أحداث جد مقلقة….هل يتعلق الامر باستفزاز ام ابتزاز ؟
بقلم ابو ايوب
الخطاب الرسمي للمغرب بخصوص القضية الوطنية يقول بأن الامر محسوم ، و ان لا حل للمشكلة سوى مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية ، و هذا ما اكد عليه العاهل المغربي في الخطاب الملكي ليوم 20 غشت 2022 بمناسبة تخليد ذكرى ثورة الملك و الشعب ، فضلا عن ان القضية هي المنظار الذي ينظر به المغرب في علاقاته الخارجية مع حلفائه التقليديين و الجدد ، و عليهم بالتالي ، الخروج من المنطقة الرمادية و اعلان موقف صريح من القضية الوطنية .
القول بحسم الموضوع يثير الكثير من التساؤلات في ظل تواتر الاحداث إن على الصعيد الاقليمي ، لا سيما بعد بروز دور موريتانيا كفاعل اساسي جنبا الى جنب مع الجزائر و تونس بدرجة اقل ، أو على الصعيد الاوروبي بما شمل البرلمان و محكمة العدل الاوروبيين ، او قاريا من خلال المواقف التي عبرت عنها الدول الاكثر تأثيرا في القرار الافريقي ( جنوب افريقيا.كينيا.انغولا و نيجيريا…، مواقف وصلت حد المطالبة بتجميد عضوية او طرد المغرب من الاتحاد الافريقي ” ج.افريقيا” ، او من خلال تفاعلات القضية أمميا من الزاوية القانونية و ميثاق الأمم المتحدة ، فضلا عن الجانب الحقوقي الانساني ( الحقوق السياسية و الحقوق المدنية).
ما سوف نستعرضه اليوم من مستجدات طارئة ، يزكي طرح التساؤلات كما قد يفنذ امر الحسم ان لم اقل يؤجله الى اجل مسمى بمعنى ، طالما ان القضية لا زالت متداولة ليومنا هذا في مختلف المحافل الدولية ، فالامر لم يحسم بعد وفق المنطق و العقل ، اذ ان حسم الامر يتعارض جملة و تفصيلا مع مواصلة التداول ، اللهم الا اذا كان امر الحسم هذا ينطبق على المحافل الدولية المداولة للقضية !
* بداية الاسبوع الجاري ، الرئيس الموريتاني ولد الغزواني يستقبل بالقصر الرئاسي بنواكشوط العاصمة ، ( وزير الخاريجية الصحراوية ولد السالك حاملا رسالة من ابراهيم غالي رئيس الجمهورية لنظيره الموريتاني ، تتعلق بالقضايا ذات الاهتمام المشترك و على رأسها قضية الصحراء الغربية بحسب نص بيان القصر الرئاسي الموريتاني ) ، موقف موريتانيا من القضية ليس وليد اليوم بل يعود لسنة 1979 ، تاريخ التوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار مع البوليساريو و ابرام معاهدة سلام و اعتراف رسمي بالبوليساريو ممثلا شرعيا وحيدا لساكنة الصحراء ، ثم تطور الامر الى اعتراف رسمي بالدولة الصحراوية سنة 1984 . بالتالي تنازل موريتانيا عن ادارة اقليم وادي الذهب ، و تنصلها من تحمل تبعات ما اقدمت عليه خطوة ، يعتبر ضربة موجعة لاتفاقية مدريد الثلاثية بينها و المغرب و اسبانيا المستعمر السابق للصحراء
* بحر الاسبوع هذا ، وثق لزيارة رسمية انطلقت من العاصمة الرباط في اتجاه العيون ، زيارة اربعة وفود ديبلوماسية تمثل سفارات كل من النرويج و السويد و الدانمارك و فلندا لعاصمة الصحراء ، حيث اجتمعت لمدة ساعتين و نيف مع ممثلين عن منظمة كوديسا على رأسهم ولد التامك ، حيث جرت مناقشة الوضع الحقوقي للصحراويين . للاشارة منظمة كوديسا تعنى بمسألة حقوق الانسان بالصحراء و تترأسها اميناتو حيدر ، و هي منظمة غير حكومية مقرها بالعيون و تجهر بمطالبتها باستقلال الصحراء عن المغرب ، مواقفها داعمة و مساندة لجبهة البوليساريو و قيام الدولة ، كما علينا ان نستذكر ايضا مواقف هذه الدول الاسكندنافية من قضية الصحراء ، و هي في شموليتها مواقف داعمة لجبهة البوليساريو ، ما يعزز الطرح هذا ، قرارات برلمانات هذه الدول مجتمعة التي أجمعت على تمكين الساكنة من حق تقرير مصيرها برعاية أممية . بالتالي السؤال يفرض نفسه عن اسباب و دواعي و مبررات الترخيص لهكذا وفود رسمية بزيارة بوليساريو الداخل ؟ في الوقت الذي تمنع فيه وفود صحافية و اعلامية و حقوقية دولية من زيارة الصحراء !!! ام ان الامر يتعلق بضغوط مارستها دول بعينها ؟ و في كلتى الحالتين تعتبر الخطوة الاسكندنافية مستفزة ايما استفزاز للمغرب .
* بالأمس قبل نهاية الاسبوع الجاري ، مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة بجنيف السويسرية ، يعقد جلسة برمجت فيها مسألة حقوق الانسان في الصحراء الغربية بحسب نص البيان ، حيث استعرض مندوبو الدول المشاركة في الاجتماع مواقف بلدانهم من قضية الصحراء ، مطالبين بضرورة معالجة الوضع الحقوقي بالاقليم ، في اشارة واضحة الى امكانية قيام الأمم المتحدة بتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الانسان بالصحراء . و تجدر الاشارة الى الدور الذي لعبته الجزائر بعد انتخابها عضوا بالمجلس مؤخرا ، دور خلق شبه اجماع على تأييد القضية الصحراوية و حق تقرير المصير و التعجيل بتنظيم استفتاء برعاية اممية .
* اواسط الاسبوع الجاري ، قدم ( سفير ج.الصحراوية اوراق اعتماده ) للرئيس الجديد لجمهورية كولومبيا بالعاصمة بوغوتا ، اثناء حفل الاستقبال اعلن رئيس بوليفيا عن دعمه و مساندته المطلقة لحق تقرير مصير الشعب الصحراوي و اقامة دولته المستقلة بحسب نص البيان ، على اثر الحدث ، صرحت السفيرة المغربية المعتمدة بكولومبيا لبعض وسائل الاعلام المحلي قائلة ( الصحراء خط احمر و على بوليفيا ان تفهم هذا جيدا ….) ، تصريحها اعتبرته الكثير من الاوساط الحزبية و الحكومية تدخلا سافرا في شؤون البلد الداخلية ، مطالبين في نفس الوقت باتخاذ اجراءات ردعية وصل البعض منها حد المطالبة بطرد السفيرة و قطع العلاقات. للتذكير جمهورية كولومبيا ارتبطت بعلاقات متميزة مع المغرب قبل وصول اليسار لسدة الحكم ، شانها في هذا كشأن اكثرية الدول اللاثينوامريكية ، وهذا ما ينطبق ايضا على بلدان امريكا الجنوبية كالمكسيك المعترفة بالخصم ، او البرازيل السائرة في هذا النهج في ظل حكم الرئيس لولا دا سيلفا المنتخب حديثا لعهدة رئاسية رابعة ان لم تخني الذاكرة .
على ضوء ما سبق من مستجدات و حقائق و معطيات ، يمكننا الخروج باستنتاج واحد لا محيد عنه ، ان القضية الوطنية لم تحسم بعد بخلاف ما يروج له الخطاب الحكومي و مختلف القنوات الاعلامية ، بالتالي واهم هائم من يعتقد هذا ، و متوهم حالم بان الحسم اصبح حقيقة ، و تبقى الاخيرة حقيقة خروج من خالهم المغرب حلفاء له ، خروجهم بمواقف واضحة صادمة و علنية لا تمث بصلة للمصالح المشتركة مع المغرب.
ان ما اكدت عليه وزارة الخارجية الامريكية من دعم للمسلسل الاممي بالصحراء الغربية و سند لمساعي المبعوث الشخصي ديميستورا ، لا يقل اهمية عن الموقف المعبر عنه من طرف الاتحاد الاوروبي كمنظومة سياسية و اقتصادية ، كما جاء على لسان جوزيب بوريل الممثل الاوروبي للسياسات الخارجية و الامنية من العاصمة الرباط ، أثناء لقاءه بوزير الشؤون الخارجية السيد بوريطة ، كما هو متوافق ايضا مع الموقف الروسي المعبر عنه خلال زيارة لافروف وزير الخارجية الاخيرة لموريتانيا ، او ما صدر على لسان السفير الصيني بالجزائر اثناء لقاء جمعه بعمار بلاني الامين العام لوزارة الخارجية .