صدى المواقع و حقائق الواقع

بقلم ابو ايوب


لم يجف بعد حبر الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 69 لثورة الملك و الشعب ، خطاب سلط من خلاله العاهل المغربي الضوء على المنظار الذي تنظر به المملكة الى الشراكات و العلاقات مع الدول ، منظار محصور في موقف مختلف الدول من مغربية الصحراء ، منظار يشترط الخروج من المنطقة الرمادية و اعلان مواقف واضحة من القضية .
قلت لم يجف بعد…..حتى طالعتنا الاخبار القادمة من اسبانيا لتخبرنا عما يجري في ساحتها الداخلية من ارتفاع اصوات كثيرة لشخصيات من مختلف الوان الطيف السياسي الاسباني ، اصوات اجمعت على ضرورة اعادة النظر في موقف سانشيز الداعم للمقترح المغربي ، و بضرورة اصلاح الخلل الذي اعترى علاقاتها مع حليف استراتيجي موثوق في اشارة الى الجزائر ، اجماع تشتم منه رائحة الطاقة و الغاز عنوانها الابرز .
التصريحات الاخيرة للمتحدثة باسم الحكومة الاسبانية السيدة ايزابيل رودريغيز مباشرة بعد خطاب العاهل المغربي ، و التي عبرها اعلنت عن الموقف الرسمي الاسباني من قضية الصحراء ، موقف يعتبر تراجعا عما بدر من رئيس الحكومة بيدرو سانشيز نفسه ، بحيث اعلنت دعم اسبانيا لحل قضية الصحراء الغربية وفق اللوائح الأممية و قرارات مجلس الامن الدولي ذات الصلة .
الملاحظ اليوم فتور جامح في العلاقات الثنائية بين المملكتين ، لا زيارات مسؤولين و لا اتصالات ديبلوماسية …..و هذا كفيل باعطاء الانطباع بان الامور ليست على ما يرام ، اسوة ببرودة العلاقات الثنائية بين المغرب و فرنسا و الازمة الصامتة المستفحلة بين البلدين ( بعد تفجر ازمة بيغاسوس و لا مسؤول حكومي فرنسي زار المغرب و العكس صحيح/ الامتناع عن منح الفيزا للشخصيات المغربية من سياسيين و وزراء و نواب برلمانيين و الاطباء و الاساتذة الباحثين و المحاضرين …امثلة على برودة العلاقات و تشنجها) .
في المقابل نرى الحجيج الاوروبي الى الجزائر و خطب ودها في محاولات بعضهم لاعادة العلاقات الى سابق عهدها( اسبانيا و الزيارة السرية لوفد رفيع المستوى بينهم قادة عسكريون كبار بمبادرة ملكية من خارج اطار حكومة سانشيز/ زيارة ماكرون المرتقبة يوم 25 غشت الجاري للجزائر و ما قد يتخللها من قمة ثلاثية تجمع ماكرون.تبون و قيس سعيد). الهرولة الاوروبية مهما اختلفت عناوينها و مقاصدها و مراميها ….يبقى الهدف و العنوان الابرز لها امدادات الغاز و امكانية الرفع منها نحو اوروبا ، تجنبا لما قد يقدم عليه الرئيس الروسي بوتين من قطع للصنابير ثم اتقاءا للشتاء القادم الذي من المرتقب ان يكون شديد البرودة هذا العام .
من تموجات الساحة الاسبانية هذه الايام ، سؤال يطرح في الاوساط السياسية/الحزبية/الاقتصادية/الاعلام و منظمات المجتمع المدني و عموم الفئات الشعبية ، ماذا ربحت اسبانيا من تقاربها مع المغرب و في المقابل ماذا خسرت جراء تردي علاقاتها مع الجزائر ؟ و ما زاد الطين بلة تنامي شعبية احزاب اليمين و اليسار ( الشعب.فوكس.بوديموس …) على حساب تدني شعبية الحزب الاشتراكي العمالي الذي يترأس الحكومة الحالية ، فضلا عن الاكتساح الساحق للحزب الشعبي الذي فاز بأغلبية اكثر من مريحة في انتخابات الاندلس الاخيرة.
كما تجدر الاشارة الى العلاقات التاريخية/السياسية/ الثقافية ….التي تجمع اسبانيا بدول امريكا الجنوبية و اللاثينية حيث الزحف اليساري الذي استعاد وهجه بوصوله الى السلطة في اكثر من بلد آخره كولومبيا ، و من المرتقب ان يتمدد ليشمل البرازيل حيث يتوقع عودة اليساري لولا داسيلفا ، في حين تشهد دولة البيرو التي جمدت مؤخرا اعترافها بجمهورية الخصم ، مخاضا سياسيا كبيرا معاكسا للخطوة التي اقدم عليها وزير خارجية البلد .
اتهامه بالعمالة و خدمة اجندات خارجية على حساب مصالح البلد ، و استغلال منصبه لتحقيق مصالح اقتصادية شخصية ، مطالبينه بالتنحي عن منصبه و تقديم استقالته، كما لا يفوتني ان اشير الى تداعيات و اسقاطات هذا المخاض اللاثينوامريكي على الداخل الاسباني من بوابة القواسم التاريخية.الاقتصادية.الثقافية المشتركة بين اسبانيا و مستعمراتها السابقة ، بالتالي اصبح بالامكان الاشارة الى الانتصارات الواهية و صداها في مختلف المواقع ، في حين يسجل مدى فداحة و رعب ما تخبرنا به الحقائق على ارض الواقع ، من بينها حقيقة ان المغرب يمر حاليا بأسوء فترة في تاريخه الحديث ، حقيقة طوق حصار غير معلن سيشتد أواره في المقبل من ايام ، و حقيقة جفاف و كفاف و ازمة اقتصادية خانقة فضلا عن ازمة غذاء و ازمة طاقة ….و فوران شعبي و غليان متفرق مناطقيا لكنه قد يكون كالريح التي تسبق العاصفة .

من دلالات الحصار الذي بدأ يتخذ اشكالا واضحة ، ما صرح به للتلفزيون الاسباني جوزيف بوريل مسؤول السياسات الخارجية بالاتحاد الاوروبي حيث اعلن ، ان الموقف الاوروبي من قضية الصحراء الغربية ثابث و لم يتغير ، معلنا في الوقت ذاته عن تمسكه بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره ، مجددا دعم الاتحاد الاوروبي لجهود الامين العام للأمم المتحدة و لمساعي مبعوثه الشخصي ديميستورا/ اقصاء امريكا للمغرب من مناورات الاسد الافريقي و مباشرة البحث عن بديل/ فصل المغرب عن الصحراء في كل ما له علاقة بالمساعدات الامريكية. و ما يؤزم الوضع اكثر ، ارتدادات الخرجات الاخيرة للشيخ د احمد الريسوني و ما تولد عنها من تفاعلات عمت دول الجوار ، و للحقيقة و التاريخ هي خرجات غير موفقة بتاتا ( بغى يكحل عينيه عماها)، و قد ترتد عليه و تعرضه للمسائلة( تصريحات علي محيي الدين داغي قرة الامين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين تسير في هذا الاتجاه ).
كما قد تتطور الى دعاوى قضائية في المحافل الدولية بتهمة الارهاب ( الجهاد والزحف على تندوف كما لو اننا في الجاهلية ) ، اما قوله بان استقلال موريتانيا كان غلطة هو قول مجانب للصواب و لمنطق التاريخ ، دليلي في هذا ما درسونا في المناهج التعليمية المغربية و في كتب التاريخ ، اي بمعنى ، يوسف بن تاشفين هو من بنى الكتبية و مراكش و جعلها عاصمة المرابطين ، قبل ان ينتقل للاندلس بعدما بسط نفوذه على المغرب الاوسط و الادنى و الأقصى ، و المرابطون كانوا يسمون بالرجال الزرق ، فمن اين جاؤوا يا شيخنا الموقر ؟ الم يأتوا من شمال موريتانيا فاتحين الامصار في اتجاه الشمال ؟ بالتالي منطق التاريخ كما يقول به اشقائنا الموريتانيون يدحض و يفنذ منطقك التاريخي المعكوس !.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *