الإعاقة بالمغرب …حقوق مؤجلة

مفكير  عبد الرحيم

غير خاف على أحد أن مسألة الإعاقة قد حظيت باهتمام خاص داخل دستور المملكة لسنة 2011، وذلك من خلال التنصيص على منع التمييز على أساس الإعاقة، ودسترة الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للأشخاص في وضعية إعاقة. فتصدير الدستور الجديد يؤكد على التزام المملكة وحضر ومكافحة كل أشكال التمييز بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي. كما ينص الفصل 34 على أن تقوم السلطات العمومية بوضع وتفعيل سياسات موجهة إلى الأشخاص والفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة.

كما أكد المغرب بتصديقه على الاتفاقية الدولية لتعزيز حقوق ذوي الإعاقة على التزامه التام بترسيخ مسلسل المشاركة الاجتماعية للأشخاص في وضعية إعاقة. دون أن نغفل ما اقترحه البرنامج الحكومي والذي سيساهم في إعطاء دفعة إضافية بتكريسه لسياسة إرادوية تهدف النهوض بأوضاع الأشخاص في وضعية إعاقة وبأسرهم وبتطوير أشكال وآليات التدخل والعمل من خلال وضع استراتيجية وطنية للتنمية الدامجة وتحيين البحث الوطني حول الإعاقة والمصادقة على مشروع القانون المتعلق بتعزيز حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة وخلق صندوق لدعم مشاركتهم الاجتماعية.

وقد أعدت الوزارة الوصية مشروع قانون يتعلق بتعزيز حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والذي تضمن عدة اجراءات وتدابير تهم تمكين الأشخاص في وضعية إعاقة من الولوج إلى حقوقهم الأساسية في مجالات التربية والتعليم والوقاية والرعاية الصحية والتكوين والإدماج المهني والولوجيات والمشاركة في الأنشطة الرياضية والثقافية والترفيهية. وإلى جانب ذلك أنجزت الوزارة البحث الوطني الثاني حول الإعاقة الذي أعطيت انطلاقته سنة 2014، والذي تطمح من خلاله تمكين كافة الفاعلين من معطيات كمية وكيفية حول واقع الإعاقة والأشخاص في وضعية إعاقة ببلادنا.

ولقد كشف البحث الوطني الثاني حول الإعاقة الذي تم إنجازه خلال الفترة ما بين فاتح أبريل و30 يونيو 2014م ، أن نسبة انتشار الإعاقة على المستوى الوطني وصلت إلى 6,8 في المئة سنة 2014م. وأعاد للواجهة مساءلة الدولة والحكومات المتعاقبة وجمعيات المجتمع المدني عن هذا الملف ومدى الاستجابة لمطالب هذه الفئة التي تعاني التهميش والنظرة الدونية المجتمعية، ونجاعة الوسائل المعتمدة لإدماج ذوي الحاجات الخاصة في محيطهم الاجتماعي، وغرس ثقافة التعاون والتمساك الاجتماعي والتأهيل والتكوين والانخراط في إعداد برامج للتنمية بعيدا عن منطق ” الصدقة ” والإحسان الذي لن يساهم لا من قريب ولا بعيد في تجاوز التحديات وحل الإشكالات. والعمل على تحسين قدرات كل المتدخلين لتطوير وتكثيف سبل مواجهة الإعاقة والوقاية منها، ووضع برامج التأهيل والإدماج، إضافة إلى التفكير في إقرار نظام للتكفل متعدد الاختصاصات.

الإعاقة بالمغرب حسب نتائج البحث الوطني الأول :

بلغ عدد الأشخاص في وضعية إعاقة، حسب نتائج البحث الوطني حول الإعاقة، الذي أنجزته كتابة الدولة المكلفة بالأسرة والطفولة والأشخاص المعاقين، % 12,5 من مجموع سكان المغرب خلال شتنبر ,2004 أي ما يعادل مليونا و530 ألف شخص من العدد الإجمالي للسكان بالمغرب. وقد أنجز بمساعدة تقنية من مكتب الدراسات كريدس ومنظمة الإعاقة الدولية، بدعم من الاتحاد الأوروبي في إطار برنامج ميدا، واعتمد قاعدة الاستقراء التي تم استعمالها خلال الإحصاء العام الأخير للسكان والسكنى، أظهر أن كل أسرة من أصل أربعة معنية بالإعاقة.

معطيات رقمية :

وحسب المعطيات الرقمية التي قدمها البحث، فإن,58% من الأشخاص في وضعية إعاقة يعيشون في الوسط الحضري، مقابل 2‚41% في الوسط القروي، وأن % 16 منهم يتمركزون في السكن غير اللائق. ومن جهة أخرى، ذكر البحث ، الذي أنجز انطلاقا من عينة ممثلة تشتمل على أكثر من 54 ألف شخص، أن نسبة الإعاقة ترتفع بارتفاع معدل السن ، فهي تمثل نسبة % 2‚5 بالنسبة للفئة العمرية ما بين 0 إلى 14 سنة، وتصل إلى نسبة 4‚5% بالنسبة للفئة العمرية المتراوحة بين 15 و59 سنة، في حين تبلغ هذه النسبة 20‚5% بالنسبة لمن تتراوح أعمارهم ما بين 60 سنة فما فوق، وتعرف الإعاقة انتشارا أكثر لدى الذكور بنسبة 49‚5 % وعند النساء نسبة % 4‚75 كما أن الفتيان أقل من 16 سنة يمثلون 4‚9% من الأشخاص في وضعية إعاقة مقابل % 1‚6 من الفتيات. هذه الوتيرة تتأكد حتى 40 سنة، مما يفسر بدون شك تأثير حوادث السير ، وحوادث الشغل والإصابات الناتجة عن العنف في وسط المراهقين الذكور. وتنعكس الوتيرة عند ارتفاع السن، حيث نجد % 25 من النساء المعاقات لديهن أزيد من 40 سنة في مقابل 8‚24 % لدى الرجال. وتؤكد وتيرة ارتفاع انتشار الإعاقة تدريجيا مع السن، العلاقة بين الإعاقة والشيخوخة، إذ يسجل ارتفاع نوعي للإعاقة بين 21 و50 سنة. والذي يمكن تفسيره بكون الأشخاص المتراوحة أعمارهم بين 30 و50 سنة ولدوا بين 1955 و1975 خلال هذين العقدين، عرف المغرب انتشارا واسعا للأمراض المعدية والطفيلية وشلل الأطفال والرمد الحبيبي.

وذكر البحث أن هناك 2‚42% من الأشخاص في وضعية إعاقة ممن تتجاوز أعمارهم 15 سنة متزوجون، تشكل منهم نسبة الذكور 52% مقابل 6‚31% فقط من الإناث. وبالنسبة للتعليم، فقد ذكر التقرير أن 68% من الأطفال في وضعية إعاقة ما بين 4 و15 سنة غير متمدرسين، و87% من آباء هؤلاء الأطفال يعتبرون الإعاقة سببا لعدم تمدرس أطفالهم، وفيما يخص التشغيل، فيتعذر الولوج لسوق الشغل بالنسبة لما يعادل 2‚55% من الأشخاص في وضعية إعاقة حسب البحث والذين تفوق أعمارهم 15 سنة، كما أن 5‚39% من هؤلاء غير قادرين على العمل لأسباب طبية، بينما هناك 6‚15% من الأشخاص في وضعية إعاقة لم يتمكنوا من إيجاد عمل. وفي السياق ذاته، ذكر البحث أن 12% من الأشخاص في وضعية إعاقة منخرطون في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أو في تأمين تعاضدي.

وفي موضوع ذي صلة ، يعتقد 1‚61 % من الأشخاص في وضعية إعاقة، بأن التمثلات والمعتقدات السائدة في محيطهم تشكل حاجزا لاندماجهم، في حين عبر 76% من هؤلاء عن استحالة مشاركتهم في أنشطة مدرسية، زيادة على نسبة 74% عبروا عن عدم تمكنهم من ممارسة أية وظيفة، ويضيف البحث أن 3‚55% صرحوا بأن حاجتهم الأساسية تكمن في الاستفادة من الخدمات الطبية، كما عبر 5‚52% عن رغبتهم في الحصول على مساعدات مالية لمواجهة حاجياتهم الأساسية، ومن جهة أخرى، ذكر التقرير أن 14% من الأشخاص البالغين في وضعية إعاقة و7% من آبائهم وأوليائهم ينخرطون في جمعيات فاعلة في مجال الإعاقة.

الأمراض المكتسبة هي السبب الأول للإعاقة :

ويبرز من خلال البحث مدى تعقيد العلاقة بين القصور والوضعيات المعيقة، فمجموع الأشخاص في وضعية إعاقة، الذين تم استجوابهم يمثلون أزيد من 5 آلاف و500 حالة قصور، من بينهم 6‚45% لديهم إعاقة واحدة، و4‚54% لديهم أكثر من إعاقة، ويبقى القصور الحركي هو الأكثر انتشارا (%9‚51)، ثم الاستقلابي (%8‚31) المرتبط بأمراض القلب والشرايين، أو التنفسية أو المناعة… وفي الصف الثالث والرابع هناك القصور البصري يمثل 8‚28 %، والقصور الكلامي والنطقي % 25‚8 متبوع بالقصور الذهني 23%، ثم السمعي 3‚14%، وفي الأخير هناك القصور الجمالي 7‚4 %. والأسباب الأولى لوضعية الإعاقة المعلنة من طرف الأشخاص، هي الأمراض المكتسبة بعد الولادة بنسبة تمثل 4‚38 %، يليها الحوادث 4‚24 % وعلى رأسها حوادث السير، ثم حوادث الشغل ثم الناجمة عن التعقيدات الطبية، ثم العنف الاجتماعي أو الأسري، كما أن المشاكل التي تظهر خلال الحمل أو في ظروف الولادة تمثل 8‚22 % من أسباب الإعاقة، أما الأمراض الناجمة عن الشيخوخة فتمثل %14‚4.

وتختلف نسبة انتشار الإعاقة حسب المناطق التي شملها البحث، إذ تصل إلى نسبة 28‚6% في منطقة الحوز، و07‚8% في منطقة الشاوية، بينما لا تتجاوز نسبة 3‚2% في منطقة ماسة، وترتفع نسبة الأشخاص في وضعية إعاقة بالمراكز الحضرية الرئيسية في المغرب (الدار البيضاء الرباط سلا ومراكش، خصوصا داخل المدن)، وتشكل منطقة الدار البيضاء استثناء لهذا الثلاثي مع ارتفاع في معدل الانتشار داخل المناطق القروية المجاورة للبيضاء (6%)، قياسا بمناطقها الحضرية 9‚3%..

من أجل خطة عمل وطنية لإدماج الأشخاص المعاقين:

اعتمد البحث الوطني حول الإعاقة تعريف الإعاقة كما تبنته المنظمة العالمية للصحة ، والذي يعتبر “الإعاقة تقييدا لأنشطة شخص ما أو حدا لمشاركته الاجتماعية بشكل دائم أو مؤقت، ثابت أو متطور، من جراء قصور أدى إلى تلف لإحدى الوظائف أو لمجموعة وظائف حركية أو حسية أو ذهنية بشكل منعزل أو مركب وإلى انحصار في القدرات الوظيفية ويمكن للعوامل الشخصية والبيئية أن تشكل إما عوائق أو مسهلات في ما يخص الأنشطة أو المشاركة الاجتماعية للشخص “، ومن إيجابيات هذا البحث، تنوع المعلومات المتعلقة بالأشخاص المعاقين، حيث تضمن، زيادة على الخصوصيات الديموغرافية للأشخاص المعاقين، كل الجوانب المتعلقة بالمشاركة في الحياة، من شغل وتربية وانخراط في أنظمة التأمين الصحي، والوضعية العائلية، والانخراط، والمشاركة في الأنشطة المجتمعية والجمعيات ، وستمكن المعطيات والنتائج المستخلصة من هذا البحث من إعداد خطة عمل وطنية لإدماج الأشخاص المعاقين، تستهدف أساسا تحسين قدرات كل المتدخلين لتطوير وتكثيف سبل مواجهة الإعاقة والوقاية منها، ووضع برامج التأهيل والإدماج، إضافة إلى التفكير في إقرار نظام للتكفل متعدد الاختصاصات، موزع بشكل منصف على كافة التراب الوطني. كمت ستشكل هذه الخطة حسب واضعيها أداة لتشجيع برامج البحث العلمي لتوفير المعرفة والمعلومات الدقيقة حول خريطة الإعاقة على المستوى الوطني وحسب الجهات، مما سيساهم في إحداث طفرة نوعية في مجال التخطيط وإعداد البرامج التنموية التي تستهدف الأشخاص المعاقين وإدماجهم في مختلف مناحي الحياة.

ويشار إلى أن هذا البحث، شكل نقطة تقاطع تم فيها إشراك كل الفاعلين في ميدان الإعاقة بالمغرب. وأنه انطلاقا من شهر ماي من سنة2005 تشكلت عدة لجان تقنية قطاعية (الصحة والتربية والتكوين والتشغيل والإدماج الاجتماعي والتشريع وآليات التنسيق)، وذلك بهدف إشراك كل الطاقات وكل المتدخلين من أجل إغناء عملية تحليل المعطيات وإعداد التوصيات لخطة العمل الوطنية 2006 .2015م.

الإعلان الرسمي عن نتائج البحث الوطني الثاني :

أعلنت بسيمة الحقاوي وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية يوم الثلاثاء 26 ابريل 2016 بالرباط عن نتائج البحث الوطني الثاني حول الإعاقة بالمغرب. وخلصت نتائج هذا البحث إلى عدة توصيات تم استخلاصها من المجموعات البؤرية واللقاءات المفتوحة. وأوصى البحث على المستوى التشريعي والتنظيمي بملاءمة الترسانة التشريعية والتنظيمية الوطنية مع مقتضيات الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. وعلى مستوى التخطيط أوصى بوضع سياسة عمومية مندمجة للنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة في إطار مخطط وطني، وذلك بناء على نتائج البحث الوطني الثاني وبنموذج تنموي حقوقي جديد؛ وتنزيل المخطط الوطني إلى مخططات جهوية تدمج البعد الترابي للإعاقة.

أما على مستوى الحكامة فأوصى البحث بإرساء نقط ارتكاز في كل القطاعات الحكومية تكون مهمتها السهر على تتبع إدراج بعد الإعاقة في أجرأة السياسة العمومية المندمجة عبر تتبع تنفيذ التدابير والإجراءات وقياس المؤشرات ، فيما أكدت الخلاصات على مستوى خدمات القرب على إرساء آليات للقرب وتدابير للدعم تسمح بالاستهداف الفردي والمجالي؛ وتقنين الخدمات الاجتماعية من خلال إجراءات مسطرية ومعايير مرجعية للجودة؛ وإرساء منظومة وطنية لتقييم الإعاقة من خلال تبني نموذج اجتماعي وحقوقي جديد.

وأوصى البحث على مستوى تقوية القدرات بدمج بعد الإعاقة في برامج التكوين الأساس لكل التخصصات والمهن. ودعم قدرات الموارد البشرية العاملة في مجال الإعاقة على مستوى القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والهيآت المنتخبة. وتقوية قدرات الفاعلين الجمعويين وأطر المراكز المتخصصة في مجال الإعاقة.

وخلص التقرير على مستوى العلاقة بين القطاع العام والخاص الى ضرورة إقرار إجراءات تحفيزية وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص فيما أكد على مستوى العلاقة مع المجتمع المدني على تعزيز المشاركة في بلورة المخططات والاستراتيجيات ؛ وإرساء نظام للتعاقد والتشجيع على التشبيك .

انتشار الإعاقة بالمغرب :

كشف البحث الوطني الثاني حول الإعاقة الذي تم إنجازه خلال الفترة ما بين فاتح أبريل و30 يونيو 2014، أن نسبة انتشار الإعاقة على المستوى الوطني وصلت إلى 6,8 في المئة سنة 2014. وحسب نتائج البحث، الذي قدمته وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، فإن أسرة واحدة من بين أربعة أسر مغربية معنية بالإعاقة، أي بنسبة 24,5 في المئة. وبلغت نسبة انتشار الإعاقة في الوسط القروي 6,99 في المئة، مقابل 6,66 في الوسط الحضري، فيما تقدر نسبة الانتشار عند الإنات ب 6,8 في المئة، و6,7 عند الذكور. وأشار البحث إلى أن نسبة انتشار الإعاقة في صفوف الساكنة العامة للمغرب التي تتجاوز 60 سنة وصلت إلى 33,7 في المئة في حين تبلغ هذه النسبة لدى الفئة العمرية ما بين 15 و59 سنة 4,8 في المئة، و1,8 بالنسبة لأقل من 15 سنة. وحسب نفس الوثيقة، فإن 50,20 في المئة من الاشخاص في وضعية إعاقة لهم قصور حركي، و25,1 في المئة لهم قصور ذهني، و23,8 في المئة لهم قصور بصري.

وفي ما يتعلق بتوزيع نسب انتشار الإعاقة على المستوى الجهوي، حسب التقسيم الجهوي السابق، كشف البحث أن نسب بعض الجهات تتجاوز المتوسط الوطني ، حيث وصلت هذه النسبة إلى 13,4 في المئة في جهة العيون بوجدور الساقية الحمراء، و11,42 في جهة تطوان طنجة، و9,83 في المئة في جهة تادلة أزيلال، في حين أن نسب انتشار الإعاقة في جهات أخرى تقل عن المتوسط الوطني، إذ تصل هذه النسبة إلى 3,94 في المئة في جهة مراكش تانسيفت الحوز، و3,96 في المئة في جهة الدار البيضاء الكبرى، و4,69 في المئة في جهة الرباط سلا زمور زعير، و2,9 في المئة في جهة وادي الذهب لكويرة.

ويفسر البحث ارتفاع نسب انتشار الإعاقة ببعض الجهات بالأساس بارتفاع نسبة الإعاقة الخفيفة. وعلى مستوى الحماية الاجتماعية، أشارت نتائج البحث إلى أن 34,1 في المئة هو معدل استفادة الأشخاص في وضعية إعاقة من أنظمة الحماية الاجتماعية، فيما لا يستفيد 60,8 في المئة من هؤلاء الأشخاص من الخدمات العمومية في المجال الصحي، كما أن 37,5 في المئة من الأشخاص في وضعية إعاقة من متوسطة إلى عميقة جدا عبروا عن حاجتهم الملحة لاستعمال معينات تقنية ملائمة لنوعية العجز الوظيفي لديهم.

وبخصوص التمدرس، ذكرت الوثيقة بأن 41,8 في المئة هي نسبة تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة من متوسطة إلى عميقة جدا للفئة العمرية من 6 إلى 17 سنة، أي 33 ألف طفل، في حين تبلغ هذه النسبة بالنسبة للأطفال في وضعية إعاقة خفيفة إلى عميقة جدا 55,1 في المئة، أي 850 ألف ، لكن 79 في المئة من الأطفال المتدرسين في الفئة العمرية بين 5 و17 سنة لا يتجاوز مستواهم التعليمي المرحلة الابتدائية.

من جهة أخرى، وحسب نفس الوثيقة فإن معدل بطالة الأشخاص في وضعية إعاقة خفيفة إلى عميقة جدا يقدر ب 47,65 في المئة، أي 290 ألف شخص، وهو أعلى 4 مرات من المعدل الوطني للبطالة الذي يصل إلى 10,6 المسجل خلال فترة إنجاز البحث الوطني، في حين يبلغ معدل البطالة في صفوف الأشخاص في وضعية إعاقة من متوسطة إلى عميقة جدا إلى 67,75 في المئة، أي 174 ألف و494 شخصا، وهو أعلى من المعدل الوطني للبطالة المسجل في نفس الفترة ست مرات. ويهدف البحث الوطني الثاني حول الإعاقة إلى توفير قاعدة جديدة للمعطيات الإحصائية للإعاقة بالمغرب، تسمح بقياس مستوى انتشار الإعاقة على الصعيد الوطني والجهوي، وتحديد الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لأوضاع الإعاقة بمختلف تفاوتاتها المجالية وتجلياتها بالمغرب.

ويروم البحث أيضا تقييم مدى استفادة الأشخاص في وضعية إعاقة من خدمات الصحة والتربية والتشغيل وغيرها من الخدمات، وتحديد أهم المعيقات التي تحول دون ولوجهم واستفادتهم منها، كما ستمكن نتائج البحث من استهداف وتحديد دقيق لحاجيات الأشخاص في وضعية إعاقة في أفق الاستجابة لاحتياجاتهم وانتظاراتهم.

الصندوق الاجتماعي للأشخاص المعاقين الأمل المنتظر:

يأمل المعاقون في تفعيل خدمات صندوق دعم التماسك الاجتماعي، حيث من المنتظر أن تنصب هذه الخدمات على أربعة مجالات متعلقة بتحسين ظروف تمدرس الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ، وتشجيع الاندماج المهني والأنشطة المدرة للدخل، واقتناء الأجهزة الخاصة والمساعدات التقنية الأخرى، والمساهمة في وضع وتسيير مراكز الاستقبال.

وتشمل الخدمات تحسين ظروف تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة، من خلال دعم الخدمات التربوية والتأهيلية والتكوينية والعلاجية الوظيفية، التي تقدمها الجمعيات داخل المؤسسات المتخصصة، وهو ما سيسمح بالرفع من عدد المستفيدين وتحسين جودة الخدمات وتيسير مهمة الجمعيات المشرفة على برامج التمدرس .

ويتضمن صندوق دعم التماسك الاجتماعي أيضا مسألة اقتناء الأجهزة الخاصة والمساعدات التقنية الأخرى التي يستعملها الشخص في وضعية إعاقة من أجل الوقاية أو التخفيف من حدة العجز، وتساهم بشكل كبير في تحقيق استقلاليته واندماجه السوسيو اقتصادي، وكذلك إحداث وتسيير مراكز استقبال وتوجيه الأشخاص في وضعية إعاقة، التي تقدم لهم خدمات تأهيلية وتواكبهم للاستفادة من هذه الخدمات، إلى جانب تشجيع الاندماج المهني والأنشطة المدرة للدخل، أي إنتاج مواد أو خدمات بغرض بيعها وتحقيق ربح يشكل دخلا لصاحب هذا النشاط. وتمارس هذه الأنشطة في إطار مبادرات فردية على شكل مقاولات ذاتية أو تعاونيات.

ملاحظات ومطالب :

جاءت أرقام الدراسة متناقضة مع ما قدمته المندوبية السامية للتخطيط خلال الإحصاء العام للسكان لسنة 2014؛ فمندوبية الحليمي أفادت بتراجع معدل الإعاقة بين 2004 و2014، بينما جاءت أرقام وزارة التضامن صادمة وسجلت ارتفاعا في نسبة الإعاقة التي فاقت المليونين من المغاربة. حيث بينت نتائج البحث الوطني الثاني أن نسبة انتشار الإعاقة على المستوى الوطني وصلت إلى 6.8% سنة 2014، ما يوازي 2.264.672 شخصا من إجمالي عدد السكان الذين صرحوا بأن لديهم إعاقات.

ازدياد مشاكل العالم القروي وتحديات الإعاقة به حيث خلص البحث إلى أن نسبة انتشار الإعاقة في الوسط القروي تفوق نظيرتها في الوسط الحضري، إذ تبلغ نسبة الأولى 6.99 بالمائة في حين وصلت نسبتها في المدن 6.66 بالمائة. وتبلغ نسبة المعاقين لدى الإناث 6.8% ولدى الذكور 6.7%. مما يفرض التفكير في آليات الإدماج وتطويرها، وتوفير مستلزماتها لتزيح بعض المعاناة على الآباء والمكلفين بهذه الفئة.

ضعف المستوى التعليمي لاسيما العنصر النسوي وعند الأطفال فإن غالبية الأشخاص في وضعية إعاقة ؛ أي ما يمثل 66.1%، بدون مستوى تعليمي ، (غالبيتهم من الإناث). وبالنسبة لتمدرس الأطفال في وضعية إعاقة؛ سجلت تفاوتا مهولا بين المعدلات الوطنية لتمدرس الأطفال من غير المعاقين. فبالنسبة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12-14 سنة، سجل البحث الوطني نسبة التمدرس في حدود 50.1%، في الوقت الذي بلغت النسبة الوطنية للفئة العمرية نفسها 87.6%. أما الذين تتراوح أعمارهم بين 15-17 سنة، فقد بلغت 39,9%، في حين إن النسبة هي 61.1%. مما يفرض تطبيق الاتفاقية الدولية التي تؤكد على الحق في التمدرس والتعليم في فصلها 24 وذلك بالمساواة مع الجميع وعلى جميع مستويات التمدرس. حيث أن الأطفال في وضعية إعاقة لا يجب أن يعترض سبيل تمدرسهم أي عائق مهما كان . و يؤكد كذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في فصله 26 على هذا الحق، الفصل 13 من ميثاق الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية، الفصل 10 من CEDAW وكذلك الفصلين 28 و 29 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل. كما أن الفصل 32 من دستور 2011 يقول بصريح العبارة أن التعليم الأساسي حق من حقوق الطفل وهو واجب على الدولة والأسرة .

ارتفاع نسبة البطالة، يبلغ معدل النشاط المهني لدى الأشخاص المعاقين 51.3%، كما أن معدل البطالة وسط هذه الشريحة الاجتماعية بلغ 47.65%؛ أي 290.000 شخص، وهو أربع مرات أعلى من المعدل الوطني.

مطالبة السلطات العمومية بوضع وتفعيل سياسات موجهة إلى الأشخاص والفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة. ولهذا الغرض، تسهر خصوصا على ما يلي:

  • معالجة الأوضاع الهشة لفئات من النساء والأمهات، وللأطفال والأشخاص المسنين والوقاية منها ;
  • إعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون من إعاقة جسدية، أو حسية حركية، أو عقلية، وإدماجهم في الحياة الاجتماعية والمدنية، وتيسير تمتعهم بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع” الدستور ف 34.
  • المطالبة باعتماد التدبير التشاركي الذي يجد مرتكزه في الدستور الفصل 12 ” …. تُساهم الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام، والمنظمات غير الحكومية ، في إطار الديمقراطية التشاركية، في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمها. وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة، طبق شروط وكيفيات يحددها القانون” وبناء على ما سبق لزم اعتماد التدبير التشاركي، وفتح جسور التواصل مع الجمعيات القانونية والفاعلة والجادة على قدم المساواة دون تمييز أو تحيز، للقيام بتنزيل محكم للمشاريع والاستراتيجيات المعتمدة، والابتعاد عن البيروقراطية، والزبونية، ودمقرطة التعامل، واعتماد معايير دقيقة وواضحة، تكون ملزمة لكل الفاعلين الجمعويين .
  • السعي لإعادة الاعتبار لهذه الفئة، قصد دمجها في محيطها الاجتماعي، وتعزيز قيم المساواة والكرامة، وتجاوز النظرة الدونية .
  • تأسيس مرصد وطني لقضايا المعاقين، يعمل على توفير قاعدة بيانات وإحصاءات مفصلة ودقيقة حول وضعية المعاقين ، لإنجاح المخطط الاستراتيجي والاستجابة للمطالب المشروعة لهذه الفئة.
  • إحداث فضاءات ثقافية وترفيهية ورياضية خاصة بالمعاقين.
  • دعم مراكز الجمعيات التي تتوفر عليها سواء عن طريق بناء أو شراء، أو غيره وتمكينها من موظفين مساعدين في إطار الشراكة أو الاستيداع مع باقي الوزارات، وتقديم الحاجيات المتوفرة كالكراسي المتحركة، والمعمدات، والأدوية، ومستلزمات الاشتغال، وغيرها.
  • الحرص على تقليص الإعاقة بالمغرب بنسبة 20 في المائة في أفق 2018م.
  • تفعيل المرسوم رقم 409 ـــ 01 ـــ 2 الصادر في 29 مارس 2002 م القاضي باستعمال الاعتمادات المالية المخصصة لتغطية بعض تكاليف اقتناء الأجهزة التعويضية المقدمة للمعاقين المعوزين.
  • وضع سياسة تنموية مندمجة للأشخاص في وضعية إعاقة.
  • النهوض بأوضاع الأشخاص في وضعية إعاقة عبر مشاركتهم في الأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية.
  • ضمان الأمن الروحي، والديني، والحفاظ على الهوية الحضارية لهذه الفئة.
  • دعم المبادرات الجادة والابداعات في كل المجالات.
  • تفعيل مقتضيات القانون رقم 07.92 المتعلق بالرعاية الاجتماعية للأشخاص المعاقين .
  • الحرص على تفعيل ومتابعة المذكرات الوزارية التالية :
  • المذكرة الوزارية 104/98
  • المذكرة الوزارية008/2000
  • المذكرة الوزارية 143/2010
  • مذكرة إطار رقم :89/2005، حول الدخول المدرسي 2005/ 2006 م تشجيع تمدرس ذوي الحاجات الخاصة وأطفال الرحل المناطق الجبلية.
  • العمل على تحقيق تشغيل نسبة 7 في المائة في القطاع العام بشراكة مع القطاعات الحكومية المعنية، وتبني وإخراج مرسوم يحدد نسبة 5 في المائة للتشغيل بالقطاع الخاص بشراكة مع وزارة التشغيل.
  • ضمان تطبيق النصوص القانونية الجاري بها العمل في مجال الشغل ولا سيما، تلك التي تمنع تشغيل الأطفال أقل من 15 سنة، وتفعيل برنامج الوقاية من الإعاقة المرتبطة بالمخاطر المهنية.
  • وضع الإطار التنظيمي لخدمات التأهيل وإعادة التأهيل.
  • تقوية التكوين الأساسي والتكوين المستمر في مجال الترويض، والطب الحركي، والمساهمة في خلق شعب جديدة كطب الشغل، والطب النفسي السريري ، مع الشركاء، لإحداث مناصب شغل داخل مقرات الجمعيات ومراكزها.
  • ضرورة الحماية الصحية وتوفير شروط الوقاية الصحية والسلامة المهنية للأجير المعاق.
  • تطبيق مقتضيات الاتفاقية الدولية للمعاق لسنة 2007 والتي وقع عليها المغرب والتي تعترف للدول الأطراف بحق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل، على قدم المساواة مع الآخرين:
  • تطبيق مقتضيات المادة 21 ” يستفيد اباء المعاقين العاملون بالقطاع العام او الخاص من منح التعويضات العائلية المخصصة لأبنائهم المعاقين بغض النظر عن سن هؤلاء شريطة الا يتوفر اباؤهم على دخل كاف لسد احتياجاتهم وال يتوفر المعاقون المعنيون على دخل قار خاص بهم .
  • المادة 9 “يجب ان تحدث داخل البنايات المفتوحة للعموم ممرات خاصة تستجيب لوضعية الاشخاص المعاقين من ذوي الحركة المحدودة لتمكينهم من الحركة بكل حرية وسهولة .”
  • تطبيق المادة 10 تقول :”توفر الولوجيات لفائدة ذوي الاعاقة الحركية بنسب متفاوتة في الغرف والحمامات والمراحيض بمختلف البنايات المفتوحة للعموم بما فيها الفنادق والمستشفيات وهياكل الاستقبال كما تراعي التجهيزات المرتبطة بالخدمات الكهربائية والصاعد المناسبة لخدمة المعاقين تحدد بنص تنظيمي “.
  • والمادة 13 المتعلقة بولوجيات النقل “تؤخذ بعين الاعتبار وضعية الاشخاص المعاقين خاصة ذوي الكراسي المتحركة ومستعملي المعدات ٬ في مختلف المحطات ٬ ولا سيما وضع صفوف للصعود وبحواجز للحماية ٬ مع الزامية توفير مقاعد خاصة بنسب متفاوتة داخل وسائل النقل الحضرية والرابطة بين المدن وكذلك بالنسبة للقطارات .”
  • وبالنسبة للإشارات المادة 20 :” تزود اشارات المرور في الشوارع والممرات الرئيسية بتجهيزات صوتية للضوء لفائدة المكفوفين على اجتياز المرافق ٬ طبقا لمواصفات الدولية المعمول بها في اﻠﺸﺄن”.

تمكين حامل بطاقة معاق من الحقوق التي تخولها لصاحبها شريطة الادلاء بها شخصيا ما يلي :

  • أولوية الدخول لمكاتب وشبابيك الادارة العمومية
  • إمكانية تخفيض معين في ثمن التذاكر بوسائل النقل العمومي لفائدة المعاق حسبما ستحدد ذلك مقتضيات تنظيمية .
  • الاسبقية في الدخول الى الاماكن المخصصة للعموم.

إنه وبالرغم من التحولات التي يعرفها المجال، فإن النتائج التي تم تحقيقها لا ترقى إلى مستوى طموح المغرب. ويعود ذلك بالأساس حسب الوزارة المعنية إلى غياب سياسة عمومية واضحة وغياب خطة عمل حكومية تشمل برامج ومؤشرات وجدولة زمنية للتنفيذ مع تحديد المسؤوليات ورصد الإمكانيات المالية والبشرية واعتماد آليات التتبع والتقييم.

عبد الرحيم مفكير

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *