توالي الإهانات لممثل الكابرانات!

اسماعيل الحلوتي

منذ تولي عبد المجيد تبون البالغ من العمر اليوم حوالي ثمانين سنة رئاسة الجمهورية الجزائرية، خلفا لرئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح، إثر انتخابات رئاسية صورية نظمتها السلطات الجزائرية في 12 دجنبر 2019، وأدائه اليمين الدستورية صباح يوم الخميس 19 دجنبر 2019 وسط أجواء من الاحتقان الشعبي الرافض لاستمرار الدولة العسكرية، وهو يتعرض لمختلف أشكال الإهانات والانتقادات من مختلف الجهات، وخاصة عبر منصات التواصل الاجتماعي، التي لا تكاد تخلو من تعاليق ساخرة.
فالرئيس الجزائري المعين قسرا من قبل النظام العسكري الذي يحكم قبضته على ثروات البلاد ورقاب العباد، ليس له من مهام عدا تكريس عقيدة العداء للمغرب ومعاكسة وحدته الترابية، بدل الانشغال بأهم قضايا وطنه ومصالح أبنائه، من حيث التنمية والحد من معدلات الفقر والبطالة وتحسين ظروف عيش المواطنين. حيث لم ينفك يراكم تناقضات مواقفه وتحركاته، ويؤكد في عدة مناسبات على عدم تدخل بلاده في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، ثم لا يلبث أن يكشر عن أنيابه ويكشف وعن وجهه الحقيقي، وهو يحمل معه ملف الصحراء أينما حل وارتحل مثل البرتغال، التي زارها يوم الإثنين 22 ماي 2023 ليس بهدف توسيع مجالات التعاون الاقتصادي، وإنما لمناقشة قضية الصحراء المغربية مع الرئيس البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوزا، كما ورد في قصاصة لوكالة الأنباء البرتغالية الرسمية “لوسا”، وذلك على بعد أيام فقط على تجديد البرتغال تأييدها للمقترح المغربي حول الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية.
ذلك أنه وبعد أن فقدت الجزائر الدعم الإسباني لأطروحتها الانفصالية، ومرت بضعة أيام على الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش للعاصمة البرتغالية، وانعقاد الدورة الرابعة عشرة للاجتماع رفيع المستوى بين المغرب والبرتغال، الذي انتهى بتوقيع حزمة من الاتفاقيات الثنائية في عدة مجالات، وتأكيد البلدين على رغبتهما في تطوير علاقاتهما والارتقاء بمستوى تعاونهما السياسي والاقتصادي والرياضي، انطلاقا من الروابط التاريخية والجغرافية التي تجمع بينهما، أبى النظام العسكري الجزائري الذي يزعجه كثيرا تقارب أي دولة أوروبية مع المغرب، إلا أن يسارع إلى محاولة نسف جهود المغرب وفق ما دأب عليه من مناورات، باستمالة البرتغال معتمدا في ذلك على استثمار ورقة النفط والغاز، التي لم تنفعه مع الطرف الإسباني الذي فطن إلى ألاعيبه.
بيد أن ما أثار انتباه الكثير من الملاحظين والمهتمين بالشأن العام المغاربي، هو ذلك الاستقبال الباهت الذي خصص للرئيس تبون عند وصوله مطار العاصمة البرتغالية لشبونة، حيث تفاجأ هو نفسه عند وصوله يوم الإثنين 22 ماي 2023 بعدم وجود الرئيس البرتغالي أو أي مسؤول سام في انتظاره، خلافا للبروتوكول المعمول به أثناء استقبال رؤساء الدول. إذ لم يكن في استقباله عدا سفير الجزائر وبعض الشخصيات الدبلوماسية والعسكرية، وهو ما اعتبره عدد من الجزائريين وغيرهم إهانة كبرى للرئيس وللدولة الجزائرية أو “القوة الضاربة”، كما يحلو لسيادة الرئيس تبون أن يطلق عليها.
وليس هذا وحسب، فقد تعرض الرئيس تبون كذلك هناك بالبرتغال يوم الثلاثاء 23 ماي 2023 لإهانة أخرى من قبل بعض أفراد الجالية الجزائرية، الذين لم يترددوا في رشق سيارته بالبيض الفاسد وإطلاق صافرات الاستهجان والاحتجاج على نظام الكابرانات خلال عبور سيارته شوارع العاصمة لشبونة، مطالبين بالإفراج الفوري عن سجناء الرأي المعتقلين. فضلا عن أن عددا من المعارضين الجزائريين كانوا مصطفين أمام مقر بلدية لشبونة، وظلوا مرابطين هناك حتى خروجه وركوبه سيارته الرسمية، ليرفعوا شعارات مناوئة لسياسة الطغمة العسكرية الفاسدة والمستبدة، الاحتجاج بقوة على غطرستها وتبديد ثروات البلاد والعباد في دعم مرتزقة البوليساريو، والمطالبة بإقامة دولة مدنية وليس عسكرية…
ومن الإهانات السابقة هناك أيضا تجاهل المملكة العربية السعودية للجزائر في مشاورات جامعة الدول العربية بخصوص عودة النظام السوري إلى كنف الجامعة، حيث عقدت اجتماعا تشاوريا يوم الجمعة 14 أبريل 2023 لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ومعهم وزراء كل من مصر والأردن والعراق، من أجل تدارس سبل هذه العودة، دون استدعاء الجزائر التي تترأس التكتل الإقليمي في الظرفية الراهنة. مما دفع به إلى مقاطعة فعاليات القمة العربية في دورتها الثانية والثلاثين، التي انطلقت في جدة بالسعودية يوم الجمعة 19 ماي 2023 بحضور الرئيس الأوكراني فولديمير زيلينسكي كضيف شرف.
ناهيكم عن الإهانات المتكررة والمستمرة للجزائر من لدن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر رفضه التام طلب الصفح بشأن جرائم بلاده السابقة، وتشكيكه في مسألة وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي للجزائر عام 1830، إضافة إلى تصريحه علانية بالصورة والصوت بأن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون رهين نظام متحجر. ثم أي إهانة أكبر وأخطر من كون الجماجم التي استرجعتها الجزائر من فرنسا مغشوشة وليست جميعها لرجال مقاومة، حيث تم الكشف من قبل صحيفة أمريكية عن أن 18 جمجمة من أصل 24 مشكوك في أصلها؟
وعن عديد الخرجات الإعلامية التي تحول فيها الرئيس الجزائري إلى مهزلة كبرى، مثل تلك التي ادعى فيها أن الرئيس الأمريكي جورج واشنطن سلم مسدسات للمجاهد والقائد الجزائري الأمير عبد القادر، والحال أن “واشنطن” مات في 14 دجنبر 1799، فيما الأمير عبد القادر لم يولد إلا في 6 شتنبر 1808.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *