ماذا يريد الفقيه؟

بقلم : أبو نضال

تبادل معي احد الأصدقاء مقالا صادرا بإحدى الالكترونيات يوم الخميس 24 نونبر 22 و الذي خلق ضجة او ما يصطلح عليه بوسائل التواصل الاجتماعي (BUZZZZ) داخل مستشفى محمد الخامس لكونه يدافع عن مديرة المستشفى . و ينتقد احدى النقابات التي تعرقل العمل الجاد للمديرة .   لكن بالتدقيق في المقال اثارني انه مؤرخ في 5 أكتوبر 22 و سبق لي ان تصفحته .و بقراءة جديدة  فالنسخة الأولى  تختلف عن هذا الذي خلق الفرح داخل بعض الأقسام . لا ادري لماذا استعان الكاتب بهذه التقنية . فهو حر فيما يكتبه على أساس التقيد بأخلاقيات مهنة الصحافة . و من حقه الدفاع عمن يراه مظلوما و انتقاد الظالم . في اطار حرية التعبير التي لا يمكن تكميمها على كل حال شريطة الالتزام بالمقولة الشهيرة “الخبر مقدس و التعليق حر”

فكاتب المقال اطنب في انتقاد النقابة و كأنه يصفي حسابا ما . فهو يجهر بكون النقابة تحارب العمل الجبار الذي تقوم به المديرة دون الاستعانة بأدلة و بأمثلة دامغة . (من قبيل : هل تم فتح المركب الجراحي ؟ هل استعادت الموظفين الاشباح ؟ و لماذا يتم ارسال الأطفال المرضى الى  البيضاء ؟ ) و يستعين بالحديث النبوي الشريف الذي يقول فيه رسول الله (ص) : “انصر أخاك ظالما أو مظلوما، قال يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلوما، فكيف إذا كان ظالما، قال: تمنعه من الظلم فذلك نصرته”، و أضاف التفسير : بمعنى أن نقول للظالم كف وانته من ظلمك.  هذا لا يوجد، بل يتفرجون على إدارة المستشفى وهي تتعرض للتحريض والعرقلة الواضحة لأسباب شخصية ولا تمت بصلة للعمل النقابي.

 نتساءل هنا لماذا المطالبة بنصرة الأخ ” المديرة”  و الضرب من تحت الحزام في العدو  “النقابة “؟ للإشارة فالطرفان  ينتميان لوزارة الصحة (المديرة و مسؤولي النقابة) . و المنطق يقول : إذا كان النصح هو الواجب في هذه النازلة فعلى الطرفين :مؤسسة المديرة و مؤسسة النقابة . لا التخندق في صف ضد الاخر . لأن هذه الممارسة تفقد (بضم التاء)معنى الحديث النبوي الشريف . فلماذا لم يتم الاتصال بأجهزة النقابة حتى يأخذ بالرأي و الرأي الاخر ؟ و لماذا لم يعتبر كاتب المقال أن منخرطي النقابة يعانون من الشطط في استعمال السلطة الذي تمارسه المديرة ؟ لما لا  يبحث في الطرحين المتناقضين و يبني رأيا منطقيا يقبل به الطرفان ؟  و يكون قد قدم خدمة للطرفين و ساهم في إصلاح ذات البين انطلاقا من مدلول الحديث الشريف .

ذكرني  الحديث  بأحد الأصدقاء القدامى الذي عرفته بإحدى الهيئات السياسية  بالجديدة  سبعينيات القرن الماضي عضوا عاديا منبوذا من طرف شبيبة هذه الهيئة  . و الذي  أصبح مسؤولا بها بعد عقد من الزمن . و هذا الشخص  كانت كل أقواله و أحاديثه تنطلق من و تعود الى الكتاب و السنة . و كان  يستشهد كثيرا بهذا الحديث كلما طفا صراع بين الاخوة و يكون هو طرفا فيه . فهو لا يبتغي الصلح بقدر ما يبتغي المساندة لشخصه . و يغلفها بحديث  من قبيل ما سلف ذكره.

لكن لا بد من تناول القليل من سيرته الذاتية  : فهو فقيه أي حافظ لكتاب الله  حسب التعريف العامي المغربي. و عمل لسنوات عديدة في المقبرة كقارئ على القبور أيام الجمعة و عاشوراء و بعد ليلة القدر . و بعد ذلك تدخل له احد ذوي النيات الحسنة لمتابعة دروسه بمدرسة عمومية نظامية رغم انه كبير السن . و وصل الى مستوى دراسيا يخول له اجتياز أي مباراة لشغل وظيفة ما. و بمجرد ما تمكن من الوظيف انخرط بالهيئة السياسية بتوصية لزميل له في العمل ، و من أحد اصهاره حيث سيختصر الطريق للعمل بالمدينة عوض الرحلات المكوكية بين المدينة و مقر العمل لسنوات.  و هو ما تم بالفعل اذ تم تنقيله بعد سنة واحدة من العمل بالبادية .

و حيث أنه على علم بأن  المسؤولية توفر لصاحبها بعض سبل الريع فقد تمسكن الى ان وصل ،و عض عليها بأسنانه و بيديه حتى لا ينزاح عن كرسي المسؤولية  . و من اجل ذلك كان كلما تناهى الى علمه بان فلانا له طموح لتسيير الهيئة . او اشتم فيه رائحة  الطموح لتحمل المسؤولية الا و سبقه الى مركز القرار ليقدم صورة مغايرة عن سيرته . كالقول بانه مدسوس . و له علاقة  مشبوهة بالخصوم . او بوليسي . او يسلط عليه البعض لاستفزازه . او يزرع بذور الفتنة بين الأصدقاء . و بهذه الطرق البديئة كسب مجموعة من النزالات قبل ان تقع . و الاجماع الذي حصل بين مكونات تلك  الهيئة هو  أوصافه : إنه مخادع  ، منافق . أكذب من مسيلمة .، اكل للثوم بفم الاخرين . ليس له أصدقاء  و يطبق القولة المأثورة “بعدي و الطوفان “. فهو لا يبتغي من المسؤولية  الا الاستفادة من الريع . اما الهيئة التي كانت في وقت من الأوقات مدرسة للتكوين . و تعمل  لمساعدة الاخرين  و دارا لأنشطة الشباب الثقافية .  لم تعد الا اطلالا آيلة  للسقوط  . و عوض العمل على تغيير هذا الواقع  فهو يسعى لتكريسه . فهو يحب ان يكون وحيدا . يطبق  برنامجا قارا من الاستيقاظ الى الرياضة الى لعب الأوراق (الكارطة) دون إعطاء أي وقت للهيئة التي يستفيد من ريعها .

و الحقيقة أن الفقيه  اكل الثوم بفم كاتب المقال . و شنف اذن القارئ بموسيقى  أسطواناته المشروخة  . و قال ما لم يقله مالك في الخمر و انتقم من النقابي الذي يكن له العداء  . و استعان بالحديث الذي يحفظه منخرطو تلك الهيئة عن ظهر قلب . و حاول  ضرب عصفورين بحجر واحد . تصفية الحساب مع   النقابي  و في نفس الوقت يظهر بمظهر الناصح الامين .

لكل هذا نقول ماذا يريد الفقيه  ؟ هل يدافع عن المديرة  و عن مصلحة المواطن ؟ هل يسعى لإصلاح ذات البين ؟ هل يريد تصفية الحساب و بنفس الطرق التي انتهجها لمدة تفوق ثلاثة عقود من الزمن ؟ هل ينفذ تعليمات اطراف أخرى  ؟  

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *