حاخام و اعلام ، حقيقة في دقيقة و لا ثقة في عتيقة

بقلم ابو ايوب


بعد ساعات قلائل من الآن ، سيحط الرحال الرئيس ماكرون بالجزائر في زيارة رسمية قد تدوم ليومين ، من ضمن الوفد الرئاسي خاخام يهود فرنسا ! فهل تقبل الجزائر بالامر الواقع ام ان لها خطة مضادة لسحب البساط من تحت ارجل ماكرون ، و اجهاض اي محاولة لتسويق الحدث من زاوية تطبيعية ؟ لا لشيئ الا لما يعلمه الجميع عن حساسية مسألة التطبيع بالنسبة للجزائر و على الاقل في الوقت الراهن ، كما نعلم جيدا بان الجارة لا تمانع في الوجود الاسرائيلي بفلسطين ، من زاوية دولتين كما نصت عليها القرارات الاممية منذ ردح من الزمن و اكدتها المبادرة العربية ببيروت بقيادة السعودية .
الملاحظ عشية وصول الضيف الفرنسي مصحوبا بوفده ، و بخلاف ما جرت عليه العادة في مثل هكذا مناسبات ، غياب اي بهرجية علمية ( العلم الفرنسي) على طول الطريق بين المطار و قصر الضيافة مثال ، فضلا عن الحشود الجماهيرية على طول الطريق ترحيبا ….، ناهيك عن الاستقبال المخصص للضيف بارضية المطار ( هل يستقبل من قبل المضيف او من ينوب عنه ؟)
و هذا ما يحيلنا الى فضيحة زيارة بلينكن وزير خارجية امريكا للجزائر ، بحيث لم يجد في استقباله نظيره لعمامرة ! ، أحداث كفيلة الدلالات على ان ماكرون و فرنسا في موقف ضعف ، و قد يقع للضيف ما وقع للامريكي بلينكن رغم الفارق بين المناصب .
بل ان الاتحاد الاوروبي ذاته يجسد هذا الضعف في كل تصريحاته و خرجاته الاعلامية على لسان اكثر من مسؤول ، و ليس آخرها تصريح رئيس المفوضية الاوروبية للسياسات الخارجية و الامنية ….للقناة التلفزيونية الرسمية لبلده ، جوزيف بوريل اسباني و وزير خارجية بلده اسبانيا و هو صديق المغرب ، قلت بان الاتحاد ذاته …..رضخ او توافق و انسجم مع الساسات الجزائرية بشمال غرب افريقيا .
تصريحات جوزيف بوريل حول القضية الصحراوية كجواب مباشر على الخطاب الملكي الاخير ، بمناسبة احياء الذكرى……..، بقدر ما تمثله من ضغط على اسبانيا و الزامها بالرضوخ الى القرارات الاوروبية ذات الصلة بالصحراء ( حكمي محكمة العدل الاوروبية مثالين لا حصريين ) .
و بقدر ما تجسده من رد رسمي من اعلى مستويات القرار السياسي الاوروبي على خطاب العاهل المغربي ، الذي طالبهم من خلاله الخروج من المنطقة الرمادية و اعلان موقف غير قابل للتاويل بخصوص القضية ، بقدر ما يشكله الموقف هذا من ازاحة المقترح المغربي من على الطاولة ، او اقله يضمن ضمن الحلول المقترحة عبر اجراء استفتاء و مفاوضات مباشرة مع الطرف المقابل المنازع .
بالتالي الموضوع يمر بالضرورة عبر مفاوضات ثنائية بين طرفي النزاع و حل تشرف عليه الامم المتحدة نفسها ، و ان لا مكان لسياسة فرض الامر الواقع( موقف الاتحاد الاوروبي متناغم الى ابعد الحدود مع موقف كل من الاتحاد الافريقي و الامم المتحدة بوجوب تنظيم استفتاء تقرير المصير بالصحراء ……سواء قلنا بالمغربية او بالغربية ، فقولنا هذا لن يغير شيئا من امر ما تنشده الأمم المتحدة و الاتحادين الاوروبي و الافريقي .
اصطحاب خاخام الطائفة اليهودية بفرنسا رسالة قد تبدو خبيثة ، لكن التعامل الجزائري الايجابي معها من زاوية احترام كل الاديان ، هو ايضا رسالة تفقد الزيارة سميتها و خبثها و مراميها في حالة وجود سوء نية او و سوء استغلال من طرف الاعلام ، و في هذه الحالة و فرنسا عازمة على انجاح الزيارة ، باسمها و باسم الاتحاد الاوروبي ، فهي لن تقوى على المخاطرة بمصير اوروبا الطاقي مع ثالث مورد للغاز بعد روسيا و النرويج و الشتاء على الابواب .
فرنسا اليوم كاسبانيا يطمحان الى التموقع في المجال الطاقي الاوروبي ، و لن يتأتى لهما هذا الا بمدى قربهما و تحالفهما مع الجزائر ، بالتالي عليهما تقديم اعتذار رسمي عن الماضي الاستعماري ، و هما يسعيان في نهجهما هذا الى لجم الاندفاعة التقاربية الالمانية الايطالية على الخصوص مع الجزائر ، و بخاصة في موضوع الطاقة المتجددة ( المانيا مشروع الطاقة الشمسية جنوب الجزائر/ايطاليا و استثماراتها في الغاز و البترول جنوب الجزائر ، تعزيزا لمكاسبها كمنصة انطلاق الغاز النيجيري نحو اوروبا ( 60 مليار متر مكعب مناصفة بين الجزائر و نيجيريا سنويا) ، فضلا عن مشروع احياء ثاني انبوب غازي يجمع الجزائر بايطاليا يمر مباشرة عبر المتوسط بسعة 30 مليار م.م غ سنويا .
في حالة استكمال المشروع هذا ، بتقديري يمكننا القول بأن مستقبل اوروبا بين ايادي ايطالية بامتياز ، صحيح انها ليس القوة الاقتصادية الاولى او الثانية اوروبيا ، لكنها في المقابل تتميز عن باقي الدول الاوروبية بعلاقات جد متميزة مع الجزائر قبل و اثناء و بعد العشرية السوداء ، كما ان لها اليد الطولى في امدادات الغاز ( انبوب ليبيا ايطاليا. انبوب الجزائر تونس ايطاليا. مشروع انبوب الجزائر ايطاليا عبر المتوسط في حالة احياءه )
لكن الحقيقة في دقيقة ان عتيقة لي ما فيها ثقة ( الاتحاد الاوروبي/ امريكا نفسها/ اسرائيل حليفنا الجديد التي لم تعلن لحد الساعة عن اعترافها الرسمي بمغربية الصحراء ، و قس هذا على باقي الدول و القوى الوازنة ، نستخلص اليوم بأن مقولة تشبث غريق بغريق و غرقى العرب كثر ، تصلح كعنوان واقعنا المعاش رغم ( لعكر على الخنونة) ، و الصورة الجمالية المنمقة الواعدة بالغد الافضل و غدنا شئنا ام ابينا قاتم حالك اسود سوداوية نظارات راي بان و فوطوكراي ، او اقله صورة غمامية ضبابية لواقعنا المعاش .
زيارة وفد و خاخام و عدم رفع اعلام مؤشر قد يفضي الى نكسة فرنسية شبيهة بنكستها بمالي و عموم دول غرب افريقيا ، و بهذا وجب الاعلام و التمام ليبقى الترقب سيد مخرجات الزيارة الغير مرحب بها شعبيا …..انعمتم مساءا .

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *