معاهدة بروتون وودز في مهب الريح …باي باي ماما امريكا .

بقلم ابوايوب


الحرب الروسية الاوكرانية كشفت عما كان يخفيه الغرب ، أكذوبة الدولار كركيزة اساسية في النظام المالي العالمي ما بعد الحرب العالمية الثانية نهاية الاربعينيات ، اكذوبة ربط الدولار بقيمته ذهبا كاساس للمعاملات التجارية و….و…..في الاسواق الدولية و مدى ارتباط الدول فيما بينها من علاقات ثنائية . سنة 1971 كشفت امريكا عن وجهها الحقيقي بتخليها عن القيمة الذهبية للدولار كمرجعية في التعاملات الدولية ، و تعويضها بالسراب عبر ربطه بالبترول بدل الذهب ، وقتذاك إنجلى هول الخديعة و المصيدة و المكيدة التي تعرضت لها مختلف الاقتصاديات الدولية ، جميعها وجدت نفسها مرغمة اختك لا بطلة بالتعامل القسري بعملة الدولار ، رغم فقدانها لقيمتها ذهبا ( البترول سائل و الذهب صلب و شد فالما او قيد في الثلج او الزبدة في يوم صيف حار ).
يذكرنا الوضع الدولي هذا بمدى ارتباط الحرب الروسية الاوكرانية بالحرب الامريكية على العراق بداية الالفية الثانية ، و القاسم المشترك بين الحربين رغم التفاوت الكبير في التوقيت ، فضلا عن تغير موازين القوى جهويا اقليميا و على الصعيد الدولي ، و القاسم المشترك هذا يتمثل بالضرورة بحدثين تم التعتيم عليهما اعلاميا يوم اعلان الحرب على العراق امريكيا و عربيا ، و ما تولد عنها من تطورات طالت دويلة اسرائيل و اعني بهما ( استهذاف اسرائيل بحوالي 40 صاروخ سكود عراقي/ اعلان صدام عن فك تبعية و ارتباط الصادرات النفطية العراقية بالدولار ).
بالتالي ، واهم متوهم من يعتقد بان الحرب الامريكية الغربية العربية على العراق ، كانت بسبب غزوه للكويت او بدعوى امتلاكه لاسلحة الدمار الشامل ، او بسبب تهديده لاستقرار منطقة الخليج الفارسي و الشرق الاوسط ، كما هو حالم هائم من يؤمن بان الحرب الروسية الاوكرانية نابعة من نزوات قيصر ابتغى استعادة امجاد روسيا القيصرية ، و لمن به ريب و شك احيله على اول قرار استراتيجي ما بعد اندلاع الاعمال الحربية اتخذه بوتين ، اشتراطه تأدية الفواتير المترتبة من خلال المعاملات التجارية و الطاقية على الخصوص بالروبل الروسي أو بالعملات الوطنية كاليووان الصيني او الروبية الهنديةاو الريال السعودي و قس على هذا….
بالتالي يتوضح اكثر بأن حرب بوتين ليس المقصود منها اوكرانيا ، بقدر ما هو المقصود المنظومة المالية الغربية من دولار و أورو عملة اوروبا التي هيمنت طويلا و قد حان وقت قطافها، و لعلي ببوتين ينشد اليوم رائعة الحجاج بالعراق ( اني ارى رؤوسا قد اينعت و حان قطابها و اني لصاحبها ) ، مقولة الحجاج تصلح كعنوان الحاضر اليوم من خلال ما يجري بين روسيا و الغرب و ليس اوكرانيا ارنب السباق التي تخلى عنها الغرب و خذلها بالشعارات الجوفاء.
استراتيجية اعتمدها الروس بالتنسيق مع حلفاء معاهدة شنغهاي و مجموعة البريكس بما شمل جغرافية الامن القومي للدول الموقعة ( الصين.روسيا.الهند.باكستان.ايران… مثال) ، و ما الحرب الروسية الاوكرانية الا مقدمة لمتغيرات قادمة من المحتمل جدا ان تقوم الصين بضم الصين تايوان و فرضها سيادتها على بحر الصين الجنوبي بما يشمل الجزر المتنازع عليها مع اليابان ( ثأر التاريخ بين الصين و اليابان ابان الفترة الاستعمارية ) .
و من بوادر التمدد الصيني من خلال القوة الناعمة Soft Power و مدى ارتباطه بالجوانب العسكرية ، اكتفي بالاتفاقية العسكرية المبرمة بين الصين و جزر سليمان لانشاء قواعد عسكرية بحرية على مرمى حجر من شبه القارة الأوسترالية ، و هذا ما اجج حنق استراليا معتبرة اياه تهديدا صينيا لأمنها القومي. و قد أتت الخطوة الصينية تزامنا مع الخيانة الامريكية البريطانية الاسترالية لحليفتهم التقليدية فرنسا ، من خلال الغاء صفقة الغواصات النووية بين فرنسا و اوستراليا ( حوالي 50 مليار دولار قيمة الصفقة ) .
هذا بالضبط ما اسس لبداية تحلل المنظومة الغربية خلاف ما خططت له من سياسات و ما رسمته من استراتيجيات في مواجهة الصين و روسيا و من يدور في الفلك ، فبدل تقوية المواقف حصل العكس و هذا بالضبط ما نعيشه اليوم من خلال الحرب على اوكرانيا ( دعم و تأييد و شعارات فضفاضة و كاني بها حرب غربية روسية صينية حتى آخر مواطن اوكراني …) ، بالتالي اصبح بالامكان الاعلان اليوم عن شهادة وفاة و نعي لمعاهدة بروتن وودز التي دامت لاكثر من سبعين عاما ، و هي بالمناسبة اكبر كذبة عاشتها و آمنت بها شعوب العالم في العصر الحديث ، جنبا الى جنب ما روج عن كون الغرب ديموقراطي انساني حداثي يرمي الى المساواة و العدالة و حقوق الانسان احتراما لانسانية الانسان .
اليوم اجزم كما جزمت سابقا في عدة مقالات بعناوين شتى ، نهاية المنظومة الغربية في شكلها الحالي او افولها على اقل تقدير ، و قد جزمت سابقا بتمدد محور و حلفاء ( روسيا…..) على حساب تبدد حلف و ادوات( امريكا…..) ، و الحاصل اليوم لا يفنذ الحقيقة و لا يدحضها من خلال ما يجري باوكرانيا او عبر ما تتوجس منه اوروبا و امريكا من ازمة طاقة و غذاء ، و هي الدول التي اصبح بالامكان اليوم توديعها و نعيها ضمن سياق خبر كان ، كيف ذلك ؟
فبعدما كان القول سابقا باي باي ماما فرنسا و نهاية الفرانگوفونية افريقيا ، و هذا ما نشهده اليوم في كل من مالي و النيجر و التشاد…، اصبحنا اليوم على ابواب باي باي ماما امريكا في مختلف بقاع العالم ( الخليج الفارسي ” ايران ” و الشرق الاوسط ” الازمة السعودية الامريكية مع ترقب مخرجات لقاء بايدن و ولي العهد الامير ام. بي .اس / اسيا و افريقيا و اوروبا على ضوء الحرب بأوكرانيا و ما تسببت فيه من تداعيات و خلقته من ازمات شملت كافة الصعد بما فيها ازمة الغذاء و الطاقة.
كان هذا غيض من فيض حكاية ترهل نسر و وني حمار أمريكيا المولد و الانتماء ، في مواجهة تمترس دب قطبي و تربص ثنين اصفر اقسما الولاء على وضع حد لتنمر الغرب المتوحش المتعطش لامتصاص دماء مستضعفي هذا الكون ، حقيقة الانهيار حقيقية و ما هي الا مسالة وقت ، و الرجاء كل الرجاء ربط احزمة الامان اتقاءا لغذر الومان … زمان الغرب الذي تميز بقانون القوة بدل تميزه بقوة القانون كما يدعي . انعمتم مساءا او صباحا كل بحسب توقعه الجغرافي .

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *