف القتلى و المفقودين و حل جبهة الإنقاذ ثم التراجع عن الديموقراطية…) ، واليوم يعود الحراك الشعبي في الجزائر بالملايين وبطريقة سلمية حاملا مطالب جيل ثوار عام 1988..! ؛ وفي المغرب حدثت كذلك عدة انتفاضات شعبية لكن أهمها هي ثورة حركة ( 20فبراير ) في عام 2011 ، وذلك بسبب الكم الجماهيري الهائل المشارك فيها من أبناء الشعب المغربي ، كما أنها تميزت بسلوك نهج سلمي متحضر ، هذا بالإضافة إلى العامل الخارجي الضاغط حيث كانت الأوضاع جد مشحونة بسبب اندلاع موجة ( الربيع الديموقراطي ) الذي انطلق من تونس و اجتاح العالم العربي كله ، فكانت بذلك استجابة فورية وتمت تلبية أغلب مطالب الجماهير المغربية الثائرة ، لكن اليوم مع الأسف هناك تراجع واضح و خطير عن مكاسب انتفاضة حركة (20 فبراير ) ، وذلك انطلاقا من تزوير الإنتخابات في مهزلة 8 شتنبر ، ثم قمع حرية التعبير في الصحافة الورقية و في وسائل التواصل الإجتماعي ، وزد على ذلك ضرب القدرة الشرائية للمواطن وسط موجة غلاء لم يسبق لها مثيل ، واليوم وفي هذه الأوضاع الإجتماعية المزرية وانسداد الأفق السياسي في ظل حكومة”لپاطرونا” أو ما يسمى ب ( زواج السلطة والمال) ، فهل ننتظر عودة حركة ( 20 فبراير ) نسخة 2023 أكثر نضجا لتذكرنا بمطالب الجماهير لعام2011..؟ أم أن الأمور ستتجه إلى إعفاء رئيس الحكومة الحالي الذي فشل في تدبير عدة ملفات وعلى رأسها الملف الإجتماعي ، ثم الدعوة إلى انتخابات مبكرة تعيد الحيوية للميدان السياسي المشلول ، طبعا هذا كله في علم الغيب لكن الذي نحن متأكدين منه هو تدهور الوضع المعيشي في الجزائر والمغرب بالنسبة للطبقة الفقيرة وحتى المتوسطة ، باستثناء طبقة المترفين فلا خوف عليهم من غلاء و بلاء? المهم دعك من هذا التراشق الإعلامي بين النظامين و المزايدة في قضية التنمية البشرية وغيرها ، إن مجرد مقارنة بسيطة بين ” جزائرهم ” و ” مغربأونا ” مع مملكة ” بلجيكا ” كافية كي نصاب بصدمة تجعل كل جزائري ومغربي يطأطئ رأسه خجلا و يغرق في بحر من الذل ، إن التقرير الأممي للتنمية البشرية بيانات عام 2019 المنشور في سنة 2020 تجعل ” بلجيكا ” في المرتبة ” 13 ” وهي جد متقدمة على الدولتين بفارق يندى له جبين كل حر غيور على وطنه ، حيث الجزائر بلاد ( البترو دولار ) في المرتبة ” 91 ” والمغرب بلاد ( الفوصفو دولار ) يحتل المرتبة (121 ) ، لقد تعمدت اختيار هذه الدولة الأوروبية الصغيرة
للمقارنة ، فمن حيث المساحة لا تتعدى30528 كلم مربع وعدد السكان 11مليون نسمة و مستوى الدخل الفردي و المعيشي لا يقارن بمستوى عيش ولا دخل ( بوزبال ) عندنا أو عندهم ??.. ليس عند بلجيكا لا غاز ولا بترول ولا فسفاط ولا معادن ولا شواطئ تمتد لألآف الكيلومترات ولا موقع استراتيجي ، فعددهم قليل و مساحة بلادهم قليلة و كلامهم قليل لكن خيراتهم كثيرة و أموالهم كذلك ، أما نحن عندنا مساحة الأراضي كبيرة و عدد سكاننا كبير و خيراتنا كثيرة لكن الشعب لا يستفيد إلا من الكلام الكثير و الثرثرة الإعلامية الفارغة..!!
مسرور المراكشي ينصح الجزائر والمغرب ويقول لهم بالدارجة المغربية الراقية والجميلة : _ ( أطليو طليتكم أو سكتو أو باركا من النفيخ أو الفوحان الخاوي ، أو لمزايدة الفارغة ، اعطيو للشعب حقو من خيرات لبلاد أو ردو الأموال المسروقة أو دخلوا الشفارة لكبار للحبس أو خليو عباد الله اتنفس أو تهضر ..بلا هاد الشي راه مكاين لا تنمية بشرية ولا يحزنون)
ملاحظة :
* مصطلح ( الفوصفو دولار)
يعني الفوسفاط والدولار كلمة مسجلة حقوق الطبع محفوظة…

اترك رد