لحظات من الصمت المريب !!!
بقلم: خالد الصمدي
ينتظر المتتبعون للشأن التعليمي كل خميس برمجة نص من النصوص التشريعية ذات الصلة بتنزيل مقتضيات القانون الإطار لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، فيعودون بعد صدور بلاغ مجلس الحكومة بخفي حنين ،
علما بأن هذا التنزيل يمر عبر إعداد مخطط تشريعي مندمج ومتدرج يتم بموجبه إخراج النصوص التنظيمية ذات الصلة بهذا القانون الى حيز الوجود لمواكبة أوراش الإصلاح وفق خارطة طريق متدرجة قريبة ومتوسطة المدى ،
وإذا كان القانون الإطار ينص على ضرورة إخراج هذه النصوص التطبيقية في غضون ثلاث سنوات من تاريخ صدور هذا القانون في الجريدة الرسمية أي قبل نهاية شتنبر 2022 ،سواء ما تعلق منها بمراجعة وتحيين النصوص القديمة لتتلاءم مع مقتضياته أو النصوص الجديدة التي تطلبها التحولات التي جاء بها هذا القانون ، دون أن تدخل الحكومة اي تعديل على هذا المقتضى القانوني الملزم مما يطرح سؤال المرجعية القانونية لما تقدم عليه القطاعات الحكومية من إجراءات تنفيذية ،
وإذا كان هذا المخطط التشريعي بالإضافة إلى خارطة الطريق قد تم إعدادهما من طرف الحكومة السابقة والمصادقة عليهما من طرف اللجنة الوزارية التي يرأسها رئيس الحكومة المحدثة بموجب مرسوم ينص على ضرورة انعقادها مرتين في السنة على الاقل ، بل وتم بموجب ذلك إخراج مجموعة من المراسيم الى حيز الوجود دون أن تعمل الحكومة الحالية على تنفيذها ( مرسوم إحداث اللجنة الدائمة للبرامج ، ومرسوم إحداث المجلس الوطني للبحث العلمي ) اللذين لم يخرجا إلى حيز الوجود لحد الساعة ، وغيرها من النصوص التي تم إحالتها إلى المجلس الأعلى لإبداء الرأي بشأنها وقد فعل ،
وكان الرأي العام يواكب هذه التطورات من خلال الندوات الصحفية التي كانت تعقد في ختام أشغال هذه اللجنة والبلاغات الصحفية التي تصدر عنها ،
ومن خلال البلاغات التي كانت تصدر عن مجالس الحكومة والتي كانت لا تخلو في الغالب من نص له علاقة بالتربية والتكوين والبحث العلمي ،
فإن حالة من الصمت المطبق سادت هذا الملف بعد توقف هذه اللجنة الوزارية عن الانعقاد والعودة بالملف الى التدبير القطاعي في وزارتي التربية الوطنية والتعليم العالي بعد أن كان التدبير يتم بمنطق منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي والتي كان يشترك فيه 18 قطاعا حكوميا ومؤسسات عمومية وقطاع خاص ، مما أفقد هذا التدبير طابع الالتقائية والحكامة التي جاء القانون الإطار ليبنيها ويرسخها، ويقطع مع سياسة الإصلاح وإصلاح الإصلاح ،
فهل اختارت الحكومة الارتداد عن هذا المنطق في التدبير والرجوع الى الوراء من التدبير التشاركي الى التدبير القطاعي ؟
إن حالة الصمت التي يعرفها ملف التربية والتكوين والبحث العلمي على مستوى الحكومة خاصة على المستوى التشريعي يطرح أكثر من علامة استفهام حول رؤيتها لتنزيل هذا الإصلاح الجوهري الذي دخل فيه المغرب منذ سنوات ، ومكانة هذا القطاع الذي تم التنصيص على أولويته في البرنامج الحكومي ، بالمقارنة مع ورشي الاستثمار والحماية الاجتماعية ، علما بأن كل أوراش التنمية لا يمكن أن تعرف إقلاعا حقيقيا دون المرور عبر بوابة إصلاح المنظومة التربوية الذي يزودها بالكفاآت البشرية اللازمة،
إن توقف المخطط التشريعي و من ثم التنزيل المندمج لخارطة الطريق يؤذنان بخراب عمران ما تم تحقيقه من خطوات على درب تفعيل الإصلاح ،
وهو ما جعل المالكي في أول كلمة له يرفع أمام أعضاء المجلس الأعلى تحدي التراكم والإستمرارية ، وجعل الجواهري يدق ناقوس الخطر أمام جلالة الملك حول التراجعات التي تهدد تحقيق أهداف الإصلاح في الآماد المرسومة ، دون أن يكون لموقفيهما أثر على مستوى التدبير الحكومي عبر البوابة التشريعية و منهجية التنزيل ، مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول مآل الإصلاح وصيرورته ؟؟؟؟