أخطار محدقة و مخاطر مرتقبة
بقلم ابو ايوب
عودة العلاقات الديبلوماسية السعودية الايرانية ، و الصين عرابة التقارب و التصالح تثمن الخطوة ، فيما رحبت بها الجزائر عبر بيان رسمي لوزارة الخارجية ، و من المؤكد ان تحدو دول كثيرة نفس الحدو و تعبر عن موقف مرحب بعودة العلاقات بين ايران و السعودية ، من بينها روسيا و مجموعة البريكس كالهند و البرازيل في ظل رئاسة لولا داسيلفا و جنوب افريقيا مثال .
في المقابل عودة العلاقات تطرح اكثر من سؤال عن مواقف دول بعينها ، اولها مملكة البحرين التي تتهم ايران بمحاولة انقلابها على النظام الحاكم عبر شيعة المملكة الذين يمثلون نصف الشعب البحريني او اكثر بقليل ! بالتالي هل تتمرد البحرين على القرار السعودي علما بانها لا تملك قرارها السياسي السيادي ( شبه احتلال سعودي للملكة البحرين) ؟
ثم الامارات العربية التي تتهم ايران باحتلال ثلاث جزر اماراتية بالخليج ، طنب الكبرى و الصغرى و ابو موسى ، خلاف لم يقف حجرة عثرة في وجه فتح جسور و قنوات بين الدولتين ، ما يعزز الطرح كون الامارات العربية ترتبط بعلاقات متميزة مع ايران على الرغم من هذا النزاع الحدودي ، لكنه يبقى بصيغة او باخرى مشكل خلاف لم يحل بعد .
و ليس المغرب آخر المتأثرين سلبا بعودة العلاقات بين السعودية و ايران ، اذ تسعى الاخيرة لتطوير علاقاتها بشكل مطرد مع الدول الافريقية و الشرق الاوسطية و امريكا اللاثينية ، و الرفع من حجم تعاملاتها التجارية و الاقتصادية الى مستويات اعلى كما حدث مع موريتانيا مؤخرا ، فضلا عن علاقاتها المتميزة مع الجزائر و تركيا و الهند و باكستان…..
بتقديري ، عودة العلاقات بين السعودية و ايران ، قد يشكل خطرا على المصالح المغربية بدول الخليج الفارسي و الفضاء المغاربي ، كما قد يتطور الى فرض شبه عزلة على المغرب في ظل ازمته الحالية مع الاتحاد الاوروبي ، كما علينا ايضا ان نستذكر الموقف الاخير لجنوب افريقيا التي تطالب اليوم بطرد او تجميد عضوية المغرب بالاتحاد الافريقي ، خطوة وجدت لها صدى في الدول الافريقية الناطقة بالانجليزية ، و لم تسلم منها حتى الناطقة بالفرنسية ….
و هذا ما يشكل في حد ذاته حصارا للمغرب اقليميا( الجزائر.تونس و موريتانيا بدرجة اقل ) ، و الجهوي على ضوء الفتور البين في علاقات المغرب مع اسبانيا و فرنسا و الاتحاد الاوروبي كمنظومة سياسية و اقتصادية ، ثم قاريا من خلال الحرب المعلنة بالصحراء رغم عدم رقيها الى حرب تقليدية بمعنى الكلمة ، او عبر الرفض الغير معلن لطلب المغرب الانظمام للمجمودة الاقتصادية لدول غرب افريقيا ( الاكواس ) .
فضلا عن الانتكاسة التي عرفتها بعض المشاريع الاستثمارية المغربية الكبرى ، على رأسها مشروع انبوب الغاز النيجيري نحو اوروبا عبر المغرب ، ناهيك عن علاقات المغرب المتأرجحة مع دول الامريكيتين الجنوبية و اللاثينية ، كالمكسيك التي تعترف بالجمهورية الصحراوية و البرازيل التي في طريقها الى الاعتراف ، فيما اغلبية الدول اللاثينوامريكية تدعم و تساند و تعترف بها كدولة قائمة الذات ، و للتذكير هذه الدول مجتمعة تتميز بعلاقات جيدة مع الجمهورية الاسلامية بايران .
هذه الاخيرة التي اعلن عليها المغرب حربا شعواء بدعم امريكي اسرائيلي ، حرب معلنة بعناوين شتى من قبيل اتهامها بنشر التشيع ( ما بين 8000 و 10.000 شيعي مغربي اكثريتهم بشمال المملكة ) ، أو بالتورط في دعم التنظيمات الارهابية كحزب الله اللبناني وفق الرؤية التصنيفية الامريكية ، و بقدر ما هي اليوم مرشحة للعب ادوار طلائعية افريقيا و مغاربيا على ضوء حرب الاستنزاف الثانية بالصحراء…، بقدر ما امريكا مرشحة لتغيير نهجها المقارباتي للاشكالية الايرانية وفق ما تمليه مصالحها ، و قد تتخلى في اي لحظة عن دعم المغرب في صراعه مع ايران.