على مشارف القطيعة 

   بقلم ابو ايوب 

 لم يجف بعد حبر مقالنا لنهر أمس و الذي نشر على الجديدة توداي تحت عنوان( هل تنزلق العلاقات الثنائية بين المغرب و اسبانيا نحو القطيعة ؟) ، حتى طالعتنا الاخبار القادمة من شبه الجزيرة الايبيرية بما يفيد التصعيد و التهديد المبطن الاسباني  نحو الجار الجنوبي المغرب . 

    في خرجته الاخيرة صرح وزير الخارجية الاسبانية السيد خوصي مانويل ألباريس ، بأن بلاده ليست في عجلة من امرها بخصوص اعادة العلاقات مع المغرب الى سابق عهدها ، و هذه رسالة واضحة حمالة دلالات مفادها من جهة  بأنها ليست بوارد تغيير موقفها من الصحراء و الاعتراف بالسيادة المغربية على الاقليم و لا بمقترح الحكم الذاتي . 

   و من جهة ثانية اسبانيا تلمح الى ان المواقف الاحادية الجانب التي اتخذها المغرب في الاونة الاخيرة مستحيل تقبلها و قبولها ، و هي عبر هذا ترسل رسالة واضحة الى القرار الذي اتخذه المغرب بترسيم حدود مياه الاقليمية بخاصة بالصحراء قبالة ارخبيل جزر الكناري حتى الحدود مع موريتانيا . 

   اما من جهة ثالثة يعتبر تصريحه هذا جوابا على تصريح سابق لرئيس الحكومة المغربية السيد عزيز اخنوش ، الذي دعى من خلاله اسبانيا  الى اتخاذ موقفا واضحا من قضية الصحراء ، مقابل الطموح و الارتقاء بالعلاقات الى مستويات متميزة  و فتح افاق مستقبلية واعدة لكلى البلدين في جميع المجالات . 

   في حين يبدو من جهة رابعة ان اسبانيا متمسكة بمسؤولياتها القانونية و الاخلاقية و التاريخية كمستعمر سابق للصحراء ، و هي في هذا تشير الى اتفاقية مدريد الثلاثية لسنة 75  بينها و المغرب و موريتانيا ، اتفاقية كما هي موثقة بالامم المتحدة تعلن فيها اسبانيا بتسليم ادارة الصحراء و ليس السيادة  الى كل من المملكة المغربية و الجمهورية الاسلامية الموريتانية ، من منطلق ان المستعمر لا يمكنه تسليم سيادة ما لا يملك ، و هذا هو الخطأ الجسيم او الفخ الذي نصب للجانبين المغاربيين و الذي لم ينتبه له المفاوض المغربي و الموريتاني وقتذاك . 

   كما علينا ان نستذكر حقيقة خروج موريتانيا من الاتفاقية الثلاثية سنة 79 ، عندما تنصلت من بنودها تحت تأثير  الحرب التي شنت عليها ، حيث كان اخرها الهجوم على العاصمة نواكشوط و تهديد الدولة الموريتانية في وجودها ، حيث اسفر الهجوم عن انقلاب عسكري على الزمرة الحاكمة ، تلاها مباشرة التوقيع على اتفاقية سلام مع جبهة البوليساريو ( اتفاقية الجزائر) بموجبها تم الاعلان عن نهاية الحرب تبعها  اعتراف متابدل و اقامة علاقات ديبلوماسية بين الجانبين. 

    بالتالي اتفاقية مدريد الثلاثية التي تنصل منها طرف موقع اصبحت  في حكم الملغاة بحسب القانون الدولي ، و هذا ما يرتكز عليه الجانب الاسباني في مواجهة المغرب ، كما علينا ان نستذكر ايضا و منذ التوقيع على الاتفاقية المشؤومة ، حقيقة تمسك اسبانيا بأحقية سيطرتها على ادارة حركة الطيران المدني العابر للاجواء الصحراوية ، و مراقبة الحركة  انطلاقا من لاس بالماس و ما ينجم عنها من جباية عائدات المرور عبر الاجواء . 

   من بوادر التصعيد الاسباني الممنهج و المدروس بعناية فائقة ، ما اقدمت عليه الحكومة الاسبانية برئاسة بيدرو شانشيز ، عندما وشحت وزيرة الخارجية السابقة ارانشا غونزاليس لايا بارفع وسام للمملكة الاسبانية تقديرا لها على ما قدمته من لبلدها اسبانيا.  بالمناسبة علينا استذكار ان الوزيرة الموشحة و المثيرة للجدل ،  هي نفسها من تسببت في اندلاع الازمة مع المغرب حسب التصريحات الرسمية المغربية ، و هي بشحمها و لحمها التي سمحت باستقبال زعيم الجبهة للاستشفاء بمستشفى لوغرونيو ، و عندما عزلت اقام المغرب الدنيا و لم يقعدها و اعتبر اقالتها  انتصارا ، فبأي  انتصار اصبحنا اليوم نتغنى؟ . 

   اليوم يتأكد بالملموس ان لا اسبانيا و لا المانيا و من ورائهما المنظومة الاوروبية بوارد تغيير مواقفهم من الصحراء ، بل حتى اسرائيل نفسها التي طبعنا معها و عقدنا معها اتفاقيات و معاهدات …..، اسرائيل التي باعتنا منظومة القبة الحديدية و الطائرات المسيرة و برمجيات بيغاسوس ….، لم تعترف لحدود الساعة بسيادة المغرب على الصحراء . 

   بينما الانكى و الامر الموقف الضبابي للادارة الامريكية الحالية التي لم تجرؤ على افتتاح قنصلية لها بالداخلة رغم مرور اكثر من سنة على وعد ترامب ، بل لنقل بجرأة انها لم تعين بعد سفيرا لها بالرباط مكتفية بالقائم باعمال السفارة ، و هذا ما يعتبر في حد ذاته و بحسب الاعراف الديبلوماسية بانه امر غير طبيعي بين حليفين تقليديين ما يجمعهما اكثر مما يفرقهما ! لتطرح عدة علامات استفهام حول ما يتعرض له الوطن من مخاطر محدقة و ضغوط سياسية تمارس عليه.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *