فشل نهج سياسة الاحتواء و فرض العقوبات كسياسة أمريكية في إدارة الأزمات

بقلم ابو ايوب:
سياسة الاحتواء و فرض العقوبات على الدول المعارضة و المناوئة للسياسات الامريكية في ادارة الازمات الدولية فشلت ، و لم تعد تؤتي أكلها منذ أزمة الخليج عند اجتياح العراق للكويت و ما صاحبها من حصار و ما تولد عنها من مأساة انسانية . دليل الفشل ما عاشته كوبا و فينزويلا و ايران و سوريا ، و هي الدول الأربع التي تعايشت مع الحصار و نظام العقوبات بعدما تمكنت من افراغه من محتواه ، بحيث تحولت العقوبات الامريكية و الغربية المفروضة عليها من نقمة الى نعمة ، فايران مثلا تقوى دورها بمنطقة الخليج الفارسي و الشرق الاوسط ، بقدر ما تعزز اشعاعها العلمي بخاصة في مجال التسليح و غزو الفضاء و المعلوميات ، بالتالي بدل ان تقوض العقوبات و سياسة الاحتواء الاندفاعة الايرانية بالمنطقة ، جاءت النتائج عكسية بحيث استطاعت ايران مواجهة المنظومة الغربية و امريكا و هي صاغرة ندا للند بعدما أملت ايران شروطها و لم تتزحزح عنها قيد انملة .
الغباء الامريكي لم يرتدع و لم يأخذ العبرة من الدروس السالفة ، ففي سنة 2017 تفتقت عبقرية المشرعين الامريكيين و جهابدة التشريع في الكونغريس الامريكي ، الى سن قانون CAATSA لمعاقبة خصوم امريكا من خلال فرض عقوبات ( Countring America’s Adverseries Trough Sanctions Act) , و كانت البداية بكوريا الشمالية و الصين و فينزويلا تحت نظام مادورو و من بعد روسيا بعد اندلاع الازمة الاوكرانية ….، لكن الملاحظ ان النتائج جاءت عكسية تماما ، و بدل ان يتأذى اقتصاد هذه الدول ظهرت بوادر انهيار اقتصاديات المنظومة الغربية المشاركة في العقوبات ( المانيا.فرنسا.بريطانيا مثال) .
اليوم يستمر نفس غباء بعض المشرعين الامريكيين و بالطريقة ذاتها ، رسالة السيناتور الامريكي ذو الاصول الكوبية ماركو روبيو الى وزير الخارجية الامريكي انتوني بلينكن مثال ، و هي الرسالة التي دعى من خلالها الى فرض عقوبات امريكية على الجزائر ، لكنها لم تجد صدى او تجاوب من الادارة الامريكية ، عدم التجاوب هذا نجم عنه تعبئة اللوبي الصهيومسيحي بالكونغريس الامريكي بغرفتيه ( الكابتول/السينات) ، من خلال رسالة وقعها 27 عضوا جمهوريون و ديموقراطيون تتزعمهم الساناتورة الجمهورية ليزا ماكلين .
رسالة دعوا فيها ادارة بايدن الى فرض عقوبات على الجزائر ، بمسوغ عقدها صفقات تسليحية بمليارات الدولارات مع روسيا ، و هذا ما يشكل بحسب تصورهم دعما و مساندة و انخراطا في المجهود الحربي لروسيا في حربها على اوكرانيا ، و هو ما يشكل في حد ذاته خطوة مناوئة للسياسات و للمصالح الامريكية على حد سواء ، بالتالي وجوب فرض عقوبات اصبح من المسلمات بحسب وجهة نظرهم . لكن الذي غفلوا عنه بغبائهم او تجاهلوه قصدا ، كون الجزائر و منذ استقلالها ظلت وفية لعقيدتها التسلحية مع الاتحاد السوفياتي سابقا و مع الوريث الشرعي له روسيا حاليا ، بحيث لم يسبق لها عقد صفقات سلاح مع الغرب الا لماما من خلال صفقات مع كل من المانيا.ايطاليا مثال .
كما تجدر الاشارة الى التوقيت الذي اختاره هؤلاء الاعضاء لبعث رسالتهم ، توقيت صادف الاعلان عن تزويد الجزائر باسلحة نوعية ردعية دفاعية اجهاضية لاي محاولة لاعادة نفس سيناريو ليبيا بشمال غرب افريقيا ( الاس 500/ سرب الشبح الروسية سو 57/ قرب تسليم غواصتين جديدتين من نوع الثقب الاسود/ صفقة دبابات تيرميناتور ….) ، بالتالي تعزيز ترسانتها الحربية هو بمثابة تقوية لنفوذها بافريقيا و بغرب الابيض المتوسط و شمال غرب افريقيا ، فضلا عن تموقعها على الصعيد العربي و الجهوي :
– اول دولة عالمثالثية تفرض عقوبات اقتصادية على دولة متقدمة ( اسبانيا).
– استضافتها للقمة العربية المرتقبة و عنوانها الابرز قضية فلسطين .
– دورها في الملف الليبي و في الساحل و الصحراء .
– الدور الجزائري في اجهاض الحلم العبري من خلال التسلل للاتحاد الافريقي بصفة عضو مراقب .
– نجاحها في لم شمل الفصائل الفلسطينية ( اشرفت على تأطير 44 لقاءا في الفترة الاخيرة ) .
– محاولاتها المتكررة لاعادة سوريا الى الجامعة العربية .
– حضانة تونس و حمايتها من محاولات التطبيع .
– التقارب الجزائري الايراني و رفض الجزائر ادراج حزب الله و الحوثيين و حماس ضمن المنظمات الارهابية .
– قرب الاعلان عن انضمامها لمجموعة البريكس ( اكبر تجمع اقتصادي )
كما ان اللوبي الصهيومسيحي المسيطر على وسائل الاعلام الدولية بخاصة الامريكية ، لن يغفر للجزائر الدور الذي لعبته بامتياز في نصرة القضية الفلسطينية عبر التاريخ ، سواء من خلال تخصيصها طائرة شخصية لياسر عرفات في تنقلاته عبر دول العالم ، او عبر اصطحاب وزير الخارجية بوتفليقة لياسر عرفات و القاء الاخير كلمته الشهيرة من على منبر الامم المتحدة بما معناه (..غصن الزيتون بيدي اليمنى و سلاحي باليد اليسرى ..فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي..)، و ليس اخر المواقف حدث استضافتها لاجتماع منظمة التحرير الفلسطينية سنة 87 و اعلان قيام الدولة الفلسطينية رغم التهديدات الاسرائيلية باستهداف مكان انعقاد القمة .
اليوم بمقدوري ، و على ضوء هذا التكالب ، الجزم بان رغبات اللوبي الصهيومسيحي فيما يخص الجزائر لن تتحقق بالمطلق ، كما اجزم بان لا الادارة الامريكية الحالية و لا المقبلة بوارد فرض عقوبات على الجزائر ، و ذلك لعدة اعتبارات اذكر منها على سبيل المثال ، الزيارات المتكررة لقطع البحرية الامريكية للموانئ العسكرية الجزائرية ، العلاقات الديبلوماسية الامريكية الجزائرية المتميزة ، التنسيق المشترك في محاربة التنظيمات الارهابية بدول الساحل و الصحراء ، فضلا عن المصالح الاقتصادية التي تجمع بين البلدين و بخاصة في مجال الطاقة و المحروقات ، و ليس اخيرا العرفان الامريكي للجزائر في قضية الرهائن الامريكيين بايران ….
رسالة الاعضاء 27 لن تجد لها صدى لدى صناع القرار الامريكي ……سجلوا عني هذا و الايام بيننا …..، ما يعزز الطرح ، نهاية الاستفراد الامريكي بمصير العالم و خير دليل :
– رفض امريكا لعضوية اوكرانيا بحلف شمال الاطلسي .
– ما حصل اليوم بمجلس الامن الدولي من اجهاض للمقترح الامريكي بخصوص الازمة الاوكرانية ( فيتو روسي / امتناع برازيلي صيني هندي و هي دول من البريكس) .
– شرعية القضم و مشروعية الضم التي قامت بها روسيا باوكرانيا ( وفق المادتين 106/107 من ميثاق الأمم المتحدة ) .
– ما قد تقوم به الصين في المستقبل المنظور بخصوص تايوان و بحر الصين الجنوبي .
أنعمتم اوقاتا و الى موعد اخر …..

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *