بعيون اسرائيلية

بقلم ابو ايوب
يعقوب كيدمي يهودي من اصل روسي ، مؤلف كتاب ( Hopless Wars) او الحروب بدون أمل ، ضابط سابق بالاستخبارات الاسرائيلية و محلل الشؤون العسكرية ، تدرج في السلك الديبلوماسي بوزارة خارجية الكيان العبري ، منظر مرموق و تحليلاته تؤخذ على محمل الجد في الدوائر الغربية و الدولية على حد سواء ، تاريخ ميلاده يعود لسنة 1947 بموسكو و معروف عنه تأييده لعلاقات ثنائية متميزة بين روسيا و اسرائيل .
في خرجته الاخيرة لوكالة سبوتنيك الروسية ، لسان حال السياسات الخارجية الروسية و المقربة من دوائر صنع القرار ، بعدما تطرق في عجالة ، لما ينتظر بريطانيا في حالة نشوب حرب بينها و روسيا على اثر تداعيات الحرب باوكرانيا ، حيث خص بالذكر الصاروخ الروسي الفرط صوتي سيركون ، و قدرته التدميرية الهائلة التي من شانها ان تعيد بريطانيا الى العصر الحجري ، صاروخ بامكانه تدمير ما بين 50 و 60 محطة توليد الكهرباء خلال عشر دقائق من اطلاقه ، بالتالي اعدام بريطانيا و تحطيمها و اعادتها للعصر الحجري ، كما جاءت على لسانه من قبل لجريدة تايم اوف اسرائيل .
قلت تطرق في عجالة …..ليعرج من بعد في حديثه مع سبوتنيك الى ما يمثله سلاح الدرونات في حرب الصحراء بين المغرب و البوليساريو من تحدي خطير ، حيث خلص الى ما سماه بتوسيع جغرافية الحرب بما يشمل الحرب الجوية للدرونات ، في اشارة الى تهديد وزير داخلية ( الجمهورية الصحراوية بحسب وصف نفس الوكالة لها في مقال سابق) ، بقرب اللجوء الى ادخال هذه النوعية من السلاح و الغير مكلفة ، للخدمة في حرب الاستنزاف الثانية بالصحراء .
بالتالي فالامر لم يبق مقتصرا على الاعمال الحربية البرية شرق الجدار الدفاعي المغربي و على طوله ، بل قد يتعداه الى ما هو ابعد و اعمق ….لكنه لن يصل الى حرب اقليمية بين الجزائر و المغرب ، نظرا لنتائجها الكارثية على المنطقة كلها و ما يتولد عنها من تداعيات وخيمة على الخاصرة الرخوة لحلف شمال الأطلسي . كما اشار ايضا الى ما سماه بتوسيع الاعمال القتالية شرق و غرب الجدار ، و ان الامر لن يبقى على ما كان و ما هو عليه الآن ، مما يعني المساس مباشرة بحدود الطرفين المركزيين .
كما خلص كذلك في تحليله و استنتاجاته الى ما سماه بالحرب الجوية للدرونات ، اي ان دخول الحرب الجوية و ابقائها في هذا المسار ، بمعنى يمكن توسيع الانشطة القتالية و لكن ابقاء الحرب في حدود الضربات الدرونية ، و هنا يعود الامر الى العدد و النوعية بالنسبة لهذه الحرب ، و قد تكون هذه الاخيرة حربا درونية حصرا ، اذن بالنسبة ليعقوب فهو يرى على الاقل او النظرة الاسرائيلية عموما ترى ، ان هذه الحرب ستتطور بالتأكيد لكنها ستحافظ على ان تبقى حربا جوية بالدرونات ما بين طرفي الصراع .
بالعودة الى كتابه ( حروب بدون امل) ، هو يعمل بشكل قوي جدا على امر استخدام الوسائل الحديثة ، في اشارة الى سلاح الدرونات مع وصفه لها بالسلاح الحاسم ، و هذا ما يمكن نوعا ما من رسم الحل او التسوية و جنوح الاطراف الى مائدة المفاوضات . هذا التصور الاسرائيلي لحرب الصحراء الثانية لا يعتقد بحسم الحرب بقدر ما يعتقد بامكانية الوصول الى تسوية ، مباشرة بعد الحرب الجوية للدرونات التي ستدخلها الآن او غدا حرب الاستنزاف الثانية بالصحراء الغربية وفق تعبيره .
التصور الاسرائيلي هذا ، لا يرى ان هناك صدام عسكري مباشر بين الجزائر و المغرب ، و من خلال هذا الصدام الذي يجب ان لا يحدث و لو محدودا على الاقل حسب الاسرائيلي ، تبقى حرب الاستنزاف الثانية بالصحراء حرب درونات حصرا تتخللها عمليات برية على شكل اقصاف ، ما يعزز هذا الطرح بتقديري ، الزيارة الرسمية التي قام بها ابراهيم غالي زعيم البوليساريو لجنوب افريقيا ، و هي الزيارة التي نوقشت فيها مسألة تزويد البوليساريو بدرونات جنوب افريقية ، و من المؤكد ان تقوم جنوب افريقيا بتسليم هذا السلاح الكاسر للتفوق المغربي ، من زاوية دعمها و اعترافها بجمهورية الصحراء ، لكن ليس الى درجة الخروج عن معادلة الامن الاقليمي ، فالامر يتعلق بالوصول الى تسويات و لا بد لهذه التسويات ان تكون ، من منظور رؤية الاتحاد الافريقي و قرارات مجلس الامن الدولي ذات الصلة.
خاتمة الحروب مفاوضات كما جاءت في كتاب فن الحرب للصيني زن سو ، و جنوح الى تسويات بين الاطراف بغض النظر عمن انتصر و من انهزم ….بالتالي السؤال يفرض نفسه ، مع من سيتفاوض المغرب في هذه الحالة و واقع الامر لم يسجل حربا مغربية جزائرية ؟ .

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *