fbpx

مشروع المؤسسة المندمج بين التنظير و الممارسة

 

د : عبد الرزاق لعوج *

يعتبر مشروع المؤسسة  و ثيقة إدارية و تربوية جد مهمة لكل مؤسسة تعليمية في جميع أسلاك التعليم العمومي بالمغرب؛ سواء  بالسلك الإبتدائي أو بالسلكين الثانوي الإعدادي و الثانوي التأهيلي . وتتجلى أهمية هذه الوثيقة في كونها البوصلة الأساس لجميع المشاريع التربوية؛ و التي تتغيى تجويد التعلمات و الرقي بالمؤسسة التعليمية . إن مشروع المؤسسة المندمج هو مشروع يهدف إلى تجويد  التعلمات وتحسين مؤشرات التمدرس من خلال التركيز على مجالات عمل ستمكن من تحقيق ملائمة البرامج التعليمية من خلال اعتماد منهجية جديدة ترتكز على تعبئة المتدخلين قصد تشجيعهم على اعتماد ممارسات جديدة في مجال التدبير المدمج و المناهج التربوية المتمحورة حول التلميذ.                       

ما مفهوم مشروع المؤسسة المندمج ؟

ما السياق العام و المرجعيات المؤسساتية المؤطرة لمشروع المؤسسة المندمج؟

و ما الأوراش التربوية الكبرى و سبل إدماجها في مشروع المؤسسة المندمج؟

1-مفهوم مشروع المؤسسة المندمج :

يقصد بمشروع المؤسسة المندمج جميع العمليات المرتبطة : بالتوحيد ؛ و الترسيخ ؛ و ضبط تمفصلات المهام و الأنشطة الهادفة إلى نجاح المشروع؛ وذلك في إطار التدبير الأفقي

  بمعنى التنسيق المتناغم لأفعال مختلفة . ويندرج مشروع المؤسسة المندمج في إطار التوجهات الاستراتيجية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ؛ وهي توجهات هدفها الأساس اعتماد اللامركزية و اللاتمركز باعتبارها خيارا استراتيجيا ؛ سيسهم في جعل المؤسسة التعليمية مربط الفرس و نقطة ارتكاز المنظومة التربوية و تجويد العملية التعليمية التعلمية . و الآلية الكفيلة بتنزيل مختلف البرامج و المشاريع التربوية و تحسين جودة التعلمات و إنماء كفايات المتعلمات و المتعلمين .                       

تماشيا  مع التوجه الطموح للوزارة في إطار مقاربة شمولية للرؤية الاستراتيجية 2015-2030؛ وتنزيل مضامين القانون الإطار 51.17 وأجرأة جميــــــع التوجيهـــــــــــــــــات الرسمية المنبثقة عن خارطــــــــــــــــــة الطريق 2022-2026.                                                              

2-السياق العام و المرجعيات المؤسساتية المؤطرة لمشروع المؤسسة المندمج :

أ – السياق العام :

*التوجيهات الملكية السامية :

المرتبطة بقضية التربة والتكوين ؛ خاصة خطابي ذكرى ثورة الملك و الشعب و عيد العرش 2018-2019 ( ضرورة تحسين مردودية منظومة التربية و التكوين ؛ و تقليص الفوارق المجالية و دعم التمدرس ؛ و تعزيز اللامركزية و اللاتمركز والاهتمام بالتوجيه و التعليم الأولي… )                                                                                          

*أحكام الدستور المغربي 2011:

من خلال التنصيص على تفعيل أحكام الدستور المغربي الجديد ؛ خاصة ما يتعلق منــــــــه بترسيخ الحكامـــــــة الجيــــــــــــــــــــــــــــدة ؛ و تيسير أسباب الاستفادة العادلة من الحق في الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة ؛ و اعتبار التعلم الأساس حق للطفل وواجب على الأسرة والدولة…                                                              

ب – المرجعيات المؤسساتية المؤطرة لمشروع المؤسسة المندمج :

*الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم 2015-2030:

من خلال الرافعة 15 التي تنص على مأسسة مشروع المؤسسة ؛ مع ضرورة تحديد دور كل طرف – جميع الفاعلين – في إطار فرق عمل فاعلة و منسجمة؛ إضافة إلى إرساء الاستقلالية لكل مؤسسة على حدة.                                                       

*القانون الإطار 51.17:                                                                              

تم إصـــــــــــــــــــــــدار هدا القانون من أجل تنظيم و تفعيل مختلف العمليات التدبيرية و التربوية الهادفة إلى تحسين التعلمات لجميع المتعلمين ؛ باعتباره الأداة الأساس لأجرأة السياسات التربوية داخل كل مؤسسة مع مراعاة خصوصياتها و متطلبات انفتاحهــــــــــــــــــا على محيطها ؛ و يتضح ذلك جليا في الباب السابع المتعلق بحكامــــــــــة

 المنظومة ؛ ومن خلال المادة 40 على الخصوص التي يتأكـــــــــــــــــــــــــــــــد منها على إرساء استقلالية مؤسسات التربية والتعليم؛ باعتماد مشروع المؤسسة لتنميتها المستمرة و تدبيرها الناجح.                                                                                        

*خارطة الطريق 2022-2026:

جاءت خارطة الطريق خلال الولاية الحكومية الحالية لإصـــــــــــــــــــلاح أعطـــــــــــــاب التعليـــــم العمومي بالمغرب خلال مدة زمنية محددة وهي 2022-2026؛ تحت شعار مدرسة دات جودة للجميع

وترمي خارطـــــــــــــــــــــة الطريق الجديدة، حسب المعطيات المتوفرة، إلى تحقيق ثلاثـــــــــــة أهداف أساس ، وهي تحقيق إلزامية التعليم، وضمان جودة التعلمات الرئيسة ؛ وتعزيـــــــــــــــــــز التفتــــــــــــح والانفتاح والمواطنة.                                                                                              

*المذكرة الإطار 087.21:

أصدرت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي و الرياضة مذكرة تتعلق بمشروع المؤسسة المندمج تحت رقم 087.21 بتاريخ 6 أكتوبر 2021 في شـــــــأن تعميـــــــــــــم العمـــــــــــــل بمشروع المؤسسة المندمج.                                                                                              

وتعتبر هذه المذكرة الوزارية الجديدة امتدادا لمشاريع سابقة انطلقت منذ تسعينات القرن الماضي ؛ وذلك عبر العديد من التجارب و الأعمال:                                                       

*مرحلة تبني مشروع المؤسسة للرفع من جودة التعليم : 1994-2007

*مرحلة الإغناء و التطوير:2008-2012

*مرحلة تعميم منهجية العمل بمشروع المؤسسة:2013-2015

3 – مواصفات مشروع المؤسسة المندمج :

*الإطار المنهجي : الموجه لمجهودات جميع الفاعلين التربويين و الشركاء.

*الآلية العملية : الضرورية لتنظيم و تفعيل مختلف العمليات التدبيرية الهادفة إلى تحسين جودة التعلمات لجميع المتعلمين.

* الأداة الأساس : لأجرأة السياسات التربويـــــــــــــــــة داخل كل مؤسســــــــة للتربيــــة و التكويــــــــن ؛ مــع مراعاة خصوصياتها و انفتاحها على المحيطين الداخلي و الخارجي.

*المقاربة النسقية الشاملة : يشكل مشروع المؤسسة المندمج نظاما نسقيا مؤلفا من مكونات مترابطة و متفاعلة فيما بينها. فهو عبارة عن آلية لتنظيم مختلف العمليات الإدارية و التربوية و إنجازها.

*مشروع المؤسسة كإطار تكاملي: يتضمن مشروع المؤسسة المندمج المعطيات الداخلية للمؤسســة و معطيــات محيطهـــا المحلي ؛ ضمن إطار تكاملي ؛ من أجـــل تحسيـــــــن الجودة داخل المؤسسة .                                                                                           

4 – مختلف الأوراش التربوية  و سبل إدماجها في مشروع المؤسسة المندمج :

إن الهدف الأساس من العمل بمشروع المؤسسة المندمج هو الرقي و إعادة التأهيل على ثلاثة مستويات:

* المستوى التربوي :

تشجيع ثقافة المبادرة و التجديد و تنمية المهارات الحياتية لدى المتعلمات و المتعلمين . و تأمين التعبئة القصــوى للأطر التربوية و الإدارية و الشركاء من أجل تحسين التعلمات ؛ و  تعزيز جودة التعلمات المدرسية بتطبيقاتها في شتى مجالات الحياة العملية.                   

*على مستوى التدبير :

إرساء قواعد الحكامة التربوية الجيدة و التدبير عن قرب و التدبير بالنتائج.

*على المستوى المنهجي :

دعم القدرة على تخطيط المشاريع و تنزيلها من أجل الارتقاء بأداء المؤسسة و جودة التعليم و التعلم. واعتمــــــــاد مقاربــــــة تصاعديــــة في تخطيط المشروع انطلاقــــــــــا من حاجات المؤسسة و أولوياتها؛ في توافق مع توجهات إصلاح منظومة التربية والتكوين.     

  *: الدكتور عبد الرزاق لعوج فاعل تربوي                             

                              

ويمكن التأكيد على أن مشروع المؤسسة الناجح لابد من استحضاره لحافظة المشاريــــع   كعملية تنزيلية لمضامين القانون الإطار51.17 ؛ بالإضافة إلى الرافعات الكبر ى لإصلاح

منظومة التربية والتكوين – الرؤية الاستراتيجية – الهادفة إلى الرفع من مستوى التعليم و المتعلمين. ولا يمكن تحقيق هذا إلا من خلال مقاربات تتجلى في : الحكامة الجيدة ؛ التمكين و الاستقلالية ؛ جودة الخدمات المدرسية ؛ المقاربة التشاركية و تقاسم الممارسات المهنية…                                                                                                                

إن الغاية الكبرى من مشروع المؤسسة المندمج هي جعل المتعلم في قلب الاهتمام و التفكير و الفعل؛ وذلك بتوفير الشروط و السبل أمام المتعلمين و المتعلمات للتمكن من صقل ملكاتهم وأن يكونوا متفتحين مؤهلين و قادرين على التعلم والإبداع والبحث مدى الحياة  في مجالات الفن والثقافة والعلوم والتقنيات . بالإضافة إلى  القدرة على بناء المشروع الشخصي و السعي إلى تحقيقه؛ من أجل إنماء كفايات التواصل و الثقة بالنفس والانفتاح على الآخر…

اترك رد