اختتام أشغال الدورة الثامنة من الجامعة الشتوية الشبابية

اختتمت فعاليات الدورة الثامنة من الجامعة الشتوية الشبابية التي نظمتها كل من جمعية مستقبل المزار وجمعية دار الحي المزار أيام 24 و25 و26 يناير 2020 بمركب سوس توهمو بمدينة أيت ملول، في موضوع” المهارات البحثية”، تم افتتاح أشغال الدورة، يوم الجمعة 25 يناير، بكلمتين: كلمة ممثل الجمعيتين المنظمتين وكلمة المنسق العلمي للدورة الدكتور عبد العالي المتقي التي ذكر فيها أهداف الدورة والفلسفة المؤطرة لها، وأنها امتداد منهجي وعلمي للدورات السابقة.
تلت الكلمتين مداخلة الدكتور رشيد بن بيه ” المهارات البحثية والأخلاق العلمية” وتطرق فيها إلى ثلاثة نقط أساسية: أخلاقيات العلم: ظهورها، مفهومها وأنواعها؛ فقد ظهر مشكل العلم والأخلاق تاريخيا في إطار صراع بين العلم والدين، فالعلم يقطع جميع القيم الدينية والأخلاقية للوصول إلى الحياد، لذلك تم تقنينها ومأسستها بعد الحرب العالمية الثانية. وقد ظهر موقفان متعارضان في تحديد خاصية العلم: الأول موروث عن عصر التنوير يقول بأن خاصية العلم الأساسية هي القطع مع الحس المشترك والعادات والأخلاق… يتطلب توفير الحرية المطلقة للعلماء؛ والموقف الثاني، مفاده أن العلم مؤسسة لابد من استرشادها بالأخلاق ضمانا لموضوعية العلم، فظهر مفهوم ” أخلاقيات العلم”.
فالأخلاقيات العلمية، كما حددها الأستاذ رشيد بن بيه، “مجموعة القواعد الهادفة لإخضاع النشاط البحثي العلمي إلى احترام قيم عليا كالنزاهة والكرامة الإنسانية والطبيعة البشرية”، وكذا ” مجموعة من السلوكات المنتظرة من جميع الأطراف المتداخلة في إنتاج البحث”. وهذه الأخلاقيات ملزمة ليس للباحث فقط بل لجميع المتدخلين في الشأن البحثي (ممولون، ناشرون، لجان التقييم، قراء، لجان منح الجوائز…).
ولقد قسم الأستاذ رشيد الأخلاقيات البحثية إلى ثلاث أنواع: أخلاق معيارية عامة، أخلاق تطبيقية خاصة بكل مجال بحثي، الميتا أخلاق/أخلاق الأخلاق؛ وتناول نماذج هذه المهارات والأخلاقيات، كالأمانة والحياد…. وتلت مداخلة الدكتور رشيد بن بيه مناقشة مع المشاركين.
استأنفت الجامعة أنشطتها في اليوم الثاني بمداخلة للدكتور أحمد السعيدي بعنوان: “منهجية التوثيق العلمي”، والتي تناول فيها مفهوم التوثيق العلمي، وعلم التوثيق باعتباره “علم السيطرة على المعلومات”، فهي علم له مفاهيمه ومناهجه وتقنياته…. يهدف للسيطرة وتَمَلّك المعلومات في كل أشكالها (وثائق مكتوبة، صوتية، رقمية…) تجميعا، تصنيفا، اختزانا وفهرسة…؛ كما تناول الأستاذ دراسة وتحليل مجموعة من المفاهيم المرتبطة بتوثيق العلم ومنهجياته من قبيل الاقتباس مع تقديم أمثلة عملية في الموضوع.
أما المداخلة الثانية فكانت للدكتور محمد همام وكانت بعنوان ” مهارات تدبير الزمن البحثي”، تناول فيها الأستاذ ثمان محاور أساسية، تناول في المحاور الخمسة الأولى مفهوم الزمن/ الوقت وأهميته وأنواعه وكيف نديره، كما تناول بعض مناهج وأدوات إدارة الوقت. في المحاور الثلاثة الباقية، تطرق الأستاذ همام في المحور السادس زمن البحث وأهمية إدارته، كما تناول قانون باركنسون القائل: أي عمل يتمدد حتى يملأ الوقت المتاح للانتهاء منه. وفي المحور السابع تناول الأستاذ مفهوم ” زمن البحث/الدكتوراة” وعرفه بكون “المسافة بين أحداث الدكتوراة” أو “مجموعة من الاحداث من التسجيل إلى المناقشة”، وفي المحور الثامن تطرق المحاضر إلى خطاطة زمن الدكتوراة وقدم فيها مجموعة من التدابير الإجراءات العملية التي يمكن اعتمادها للتدبير أنجع للزمن البحث، من قبيل الخطاطات الزمنية (اليومية، الأسبوعية، الشهرية، الفصلية، السنوية) أو بخطاطات الزمن؛ ليخلص الأستاذ همام في الأخير إلى أن إدارة الزمن البحثي للدكتوراه هو فن وموهبة وكسب وقدرة، كما أنه مسار حيوي يتأسس في تفاعل مع حركة الزمن الدكتوراه. وتلت هذه المداخلة مناقشة الحاضرين للأستاذ في بعض الأفكار المطروحة ذات الطابع العملي.
في اليوم الأخير للدورة كان للمشاركين مداخلة مع الدكتور إبراهيم أمغار بـعنوان ” المهارات الحجاجية في الكتابة العلمية”، قسمها الى خمسة محاور أساسية؛ تناول في المحور الأول تحديدات لكل من المفاهيم التالية: الكتابة العلمية (تعريف وشروط)،الحجاج (تعريفه وأهدافه وأنواع اساليبه)، ثم الكتابة الحجاجية: نوع من الكتابة يعتمد على عرض ادعاء ما (أطروحة) حول قضية ما، ثم تدعيم هذا الادعاء حجاجيا عبر توليد أفكار تنشأ عن خبرات الباحث السابقة، تساعده على تحليل مكونات القضية التي يدرسها؛ بهدف إقناع القارئ بقبول وجهة نظره، وعرض الآراء المضادة بالأدلة والبراهين. في محور أهداف التدرب على الكتابة الحجاجية، ذكر الأستاذ إبراهيم هذه الأهداف منها: التجرد، تنمية قدرات التفكير التحليل والنقدي، تساعد على إثبات الحقائق وتحري صدقها، تمكن الباحث من التعبير عن ذاته والدفاع عن وجهات نظره، تنمية المهارات العقلية والذهنية واللغوية…. في المحور الثالث، أشكال الكتابة الحجاجية: قسم الأستاذ إبراهيم الكتابة الحجاجية إلى شكلين متبادلين: الشكل الفردي الداخلي حين يتجادل الباحث مع ذاته؛ والشكل الجماعي، يشارك فيه باحثان أو أكثر في حوار حجاجي جدلي، ويدعمان كتابتهما بالأدلة والبراهين بشكل منظم. في المحور الرابع، قدم المحاضر العناصر الأربعة للكتابة الحجاجية (العبارة، الجمهور، السياق، الأسباب)، وبعدها خطوات الكتابة الحجاجية بدءا بتحديد الباحث للهيكلة المنظمة لكتابته ومناقشتها مع أقرانه الباحثين، تدعيمها بالحقائق والإحصائيات، توضيح الأسباب والعلاقات بين الأسباب في وجهات النظر المعارضة… وغيرها} في المحور الأخير، قدم الأستاذ إبراهيم نماذج لمهارات الكتابة الحجاجية و تنميتها، وذلك من خلال نموذجين: النموذج الأول مقترح من Kline & Geseroff, 1993: 13، والثاني مشتق من مقترحات الفيلسوف الإنجليزي ستيفن تولمين، شرح أهميته لدى الدارسين وإمكانية تطبيقه على شكل خطاطة، وختم الأستاذ إبراهيم مداخلته بتقديم نموذج للكتابة الحجاجية من خلال تطبيقها على هذا الادعاء :«عندما يشاهد الأطفال الأفلام الخاصة بالكبار فإن هذا يؤثر على سلوكهم، ولا يتصرفون بشكل لائق». تلت المداخلة مناقشة من الحاضرين وقوفوا فيها على أهمية الحجاج والتفكير الحجاجي في التواصل اليوم وكذا ضرورة التكوين الذاتي أو في إطار مؤسسات على آليات التفكير الإبداعي والنقدي.
ثم استئناف برنامج الدورة بورشتين عمليتين، تم على إثرها تقسيم المشاركين في الدورة إلى مجموعتين حسب نوعية الورشة التي سجل فيها:
ورشة “مناهج البحث الميداني في العلوم الاجتماعية” من تأطير الأستاذ رضوان عليات، بدأ فيها على التعرف على المشاركين ومعرفة انتظاراتهم وتحديد بعض المفاهيم الخاصة بمناهج البحث الميداني في العلوم الاجتماعية، لينتقل بعدها في الشق الثاني من الورشة الى تقسيم المشاركين الى ثلاث مجموعات، تناولت كل مجموعة البحث في آلية من آليات البحث الميداني الرئيسية: الاستمارة، المقابلة، الملاحظة، وذلك بالتركيز على تعريف الأداة و ذكر أهميتها ومزاياها وعيوبها؛ وبعد عرض نتائج كل مجموعة ومناقشتها، أشاد الأستاذ رضوان بعمل كل مجموعة، وختم ورشته بمجموعة من النصائح والتوجيهات المنهجية التي تساعد الباحث في إنجازه للبحث الميداني.
بموازاة هذه الورشة، وفي فضاء آخر، كان للمجموعة الثانية ورشة تفاعلية مع الدكتور محمد طيفوري بعنوان “منهجية البحث في العلوم القانونية”، استهلها بمناقشة علمية لبعض المصطلحات والمفاهيم القانونية، قبل أن يميز بين المنهجية كفرع من فروع الابستومولوجيا والمنهج بكونه مجمل الإجراءات و العمليات الذهنية التي يقوم بها الباحث،كما قام الأستاذ طيفوري بالتعريف بأنواع المناهج وتصنيفها الى مناهج عقلية (الاستقرائية/ الاستنباطي/ الاستدلالي) ومناهج إجرائية (التاريخي/الوصفي/ المقارن)، لينتقل بعدها للحديث عن البحث القانوني ومراحل إعداده بداية من اختيار الموضوع وصولا للمناقشة، هذه المراحل هي: اختيار الموضوع، إعداد مشروع البحث، البحث وجمع المعلومات، القراءة والاستيعاب، تدوين المعلومات، وضع خطة البحث الأولية، الكتابة (المسودة)، الصياغة النهائية، الطبع والإخراج، ثم المناقشة.
واختتمت الدورة فعاليتها بتوزيع شواهد المشاركة على المشاركين و المشاركات.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *