موسم السعار
بقلم ابو ايوب
لا يجادل او يختلف اثنان في كون العلاقات الثنائية بين الجزائر و المغرب ، و بين هذا الاخير مع ما تبقى من دول الجوارين الاقليمي ( تونس و موريتانيا…) و الجهوي( دول الاتحاد الاوروبي ) ، هي علاقات جد متوترة بلغت حد فرض عقوبات و تنزيل اجراءات ، و اصدار احكام قضائية و قرارات سياسية تصب في مجملها ضد المصالح العليا للمغرب ….توترات لم تعهدها المنطقة منذ الستينيات ( الحرب الجزائرية المغربية او ما سمي بحرب الرمال سنة 1963) ، و ليس بنية الاطراف المعاكسة التخفيف من الضغوطات كردة فعل على الضغوطات المضادة التي مارسها المغرب في ملفي الهجرة و تجميد التعاون القضائي و الامني الاستخباراتي ( محاولة لي دراع اسبانيا و المانيا و فرنسا مثال) ، بل هي تسعى بتقديري الى المزيد منها في اكبر عملية قص اجنحة و تقليم اظافر لفرض امر واقع .
المنطقة المغاربية تعيش اليوم على صفيخ ساخن لا احد بامكانه التكهن بارهاصاته و تداعياته على الامن الدولي و الاستقرار الاقليمي …علاقات متوترة بين المغرب و تونس …متذبذة مع موريتانيا….و أكثر من ساخنة مع الجزائر ان لم اقل قابلة للانفجار في اي لحظة ، تبادل الاتهامات بين الجانبين اصبحت حديث الساعة في وسائط التواصل الاجتماعي ، حيث تجند الكثير من صناع المحتوى للخوض في مسبباتها و اسبابها و تداعياتها الاقتصادية و الامنية و مخاطرها على استقرار المنطقة ، منطقة تعيش اجواء شبه حرب بالصحراء قابلة للتمدد رغم النفي الرسمي لها .
و قد يتطور الصفيح الى ما يشبه فوهة بركان اثناء الثوران متوعدا بقرب الانفجار و تأزيم المؤزم اكثر ، ما يعزز الطرح التصريحات الاخيرة التي ادلت بها السيد بهيجة السيمو مديرة الوثائق الملكية ، خصت بها وكالة المغرب العربي للانباء حيث اعلنت تحوز المملكة على وثائق و رسائل و معاهدات و ظهائر …تثبث أحقية المغرب في الصحراء الغربية المغربية و مناطق بالصحراءالشرقية اقتطعتها فرنسا من المغرب ابان احتلالها للجزائر ، في اشارة واضحة لتندوف و بشار و لقنادسة و عين بيضا ، مؤكدة ان هذه الظهائر سلطانية و الوثائق الرسمية تعود لقرون و ليست وليدة اليوم .
تصريح السيدة بهيجة بتقديري سكب للبنزين على النار و خرجة غير موفقة ، خرجة شبيهة بتصريح الدكتور الريسوني الرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء الاسلام ، من شأنها تأزيم الوضع اكثر مما هو عليه الحال ، و معه تطرح اكثر من علامة استفهام كبرى حول التوقيت و دوافعه و الاهداف المتوخاة ، و في الوقت ذاته يمكن فهمه اعلان حرب غير رسمي حمال رسائل للجزائر .
تصريح التحوز و التملك هذا يجد سندا له في الدستور المغربي الذي يقول بالحدود الحقة للمملكة ، و ليس الحدود الموروثة غداة الاستقلال ، منطق رغم احقيته و صوابيته يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة و القانون التأسيسي للاتحاد الافريقي ، بالتالي يسمح للاطراف المعاكسة وصف المملكة بالبلد التوسعي على حساب الغير ، فضلا عن اتهامه بعدم احترامه للمعاهدات و الاتفاقيات الثنائية بشأن الحدود مع الجزائر و الموثقة بالأمم المتحدة ( 1970/1971/1972 مثال) ، و هذا كفيل بفتح ابواب جهنم على مصراعيها
اي بمعنى ، فتح جبهة عسكرية جديدة بالشرق المغربي ، تنضاف للجبهة الجنوبية مع البوليساريو توسعة لنطاق حرب تسعى اليها اسرائيل جاهدة ، كردة فعل عن الخيبة و الانتكاسة التي تعرضت لها بالاتحاد الافريقي ، وهذا ما يعطي الانطباع بان المغرب يدفع دفعا و يساق لشن حرب بالمنطقة هو في غنى عنها و لا تخدم البتة مصالحه الجيوستراتيجية ، صحيح ان باستطاعة اسرائيل مده بالسلاح و الذخيرة و المشورة و الخبرة و توفير المعلومات الاستخباراتية ….كما هو صحيح ايضا ان اسرائيل لن تبعث جنودها للقتال الى جانب المغرب سواء بالصحراء او ضد الجزائر ، فيما يبقى الأكيد المؤكد رفض اوروبا و امريكا و حرصهما الشديد بضرورة تجنب بؤرة اخرى للصراع العسكري بشمال افريقيا .