القرآن والعقل .. مدخل معرفي ونماذج تطبيقية للكاتب: أبو زيد المقرئ الإدريسي

القرآن والعقل .. مدخل معرفي ونماذج تطبيقية للكاتب: أبو زيد المقرئ الإدريسي..

عرض وتعليق: د. عادل عبد العزيز حامد.
[email protected]
باحث و مستشار أكاديمي
مركز سما للاستشارات العالمي – بريطانيا

www.samaglobalconsulting.com

يقّع الكتاب في حوالي 263 صفحة من الحجم المتوسط و هو من طباعة مؤسسة الإدريسي الفكرية للأبحاث و الدراسات بدولة المغرب بمدينة الدار البيضاء, أستعرض هذا الكتاب وهو في طبعته الرابعة, و قد أهدى المؤلف الكتاب إلى أمّة “أقرأ” لعله يكون خطوة في الطريق أو لبنةً في البناء من أجل أمّةٍ تكرم العقل وتقدس العلم و تؤوب إلى القراءة من جديد.
التعريف بالمؤلف:
ولد أبو زيد المقرئ الإدريسي سنة 1960 بمدينة مراكش بالمغرب, من أسرة فاضلة معروفة بالعلم و الصلاح, و أشرفت أمه على تحفيظه القرآن و تلقى تعليمه الابتدائي و الثانوي بمراكش ليلتحق بعدها بجامعة محمد الخامس بالرباط ثم أستاذاً بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء, و كان مختصاً في الأدب العربي, ونال دبلوم الدراسات العليا في تخصص لسانيات, ثم عمل أستاذاً بشعبة اللغة العربية و شعبة الدراسات الاسلامية (علوم القرآن و الحديث واللسانيات). ثم أصبّح نائباً برلمانياً عن حزب العدالة و التنمية ونال عضوية العديد من الهيئات العلمية و الدعوية منها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وعضو رابطة الأدب الاسلامي العالمية و شارك في الكثير من المؤتمرات العربية و العالمية وهذه المعلومات كلها من الموقع الرسمي للمفكر و الأستاذ المقرئ أبو زيد الإدريسي.
العرض و التعليق:
يوضح الناشر أن هذالكتاب يقدّم تحليلاً لأهم مظاهر أزمة العقل عند المسلم المعاصر واستعراضاً لبعض الآثار الكارثية لذلك و تلمساً لمعالم العلاج من المنطق القرآني, رؤيةً و منهجاً و استدلالاً. وذلك بالإضافة إلى قضايا تطبيقية من الرحلة العقلية لسيدنا ابراهيم عليه السلام من التفاسير المعاصرة والمنهج الإبراهيمي في إعمال العقل مروراً بنقد هذه التفاسير المعاصرة. ثم تحدّث المؤلف عن تجربة سيدنا موسى و المفسرون المعاصرون, وتحدّث عن الفصل بين العاطفي والعقلي.
استهل المؤلف الكتاب بمدخل إلى العقل والعقلانية و فصل تمهيدي نحو امتلاك الإحساس بأزمة العقل المسلم و تحدّث عن أزمة التقليد ووصف فقه الواقع ثم تطرق للمتّعلقاّات التأسيسية للتدبر العقلي, النسقي والتاريخي و المنهجي و تحدّث عن مناهج إعمال العقل و طرق الاستدلال العلمي و النموذج النبوي ومواقف الصحابة, و التفكير الكلي و الحزئي, و التفكير المطلق و النسبي. ثم تحدّث عن الصلة المفترضة بين الحوار و العقل و مؤشر الحوارية في القرآن الكريم مع التطبيق النبوي و كيف تفاعل السلف مع هذا الحوار.
• يرى المؤلف أن الأزمة الإسلامية سببها الرئيس أنها ألغت العقل إلغاءً شبه كامل و عطلت استثماره حتى انتهى المطاف بالمسلمين إلى حالة من التخلف الشامل الذي أثمر في تحكم الغرب في المسلمين و سبب ذلك هو الصدّ عن منهج الله الذي يدعو إلى إعمال العقل و عدم تعطيل القدرات الفطرية التي حباها الله للإنسان
“أفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها ۝ \محمد 24\
“۝ كِتَابّ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكّ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ۝ ” (ص\ 29)

الكتاب رحلة عقلية مستنيرة في القرآن الكريم تنادي بالتدبّر و بالتفكير العميق في معاني القرآن الكريم و أن نعمّل العقل و نحن نقرأ القرآن و أن تكون القراءة بتدبّر كما أمرنا الله بذلك, و قد نادى المؤلف السملمين بتشغيل ملكات العقل من تفكير و تحليل و إستباط في أقصى درجات فعاليتها و قوتها و يوضح المؤلف أن مشكلة المسلمين اليوم تتمثل في تعطيلهم لعقولهم و عرّف العقل المسلم السلبي و ما أنتجه الأسلاف من فقه و تفسير و نقد من هذا التراث, مع أن هؤلاء السلف قد كتبوا لزمانهم و بإمكانيات ذلك الزمان و لمعالجة إشكالات تلك الأوضاع و التي تختلف تماماً عن زماننا هذا. و الآن نحن لدينا إمكانيات وعلوم و تقنية معلومات تفوق تلك العهود بسنوات ضوئية و أنا مع تلك المقولة التي يقول بها البعض “هم رجال و نحن رجال, و كلٌ محاسب بواقعه و ظرفه التاريخي و التحديات التي تواجهه”. و تحسب أن المفكر الأستاذ المقرئ أبو زيد الإدريسي هو من رجال اليوم و الذي يتحصن بالعلم و معرفة الواقع المعاصر و إعمال العقل لمواجهة متطلبات الزمان و المكان و مواجهة الأزمات المعاصرة بفكر علمي عقلي من واقع التدبر في القرآن و الإحاطة بالعلوم العصرية حتى يخرج المسلمون من تخلفهم و اللهث وراء زيف الحضارة الغربية المادية.
من أجل ذلك كان لا بد من العودة إلى الأصول إلى القرآن الكريم في محاولةٍ لاستقراء ضوابط و أسس منهجية عامة درءاً للتعارض المتوهم بين العقل و الإيمان.
الكتاب يحتاج إلى قراءة هادئة متدبرة باهتمامٍ و تروٍ لأنه يغوص في أسسٍ فكريةٍ و عقليةٍ بإسلوبٍ جميلٍ جذاب يمكّن متابعته بعمقٍ فكري.
الكتاب سباحةٌ فكريةٌ و عقليةٌ رائعة, أدعو كل المهتمين بقضايا العلم و الإيمان, و قضايا التراث إلى قراءة هذا الكتاب بعقلٍ مفتوح ليستمتعوا بهذه الفتوحات الربانية.
جزى الله المؤلف خير الجزاء على هذا العمل الكبير و هذه المساهمة القيّمة من عالم القرآن و العقل.
و الله ولّي التوفيق.
د\ عادل عبد العزيز حامد

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *