هل أصبح بوريطة ولقجع مشمولين بواجب التوقير والاحترام .. ومحصنين ضد النقد ؟
بقلم : محمد يتيم.
يتعين الاقرار بالعمل الذي قام به كل من السيد ناصر بوريطة والسيد فوزي لقجع كل في مجاله ، في تعزيز مكانة المغرب سياسبا وديبلوماسيا .. وفي النهوض بكرة القدم تنفيذا للتوجهات والتوجيهات الملكية ، وتبعا لذلك في تعزيز صورة المغرب والتعريف بها مما لا يمكن أن ينكره إلا جاهل او مكابر … كل ذلك ضمن السياسة العامة للدولة وفي نطاق التوجهات والتوجيهات السامية لملك البلاد
ولكن هل يعني ان لقجع أو بوريطة شخصيتان مقدستان لا يجوز أن تنتهك حرمتهما ؟
وهل يعني كل نقد لهما هو انحياز مع خصوم الوطن وكأن الوطن قد اختزل في أشخاص .؟؟ بدعوى أن خصوم المغرب والحمقى من جيراننا سيركبون على ذلك ويدينوننا مستثمرين النقاش الوطني والتعددي والحر في بلادنا ؟؟؟
وهل نقده وزير أو وزراء يدبرون حقلا سياديا يعني انه يسري عليه أو عليهم واحب التوقير والاحترام وعدم النقد. الذي لا يجوز الا لشخص الملك ؟
الكل يتذكر النقاش الذي دار في اللجنة السياسية التي واكبت الاعداد للدستور حول الصيغة التي كانت معتمدة في الدساتير السابقة عن دستور2011 أي ” الملك شخص مقدس لا تنتهك حرماته ”
وكنت شاهدا على هذا النقاش بحكم عضويتي في اللجنة وبصفتي كاتبا عاما للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب آنذاك بحضور مستشار الملك السيد المعتصم
وكان الملك من خلال المستشار متابعا للنقاش .. وطلب من مستشاره أن يبلغ اللجنة توجيهاته لأعضاء اللجنة التي ذهبت في منحى تعديل تلك الصيغة باعتبارها ترجمة لكلمة sacree التي تتعارض مع ثقافتنا ومرجعيتنا .. فلا الملك مقدس ولا هو معصوم كما جاء الرد من جلالة الملك ، حيث قال :
“:إن القداسة لله والعصمة للأنبياء وأنا ملك مواطن.” ولذلك جاء دستور 2011 بصيغة أزالت اللبس وهي على الشكل التالي:
” شخص الملك لا تنتهك حرمته، وللملك واجب التوقير والاحترام.”
الملك نفسه رفع القداسة عن نفسه وجعل العصمة للأنبياء فقط واعتبر نفسه مواطنا …
وفي نفس الوقت ،،فإن ذلك لا يعني عدم التوقير والاحترام وهو شيء غير التقديس ….
وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة لملك البلاد فماذا يمكن أن يكون عليه الامر بالنسبة لغيره بمن فيه من يطلق عليهم وزراء السيادة ….؟؟؟ أو غيرهم من الوزراء ؟
.هل يمكن أن يكونوا مقدسين ، أو لنقل هل يحب في حقهم عدم انتهاك الحرمة وواحب التوقير والاحترام الذي ورد التنصيص عليه صراحة في الدستور بالنسبة لشخص الملك بينما لم بدكر أبدا في حق ما يسمى بوزراء السيادة !!
إن السيادة إذ تعني أن الشؤون الخارجية والأوقاف هي قطاعات تدخل ضمن نطاق التدبير الملكي من جهة الاختيارات والتوجهات الاستراتيجية والقرارات الكبرى فإن ذلك لا ينفي أنها موضوع للتدبير الحكومي التفصيلي في نطاف السياسة الغامة للدولة … مما يجعل الوزراء الذين يدبرونها خاضعين للمراقبة والمحاسبة والنقد والمساءلة البرلمانية والإعلامية والسياسية والحزبية …
ودون شك فإنهم في تدبيرهم يصيبون ويخطئون وينجحون ويفشلون …
لا أريد أن أدخل في النقاش الدستوري حول القطاعات السيادية وخاصة الشؤون الخارجية وكون هذا الطابع لا ينفي مسؤولية الحكومة ورئيسها عليها … مع خصوصية للاوقاق باعتبارها داخلة في حقل إمارة المؤمنين …
ولا أريد أن أدخل في الجدل الذي أثاره بلاغ حزب العدالة والتنمية وما ورد فيه من نقد لوزير الخارجية …
وأن النقد لتدبير وادارة المساجد والأوقاف أو تدبير الشؤون الخارجية للملكة لا يعني بالضرورة نقدا لإمارة المؤمنين وتدخلا في صلاحياتها الدينية بدليل أن ميزانية الأوقاف وتدبيرها للمساجد هو خاضع للمصادقة و للمساءلة البرلمانيين …
كما أن النقد لطريقة تدبير مسؤول حكومي هو من الناحية الدستورية يعمل تحت رئاسة الحكومة وأن تحديد اختصاصات هذين القطاعين الحكومين يتمان من خلال مرسوم يصدره رئبس الحكومة
وهذا الاخير لا يتصور أنه يشتغل بعيدا عن التوجهات والتوجهات الملكية وبتشاور متواصل دائم معه في القضايا الكبرى
أتخوف من انتقال مفهوم القداسة كما ورد تعديلها في الدستور ليصبح من مشمولاته الوزراء أو بعص الوزراء ، وأيضا التدبير الحكومي اليومي لتفاصيل مجالات حكومية توصف بوزارات السيادة ..
وبالعكس فإن التعديل الدستوري المشار إليه أعلاه ينزع صفة القداسة ويحتفظ بالمقصد الأصلي ( حفظ الحرمة وعدم انتهاكها l ‘inviolabilité et
non pas la sacralité )
لا أعرف بالضبط الدواعي التي جعلت من انتقاد تدبير وزير من “وزراء السيادة” يثير رد فعل عنيف كما جاء في البلاغ الصادر عن الديوان الملكي بخصوص ماورد في بلاغ الأمانة العامة للحزب عن نقد لوزير من وزراء الحكومة وان كان يصنف في وزراء السيادة!!! .. رغم أنه لم يكن فيه ما يفيد عدم التوقير والاحترام لجلالة الملك …
ولا أرى أو أقدر أنما ورد من نقد لوزير الخارجية قد جاء في نطاق تصريف خلافات داخلية أو لتخقيق أغراض انتخابوية !!! …
واذا افترضنا أن الهدف منه هو ذلك فعلا ..فقد قدم البلاغ الصادر عن الديوان الملكي خدمة في هذا نفس الاتجاه … حيث قدم الحزب في موقع المناهض الشرس للتطبيع ..!!!
والواقع أن الأمين العام الحالي عندما وجد الحزب وأمينه العثماني في وضع حرج بعد مراسيم التوقيع على اتفاق التطبيع – وهو الذي كان قد خرج بتصريح صريح مناهض له على قناة الجزيرة قييل بضعة أسابيع من التوقيع – كان قد دعا مناضلي الحزب للالتفاف حول أمينهم العام آنذاك .. (و بلاغ الديوان الملكي الاخير أفاد أنه اتصل بعدد من الشخصيات الوطنية لبيان حيثيات تلك الخطوة ومقاصدها في العلاقة بالقضية الوطنية كان من بينهم دون شك الاستاذ عبد الاله بن كيران .) .. مع التأكيد على مواصلة التزام المغرب بمناصرة القضية الفلسطينية وعدم التخلي عن دعم الشعب الفلسطيني في استرجاع حقوقه المسلوبة وبناء دولته الوطتية …
البلاغ الصادر عن الديوان الملكي قد يفسره وجود معطيات معتبرة لدى المستويات الاعلى للدولة غير متاحة أو لا يمكن كشفها للجميع ، أو لم يقع التواصل فيها مع الفاعلين السياسيين …
لكن لا أعرف كيف يمكن أن يكون النقد لتدبير حكومي او لتصرف وزير ولو كان من وزراء السيادة ..أن تكون له أبعاد انتخابية أوللترويج الحزبي الداخلي …
وفي نفس الوقت لا يمكن أن أنفي مطلقا أن موقفا من قيادة الحزب من قبيل هذا يمكن أن تكون فيه مكاسب انتخابية على المدى القصير أو المتوسط او على مستوى تعزيز لمواقع تنظيمية …
لكن تلك المكاسب لن تكون مصدرها نقد لوزير من وزراء السيادة …
الملك وحده لا غيره هو الذي يجب أن لا تنتهك حرمته، هو الوحيد الواحب التوقير والاحترام.”
لكن هذه الواحبات او الخصوصيات لا تنسحب ضرورة على أشخاص الوزراء ولو كانوا يدبرون اداريا وتنظيميا حقلا من حقول السيادة … .. وهو الفصل الذي يحفظ في نفس الوقت ما ينبغي للملك من واحب التوقير .. ويحفظ للأحزاب السياسية دورها في التنيه على مظاهر الخلل التي يمكن أن يقع في التدبير اليومي لقطاع حكومي يعتبر من محالات السيادة
ولهذا تتم مساءلة وزير الاوقاف وتتم مساءلة وزير الخارجية ويتم انتقاد تدبيرهم ..لأن الدستور لم يجعلهما محصنين كما هو الشأن بالنسبة لشخص الملك الذي قال الدستور فيه وحده انه شخص واحب التوقير وليس في أحد سواه :
” شخص الملك لا تنتهك حرمته، وللملك واجب التوقير والاحترام.”
ناهيك أن عددا من مشاريع القوانين اي القوانين التنظيمية التي تتم المصادقة عليها في المجلس الوزاري تكون موضوعا للنقاش والتعديل .. ولم يفهم من ذلك يوما أن في ذلك إخلال بواجب التوقير لشخص الملك …
واليوم للأسف الشديد نرى أن هناك من يسعى لتوسيع هذه القاعدة كي تشمل أشخاصا بحيث يصبح مثلا نقد لقجع او نقد وزير الخارجية وكأنه نقد لاختيارت الدولة ولرئيسها .. أو قد يعتبره البعض خدمة لخصوم البلاد وسقوطا في فخ خصومنا وجيراننا !!!
رجاء لا تضيقوا واسعا .
لا أظن أن حاكما في منطقتنا يحظى بالتوقير والاحترام … الذي يحظي به جلالة الملك محمد.السادس حفظه الله ….
الاحترام والتوقير هو ضربة اليد وثمرة الفؤاد … وهو أمر من أحسن وأكبر من يستحقه في المنطقة ملك البلاد أمير المؤمنين محمد السادس حفظه الله وسدده .. ولا نكاد نجده الا في الخصوصية المغربية وفي الحالة المغربية …
وأخيرا فإن الدرس المستفاد هو ااحاحة لتعزيز تواصل الدولة مع الفاعلين السياسيين والاجتماعببن وصناع الرأي العام حين يتعلق الأمر بقضايا تقدر السلطات العليا للبلاد ان فيها خدمة للبلاد ولقضاياها الوطنية الاستراتيجية …. و تكون فيها تفاصيل ومعطيات لا تكون متاحة للعموم … ويعرفها أصحاب القرار والقريبون منهم …
* ذكرت في العنوان السيد لقجع … وهناك اليوم خطاب يتم ترويجه من قبل بعض المتزلفين على ان انتقاد لقجع هو خدمة للجزائر … ولنا عودة للموضوع