هجوم التنين

بقلم ابو ايوب
عندما تستيقض الصين …ترتعد فرائص العالم …عنوان كتاب صدر ثمانينيات القرن الماضي ( Quand la CHINE s’éveillera le monde tremblera ) ، تنبأ كاتبه بما يحدث اليوم من تطورات و وقائع و احداث ، ذات حمولة جيوستراتيجية و جيوسياسية على الصعيد العالمي ، و هذا ما يتأكد بالفعل من خلال الثقل الاقتصادي و العسكري الذي باتت تحظى به الصين اليوم ، سواء في مواجهة السياسات الامريكية و الغربية عموما ، او من خلال امتداداتها و شراكاتها مع مجموع دول العالم بما فيها الغربية ( استحواذ الصين على اكثر من 80% من سندات الخزينة الامريكية مثال) .
اليوم و في سابقة من نوعها تتأهب الصين لعقد ثلاث قمم مع الدول العربية بالمملكة العربية السعودية ، قمة ثنائية سعودية صينية تتخللها صفقات و اتفاقيات و شراكات تشمل جميع المجالات ، قمة صينية خليجية لتعزيز اهداف القمة الاولى و خلق مجالات و شراكات مع كل من قطر و الامارات و الكويت ، ليكون مسك الختام بعقد اول قمة صينية عربية بمشاركة القادة و الزعماء العرب الذين بدأوا بالتقاطر على المملكة السعودية ، قمة صنعت الحدث و أججت حنق الغرب الذي يسعى جاهدا لافشالها من خلال الضغوط التي يمارسها على بعض الدول العربية .
الصين اليوم أصبحت البعبع الذي يهدد مصالح المنظومة الغربية ، و قد احسنت اختيار التوقيت المناسب لتحقيق الحلم الصيني و تجسيده على ارض الواقع ، حلم حزام واحد و طريق واحد او ما عرف سابقا بطريق الحرير ، بينما الغرب عموما منشغل بالحرب الروسية الأطلسية بأوكرانيا ، الصين و بعد تأمين حلمها غرب المتوسط من خلال الاتفاقيات الاخيرة مع الجزائر ( حديد غار جبيلات.سكة الحديد بشار وهران لنقل خام الحديد.بناء ميناء الحمدانية. الطريق السيار العابر للصحراء/ الصناعات العسكرية ..)، الأمر الذي افسح لها المجال للتوغل في العمق الافريقي ( قمم الصين افريقيا) .
النمو المطرد للاقتصاد الصيني و حاجتها الكبيرة للطاقة من بترول و غاز …، فرض عليها تعزيز تموقعها الاقتصادي و تموضعها السياسي في منطقة الشرق الاوسط و الخليج ، رغم علمها بانعدام الاستقرار بالمنطقة و ما تعيشه من ازمات و صراعات ، و تفاوت فضيع في التنمية بين الدول العربية الاكثر ثراءا و الأكثر فقرا ، فضلت دخول الحديقة الغربية المحمية من بابها الواسع ، متسلحة بثقلها الاقتصادي بعد ازاحة امريكا من الزعامة ، و السياسي كقوة عظمى عضو دائم بمجلس الأمن الدولي ، و العسكري كثالث قوة عالمية و اولها من حيث التعداد البشري ، ناهيك عن الثقل التاريخي الاخلاقي الذي مثلته منذ الحرب العالمية الثانية ، اي بمعنى انها لم يسبق لها شن حروب او غزو بلدان او استعمار شعوب ، و هذا وحده كفيل لنيل رضى العرب و طمأنة دولهم من الخليج الى المحيط …
السؤال المطروح اليوم ، هل ينتهز العرب الفرصة السانحة لفرض الوجود و الانعتاق من التبعية العمياء للمنظومة الغربية؟ ام سيضيعوا الفرصة و يخلفوا موعدهم مع التاريخ ؟ أكيد ان ليس هناك اجماع عربي” هرم السلطة” على التقارب اكثر مع الصين ، لكن في المقابل ليس هناك من بدائل للعرب “شعوب” في ظل الحرب باوكرانيا و ما يتربص بدولهم من اطماع نيوكولونيالية ، بالتالي قد يصبح من المفروض عليهم ركوب القطار تحت ضغوط الشارع ….قطار التنمية و سيادية القرار السياسي و الاقتصادي كفاعلين غير مفعول بهم .

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *