ملأ الفراغ طاقيا و الغاز عصبها و جيوستراتيجيا على ضوء تمدد المحور و الحلفاء على حساب تبدد المنظومة الغربية في شموليتها ( الازمة الأوكرانية مثال ) .

بقلم ابو ايوب


عقوبات اقتصادية غربية على روسيا رأس حربتها الماني بريطاني تتستر خلفه امريكا متزعمة الحلف و الادوات ، عقوبات بقدر ما هي تقويض و محاصرة للتمدد الروسي في مواجهة حلف شمال الاطلسي و محاولة تمدده باوروبا الشرقية ، بقدر ما هي قيمة مضاعفة تحسب لصالح المحور و الحلفاء الذي يعاكس الهيمنة الغربية على العالم ، اي بما معناه ان الغرب راهن على البترول كسلاح في الوقت الذي راهن المحور على الغاز كسلاح في اكبر عملية كسر عضام بين المحور و الحلف ، كيف ذلك ؟ .
الدول النفطية و على رأسها السعودية و امريكا ….راهنت في ظل البحبوحة المالية من عائدات النفط على محاربة التمدد الشيوعي الاشتراكي ….، تارة ضد الاتحاد السوفياتي البائد و ما صاحبها من توريطه في حرب استزاف بافغاستان مثالا و بقية الحكاية لا داعي لسردها ، أو من خلال الحد من الاندفاعة الصينية و الصين حليفة المحور ، و قد تجلى هذا في الحرب الشعواء على مشروعها طريق الحرير نحو مختلف بقاع العالم . مشروع صيني ضخم بملايير الدولارات هدفه الأساس وضع حد لهيمنة الدولار في الاسواق المالية و التعاملات التجارية .
اليوم الدول النفطية و التي هي في مجملها دول وظيفية تدور في فلك امريكا و تأتمر بأوامرها ( دول الخليج مثال ) ، و رغم البحبوحة النفطية في ظل ارتفاع الاسعار في الأسواق الدولية ، هي اليوم تعاني من ازمات عدة اكثريتها تهدد وجودها ( السعودية. الامارات و الحرب على اليمن مثال) ، في الوقت الذي يسجل فيه تموقع الدول المنتجة للغاز و فرض شروطها من زاوية تمدد محور على حساب تبدد حلف ( قرب الاعلان عن التوصل لاتفاق نووي مع ايران يرضي الاخيرة و يحافظ على ماء وجه امريكا متزعمة الحلف مثال) ، بالتالي يطرح السؤال عن موقع الادوات و محلها من الاعراب .
و على ضوء العجز الامريكي الغربي في مواجهة الدب الروسي ” اوكرانيا و اعتراف الروس بجمهوريتي …..و التنين الصيني و قضية تايوان ، و ما تولد عن هذا من ثباث و مجابهة صانع السجاد و مبتكر الشطرنج و الشيخ مات ( اشارة الى ايران و ما اصبحت تمثله من ثقل وازن في الساسية الدولية رغم الحصار و العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة عليها) ، فضلا عن حلفاء المحور في العراق و سوريا و فلسطين و اليمن و لبنان …..
اليوم أصبح بالامكان الجزم بان امريكا و المنظومة الغربية معها ( حلف شمال الاطلسي الذي اراد التوسع شرقا ) ، ليست بوارد اللجوء الى الخيار العسكري في مواجهة دول المحور ، بالتالي قد تصبح مكانتها على الصعيد الدولي محل مسائلة ان لم نقل في خبر كان و ما هي الا مسألة وقت قبل ان تتضح الرؤية ، دليل هذا عجز المنظومة الغربية عسكريا على فرض ارادتهه على روسيا و ارغامها على تقديم تنازلات و تعهدات بعدم التصعيد في الازمة الاوكرانية ، مقابل تنازلات امريكية غربية بمنطقة الشرق الاوسط و شمال افريقيا بخاصة في الملف السوري كمثال ( العصا و الجزرة من خلال المناورات البحرية و التعزيزات العسكرية الغربية شرق اوروبا مثال).
كما تجدر الاشارة الى ان من بين العقوبات الاقتصادية الغربية المزمع فرضها او المرتقب اتخاذها ، اغلاق انبوب الغاز الروسي نحو اوروبا و في حالة حصول هذا ، تكون اوروبا هي الخاسر الأكبر نظرا لاعتمادها على الغاز الروسي في ظل انعدام بديل موثوق ( قطر و امريكا مثالا ليس بامكانهما تأمين الأمن الغازي لاوروبا ) ، و في هذه الحالة سوف تقتصر العقوبات على دول من اسيا الوسطى لا تربطها علاقات اقتصادية قوية مع الغرب عموما ، فيما البديل الروسي جاهز لاجهاض مفعول العقوبات ( تحويل الامدادات الغازية نحو الشريك الصيني في انتظار استكمال مشروع الانبوب الثاني الروسي نحو الصين ) .
عجلة الاقتصاد العالمي اليوم عصبها الغاز خلاف ما كان عليه الحال سابقا حيث كان الاعتماد على النفط بالاساس ، و الغاز هذا قد يتسبب في حروب قد تصل لحرب نووية شرقية غربية ، براغماتية الغرب وفق لغة المصالح و في ظل تغير موازين القوى العسكرية لغير صالحه تحتم عليه البحث عن بدائل اخرى حفاظا على ماء الوجه و ما قد يتبقى من مصالح ، الدليل عدم القدرة على خوض حرب عسكرية بمفهومها الوجودي و ليس الحدودي ، تجسد من خلال طلب الغرب و على رأسه امريكا مواطنيها بمغادرة المنطقة ، و هناك اخبار تشير الى توجيه نصيحة غربية للرئيس الاوكراني بوجوب المغادرة حفاضا على امنه و حياته ( موقف ضعف حلف في مواجهة محور ) .
اليوم القمة السادسة للدول المنتجة و المصدرة للغاز التي انعقدت بقطر ، حملت رسائل طاقية عدة ذات بعد دولي جيوستراتيجي سوف يؤسس لعالم متعدد الاقطاب قطب الرحى فيه الغاز ( من يملك الغاز يفرض شروطه كما قلت سابقا ) ، قمة جمعت بين حلفاء المحور و ادوات الحلف و الغلبة فيها كانت لصالح المحور على حساب الحلف ، دليلي في هذا الحضور الجزائري الايراني النيجيري الروسي و ما يمثله هذا الحضور الوازن من ثقل طاقي غازي على الصعيد الدولي .
فضلا عن الرسائل السياسية المراد ارسالها عبر الاستقبال الرسمي الذي خص به الرئيس الجزائري و علاقة الامر بالقمة العربية ، او من خلال لقاءه بالرئيس الايراني ( دولة غازية و قطب رحى المحور ) ، و ما سوف يتبعها من زيارة الكويت و القمة الثلاثية الجزائرية المصرية الكويتية المرتقبة التي تستضيفها الكويت ( تبون. السيسي. امير الكويت) ، و الهدف حشد دعم عربي و تنسيق من اعلى المستويات من اجل انعقاد القمة العربية بالجزائر قبل نهاية السنة الجارية .
حرب الغاز هذه سواء من زاوية المقاربة الغربية او الشرقية كفتها تميل لصالح المحور الروسي الايراني الجزائري …، و هذا بالضبط ما تفطنت له امريكا ببرغماتيتها المعهودة حفاظا على مصالحها كاولوية ، لذا تراجعت الى الوراء كقوة عسكرية مكرهة اختك لا بطلة ، و في الوقت ذاته ارادت الحفاظ على مكانتها الطاقية كدولة غازية لها مكانتها من ضمن الدول المنتجة المؤثرة على الصعيد العالمي ، تاركة اوروبا خاصرة الغرب الرخوة بين فكي كماشة او لنقل تحت رحمة دول المحور ( روسيا شرقا. ايران جنوب شرق. الجزائر و نيجيريا جنوبا.
الاختصاص الامريكي بامتياز برغماتيتها في الحفاظ على مصالحها و سرعة تنصلها من حماية الادوات ( طعنة فرنسا في صفقة الغواصات مع استراليا احدث مثال ، و الأحدث تخليها اليوم عن اوكرانيا ان لن نقل بالتضحية بها على مذبح الهيكل كقربان للحفاظ على ما تبقى من هيبة و سطوة ) ، و لنا فيما سبق من التضحيات الامريكية بالسعودية و الامارات و توريطهما في حرب اليمن ، و ما سبقهما من قصة صدام و غزوة الكويت ، و ما نتج عن الاتفاقية الابراهيمة و التطبيع و بيع السراب للدول العربية المطبعة مثالا لا حصرا ! هذه هي امريكا و ميزتها الاساس سرعة تخليها و خذلانها للادوات مهما على شأنهم ( ليست هناك عداوات دائمة فقط المصالح التي تدوم و هذا لسان حالها منذ استقلالها )

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *