لكل خيار تكلفة ، و العنوان الابرز : “لا حب لا تبن” ( العلاقات الاسبانية الجزائرية المغربية مثال).

بقلم ابو أيوب


في سابقة من نوعها ضمن اطار العلاقات الثنائية بين الدول عبر المعمور منذ الحرب العالمية الثانية ، حيث كانت اليد الطولى للمنتصرين على حساب المنهزمين ، قبل ان يتحول الامر الى هيمنة الدول القوية ، على مقدرات الدول العالمثالثية او السائرة في طريق النمو و الفقيرة ، ضمن صراع دولي براسين قبل ان يقصل رأس احدهما( حلف وارسو) ، بالتالي فقد التوازن العالمي توازنه و عم قانون القوة بدل قوة القانون الضامنة لهذا التوازن.
اليوم انعكست الصورة حيث قامت دولة عالمثالثية بفرض عقوبات اقتصادية على احدى دول المنظومة الغربية و حلف شمال الاطلسي ، تجميد او الغاء الجزائر لمعاهدة الصداقة و حسن الجوار و التعاون مع اسبانيا ، بقرار صادر عن مجلس الامن الاعلى الجزائري برئاسة الرئيس تبون ….، قرار تسبب في الغاء وزير الخارجية الاسبانية لمشاركته في قمة الامريكيتين ، اضطر معه السفر نحو بروكسيل و لقاءه بجوزيف بوريل مفوض السياسات الخارجية و التعاون الاوروبي .
للاشارة في عجالة ، الاتفاقية وقعت يوم 8 اكتوبر من سنة 2002 و دخلت حيز التنفيذ بداية من 2003 و قد شملت عدة مجالات تعاون اقتصادي” استثمار في الصناعة. الفلاحة…”.ثقافي ” تبادل البعثاث….” طاقي” الاستثمار في النفط و الغاز من خلال “شركة ريبصول” ، مجال البحوث و التصنيع العسكري…..، الاتفاقية هذه سمحت لاسبانيا من جني ارباح اكثر من 6 مليار يورو سنويا .
اسبانيا اليوم تؤدي كلفة الخيار الذي اتخذه رئيس حكومتها و سانده وزير خارجيتها ، رغم معارضة البرلمان و مجلس الشيوخ و الاحزاب السياسية و منظمات المجتمع المدني …، حتى من وزير الشؤون الرئاسية في حكومة سانشيز و نائبته الاولى استفزهما الخيار ، امتعاض شمل كذلك الجمارك و مختلف الفاعلين الاقتصاديين الذين تجمعهم معاملات تجارية مع الجزائر ، حيث تم تسجيل تقليص عدد الموظفين و تسريح اعداد مهمة من العمال ، و هذا ما ينذر بازمة بطالة ستتفاقم يوما بعد يوم ، مما خلق حركة تذمر و غليان شعبي و مطالب حزبية باستقالة بيدرو سانشيز ، وسط دعوات باجراء انتخابات مبكرة .
بالتالي اصبح بيدرو في وضع لا يحسد عليه ، فلا هو غنم ببلح اليمن و لا ظفر بعنب الشام كما يقول المثل العربي ، و بحسب الشائع لغويا عاد بخفي حنين او بالدارجة المغربية لا حب لا تبن ( اكثر من 2 مليار دولار معاملات تجارية مع الجزائر من خارج المحروقات ” قرابة 40% من احتياجات اسبانيا تؤمنها الجزائر ” قد تصبح اثرا بعد عين ، كيف ذلك بعد موقف الاتحاد الاوروبي بخصوص تجميد بنود الاتفاقية بين الجزائر و اسبانيا ؟ موقف ملتبس بدى في ظاهره مؤيدا لدولة عضوة و في باطنه تشتم منه رائحة نظرية الحرباء؟ ، منطلقه ما تمثله الدولة العالمثاثية من ثقل طاقوي و عسكري اقليمي و جهوي ، بالتالي تمسك اوروبا العصا من وسطها لكنها تحبذ عودة الجزائر عن قرارها رغم علمها باستحالة التجاوب الجزائري ، و هذا ما صرحت به وزارة الخارجية للبلد العالمثالثي لما قالت بانه قرار سيادي له علاقة بعلاقات ثنائية بين دولتين و ليس بعلاقات دولة مع منظومة ( حربائية التصريح).
و مما يزيد الامر اكثر غموضا و تعقيدا ، النبرة التصعيدية الجزائرية مقابل محاولات التهدئة الاسبانية ، اي بما معناه حربائيا وفق النظرية ، ان الجزائر ليست بوارد قطع الغاز عن اسبانيا حتى لا يتضرر الشعب الاسباني ، لكنها في المقابل تسعى الى تفعيل بنود اتفاقية توريد الغاز بحسب المتفق عليه بين الطرفين ( بندان نصا على اعادة النظر في سعر الغاز بحسب تموجات السوق الدولية/ عدم تصدير الغاز الى طرف ثالث دون موافقة او سابق اشعار).
للاشارة اسبانيا اليوم خصصت مبلغ 16 مليار يورو كدعم للاسر الاسبانية فيما يخص الغاز المنزلي ، في الوقت الذي تسعى فيه الدولة العالمثالثية الى مراجعة اثمنة الغاز بما نسبته 28% ، اي بمعنى خلق متاعب مالية ذاث تاثير سلبي على خزينة الدولة الاسبانية ، تنضاف الى تداعيات الحرب بالوكالة بين الغرب و روسيا باوكرانيا و تاثيراتها السلبية على جل الاقتصاديات الاوروبية و على راسها المانيا قاطرة الاتحاد الاوروبي و بما يشمل الاقتصاد الامريكي نفسه( اسعار البنزين و الطاقة في ارتفاع مستمر بالولايات المتحدة الامريكية في ظل مؤشرات قوية على بداية تصدع المجتمع الامريكي) .
بالتالي احجار الدومينو بدأت تتدحرج وفق استراتيجية الروليت الروسي ، بتنسيق متكامل مع فلسفة صانع السجاد و مبتكر الشطرنج و الشيخ مات، فضلا عن فلسفة الثنين الاصفر الداعم و المتواري بما يشمل دول المحور و الحلفاء ، دول في مجملها دول عالمثالثية من بينها الجزائر بحسب التصنيف الغربي ، مقابل الحلف و الادوات و الكيانات الوظيفية التي استطابت الهيمنة و السيطرة الغربية بل دعمتها و ساندتها خدمة لها على حساب مصالح شعوبها ، ظنا منها بان الغرب ضامن الامن و الاستقرار ، في الوقت الذي لم يضمن الغرب ذاته امنه و استقراره و هو في حيص بيص من امره ( اوكرانيا قبل شن الحرب و اليوم و ما يتوقع غدا مثال) .
الثمن المطلوب اليوم و بالعودة الى صلب الازمة المتصاعدة ذات النبرة التصعيدية بين اسبانيا و دولة عالمثالثية ، هو ثمن يشكل عنوان انتحار سياسي لبيدرو سواء قبل به او لم يتقبله ( رصاصة الرحمة على مستقبله السياسي بدون تشريف) ، و ان امر اعادة العلاقات الثنائية الى سابق عهدها متروك للحكومة القادمة ، و من المرتقب ان تحدث المفاجئة المدوية قبل نهاية السنة الجارية على ابعد تقدير ، لنتاكد نحن المغاربة بان سانشيز باع لنا العجلة كما باعنا ترامب العجل و كلاهما قبضا الثمن و راحا( الاتفاقية الابراهيمية و التطبيع دون مقابل/ دعم المقترح المغربي دون استشارة باقي اعضاء الحكومة و دون عرض الامر على البرلمان و مجلس الشيوخ مثال) ، و هذا ما يعطي الانطباع بان الغرب تحول الى زريبات ثماثل في قيمتها و رمزيتها الزريبات في العالم العربي و الافريقي .

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *