بين ثقافة الكمامة وثقافة التكميم

0

بقلم: محمد يتيم
عدد من الشعوب المسلمة من جنوب شرق آسيا يرتدون الكمامة في مناسك الحج قبل ظهور كمامة كوفيد ، وهو ما يدل على تشبعهم بثقافة الوقاية من الأمراض المعدية مثل الانفلونزا وغيرها .
ودون شك فإن هذه الشعوب لم تجد نفسها في ” أزمة ” مع ذاتها ومع القانون خلال جائحة كورونا كما وجدنا أنفسنا في “أزمة ” معها وحرج كبير في التأقلم مع حملها
مواطنوا تلك الشعوب يحملون خلال موسم الحج مثلا مظلات واقية من الشمس من نوع واحد ولون واحد في أغلب الاحيان . في حين يصاب عدد كبير من المغاربة بالزكام وضربات الشمس .. ناهيك عن طوافهم بطريقة جماعية ومنظمة .. و يتوه عدد من المغاربة في الحرم وفي منى وعرفات …
واتذكر أنه قد استغرق مني جهد كبير ووقت كبير للبحث عن خيمة حاج مغربي وجدته تائها في منى ..
للآسف الشديد عدد كبير من الحجاج المغاربة يكونون طاعنين في السن وان كانت هذه الظاهرة في تراجع ..
ومن الذكريات المؤلمة في رحلة حجي وفاة حاج في الحافلة ونحن ذاهبون لجدة في الطريق للمطار من اجل العودة للمغرب .” الحاج ” المذكور كان في حالة صحية متدهورة خلال مناسك الحج وعلمت أنه لم يكن قادرا على أداء عدد من اركان الحج ..
والواقع أن الإصرار على الحج أو على ” تحجيج ” افراد لا يستطيعون له سبيلا يدل على أزمة ثقافية وأزمة في فهم حقيقة الدين
في الحج يظهر تفاوت كبير على المستوى الثقافي بين الشعوب الاسلامية بين شعوب حريصة على النظافة والنظام مثل الاتراك والاندونييسين والماليزيين وبين شعوب اخرى أتحاشى ذكرها تسمياتها … يفترش كثير منها الارض ويعيشون خلال ايام الحج وينامون في طرقات الحرم وردهاته .. يشربون ويأكلون ويتركون مخلفاتهم دون وضعها في صناديق القمامة …
موسم الحج يعكس بوضوح مظاهر من ثقافات الشعوب الاسلامية فيها مظاهر من الرقي والتحضر وفيها مظاهر اخرى من التخلف .. وقد سبق أن كتبت فيها …
ولنرجع الى ثقافة الوقاية من خلال مثال كمامة الشعوب المسلمة في جنوب شرق آسيا ، الكمامة التي كان كثير منا متأففا ومتبرما منها .. يرفض وضعها أو يضعها بطريقة خاطئة .. يحملها فقط خوفا من المساءلة أو الغرامة
لا يمكن بطبيعة الخال ان نحلم بأن يحمل الواحد منا في موسم الانفلونزا الموسمية الكمامة .. لم نحملها إلا ونحن مكرهين وإذا ارتديناها ارتديناها بطريقة غير صحيحة ..
يبدو أن الشعوب العربية ترفض النظام والانتظام وتعتبر التمرد عليه أحيانا شطارة .. يفتخر كثيرون منا انه لم يكن بحاجة إلى أن يقف في الطابور حتى يأتي دوره .. يفتخر بالمحسوبية ويعتبرها دايلا على جدارته ومكانته .. نحمل الكمامة شكلا ونتمرد عليها عمليا .. نحزم حزام السلامة عند اقترابنا من شرط المرور ونكف وقتيا عز الحديث في الهاتف !!
فرق بين أن نحمل الكمامة باعتبارها جزءا من الاحساس بالمسؤولية في حماية النفس مز الانفلوانزا وحماية الاخرين منها .. وبين حملها تفاديا للمحاسبة .. فرق بين أن نمتنع عن الهاتف إحساسا بمسؤوليتنا عن سلامتنا للشخصية وسلامة الآخرين وبين أن نفعلها خوفا من عقوبة زجرية
فرق بين أن نحمل الكمامة عند قربنا من نقاط المراقبة وبين أن نحملها إحساسا بمسؤوليتنا عن صحتنا وصحة أقربائنا وصحة من نخالطهم .
فرق بين ثقافة الكمامة وثقافة التكميم
الحمد لله ألذي رفع عنا الوباء .. لكنها مناسبة لمراجعة عدد من سلوكاتنا الثقافية ومنها ثقافة الوقاية للذات وللاخرين باعتبارها مظهرا من مظاهر ثقافة المسؤولية !!!

Leave A Reply

Your email address will not be published.