“التبخة”  التي لم تعد سرية

بقلم : غيور استقلالي

كتبت “التبخة” بالتاء و ليس بالطاء  انطلاقا من المقال الذي تقاسمه  معي أحد الأصدقاء الصادر يوم فاتح غشت 22  بإحدى الجرائد الالكترونية يحمل عنوانا كبيرا : “تبخة” سرية تجري في الكواليس من أجل تغيير المقتصدة بالمستشفى الإقليمي .لكون كاتب المقال حرره بالتاء . و “التبخة” باللسان الدارج المغربي تعني  ان هناك شيئا ما يطبخ في الكواليس و ليس في المطبخ .

و مما جاء في المقال : ان احد النقابيين يسابق الزمن من اجل تعيين ابنته مكان مقتصدة المستشفى.و ان نجلة النقابي موظفة شبح . و  ليست لها تجربة عملية. و ان النقابي يسابق الزمن من اجل هذا التعيين بمساعدة و مباركة مسؤولين جهويين و اقليميين ينتمون الى نقابته قبل نهاية ولايته بالنقابة حيث الشعور بعدم التجديد من طرف المؤتمر الإقليمي المقبل .و تساءل كاتب المقال في الأخير بهذه العبارة :” فهل أصبح المستشفى الإقليمي محمد الخامس بالجديدة مرتعا للباحثين عن الصفقات، والريع النقابي، وضرب كل ماله علاقة بالمصلحة العامة؟ أم أن وزارة الصحة ستتدخل بقوة للضرب على أيدي العابثين بالمستشفى الإقليمي محمد الخامس سواء مسؤولين جهويين أم إقليميين، لأن قطاع الصحة أصبح مشروعا ملكيا، وبالتالي يجب وقف كل عبث يجري بالمستشفيات . كما نشر نفس الموقع بتاريخ 5 أكتوبر 2022 مقالا بعنوان : هذا إلى وزير الصحة، من يقف خلف التحريض و إعلان “الحرب” على المستشفى الإقليمي محمد الخامس.

و بالتدقيق في المقالين يتضح ان لغتهما واحدة . و بنفس الأسلوب  . و ان الهدف هو شخص واحد . و ان الدفاع عن المديرة و المقتصدة ليس الهدف منه حماية الموظفتين بقدر ما يهدف الى إلباس النقابي جبة الفاسد الذي يقتات من الريع النقابي . 

فكاتب المقال لم يفصح عن هويته . و لم  تكن له الجرأة  ليفصح عن اسم النقابي الذي يسعى لتثبيت نجلته كمقتصدة لمستشفى محمد الخامس بالجديدة .فإذا كان على يقين من صحة وقائع  “التبخة السرية ” لماذا لا يسمي الأسماء بمسمياتها ؟ و بهذا الفعل يكون قد اسدى معروفا لمسؤولي وزارة الصحة الذين سيتحركون من اجل التقويم . و هكذا سيكون مدافعا بالفعل عن المقتصدة و تكون الجريدة قد تخندقت في صفوف السلطة الرابعة التي ادت مهامها بنجاح .

كانت لدي شكوك حول كاتب  المقالين هل هو مالك الجريدة ام شخص اخر . و كما يقول المثل  المصري ” يا خبر بفلوس ، بكرة يبقى ببلاش”  فجاء  مقال جريدة العلم  ليوم 13 أكتوبر 2022  ليكشف عن ان المدافع عن اطر إدارة المستشفى الإقليمي بالجديدة (المديرة و المقتصدة)يبقى مسؤولا بحزب الاستقلال .  حتى و ان  لم يوضح ذلك صراحة عمن يكون . هل هو الكاتب الإقليمي او المفتش الإقليمي .للحزب العتيد  ؟ فأنظمة حزب الاستقلال تخول  المسؤولية  للمفتش الإقليمي  او الكاتب الإقليمي دون سواهما للتعبير او الإعلان عن مواقف الحزب في القضايا التي تهم الإقليم . و لا يمكن لاي كان الحديث باسم الحزب العتيد غيرهما . و مناضلو حزب الاستقلال يعلمون ذلك . و يعلمون جيدا عمن يكون النقابي  المعني بالحملة الشعواء . علما ان المقتصدة لم يعد يفصلها الوقت الكثير عن المعاش. و هناك اطراف أخرى تعمل كل ما في وسعها للانقضاض على هذا المنصب  رغم افتقادها للشواهد الاكاديمية  التي تؤهلها لشغل منصب مقتصد المستشفى الاقليمي. 

و لتنوير القارئ فالنقابي المعني بالمقال هو مناضل دخل السجن   في شبابه من اجل شبيبة الحزب  العتيد سنوات الرصاص. انتخب بالإجماع على راس المركزية النقابية بالإقليم في اخر مؤتمر . هو الذي اعطى للنقابة سمعة تليق بها . و يمكن العودة إلى نتائج انتخابات الماجورين الأخيرة (يونيو 2021)و التي بوأته الريادة على الصعيد الإقليمي . و لأول مرة في تاريخ هذه المركزية بالإقليم . اما نجلته فهي الحاصلة على شهادة جامعية في الاقتصاد و بميزة ، و هي  المتصرفة بالمندوبية الإقليمية ( سلم 11) التي نالت تهنئة من وزير الصحة السابق البروفيسور الوردي .و لم تكن في يوم من الأيام تسعى لهذه المهمة  رغم ان الشواهد تؤهلها لذلك . 

اذن لها الكفاءة الكافية التي تؤهلها لأي منصب يدخل ضمن تخصصها الأكاديمي . فاين انعدام التجربة اذا كان عملها بالوزارة يفوق  عقدا  من الزمن؟ ام انه مجرد اطلاق كلام  يراد به النيل من مصداقية النقابي و عائلته  و النقابة التي يدبر امورها ؟.

أما كاتب المقال الفعلي فله تاريخ في معاكسة النقابة. هو الذي يكن لها العداء  ،حيث سلط قلمه لتسفيه البرنامج النضالي المسترسل الذي نظمته  بمستشفى محمد الخامس بالجديدة دفاعا عن الشغيلة الصحية .و يمكن العودة الى وقفات شهر غشت سنة 2020 و التي غطتها مجموعة من المنابر الاعلامية و بالمباشر الا الجريدة صاحبة المقالين . و سلط احد رجال التعليم المتقاعدين  للخوض في أمور لا يعلم خباياها  ففضحته الادعاءات المفبركة و سقط في الامتحان . هو الذي يحاول بكل  الطرق الغير الشريفة و لا القانونية  إسقاط  النقابي الذي شكل له عقدة في حياته الحزبية. 

اما باقي نقط المقال فيجب التمحيص فيما نشر . فالتساؤل الذي طرحه كاتب المقال : ” هل أصبح المستشفى الإقليمي محمد الخامس بالجديدة مرتعا للباحثين عن الصفقات، والريع النقابي، وضرب كل ماله علاقة بالمصلحة العامة؟  هو تساؤل مشروع . لكن هل له ما يتبث أن النقابي يستفيد من الصفقات و من الريع النقابي ؟ هل للنقابي شركة للمناولة داخل المستشفى مثلا ؟ هل يستفيد من  كراء المحلات الموجودة بالمستشفى؟

 بالمقابل كان على الجريدة ان تتساءل عن قسم الصيانة ، كيف يعمل و كيف يدبر صيانة المستشفى و الياته  المعطلة ؟ و كان على كاتب المقال ان يتساءل عن مصير التحقيقات التي أجريت بالمستشفى غداة موت اكثر من خمسة مصابين بكرونا في يوم واحد من جراء النقص في الاكسجين سنة 2020 ؟ كان على صاحب المقال ان يتساءل عن النتائج التي وصلت اليها لجن البحث و التقصي التي زارت المستشفى  بعد موت المواطنين السالفي الذكر ؟ كان على كاتب المقال ان يتساءل عن ما يجب القيام  به في قسم الصيانة حتى لا تتكرر المأساة ؟ و هذه الأسئلة تدخل في خانة المصلحة العامة . لكونها تعالج موضوع وفاة مواطنين بالمستشفى خنقا بعد خلل في قنوات  الاكسجين .

لكل هذا نقول بان كاتب المقال انما قدم المقتصدة في البداية  و المديرة بعد ذلك قربانا للنيل من النقابي. و هذه هي” التبخة ” التي لم تعد سرية . بل اصبحت علنية بين مسؤول استقلالي كما يشهد مقال جريدة العلم  السالف الذكر و النقابي .

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *