لا بديل عن الهوية العربية الجامعة.
عزمي بشارة:
منقول عن موقع العربي الجديد.
يرى مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة، أن مسألة المواطنة عربياً لم يتم تطويرها بعد، باستثناء بعض الدول النفطية الغنية، التي تمكنت من توزيع الثروات على المواطنين كما في حالة دول الخليج، لافتاً إلى أنه لا يمكن القول إن مسألة المواطنة بمعنى تساوي الجميع أمام القانون قد تحققت في العالم العربي.
وضمن حديثه لبرنامج قراءة ثانية، على شاشة “التلفزيون العربي”، في حلقة خصصت للبحث في محدّدات وإشكالات الهوية والهوية العربية، لفت بشارة إلى أن مصر مهيأة لأن تكون دولة ديمقراطية يتغلب فيها المواطنون على الشعور الطائفي، مرجعأً ذلك إلى حالة التجانس الإثني، وعدم وجود شروخ اجتماعية عميقة تقسم المجتمع، مستحضراً حالة الترابط إبان ثورة 25 يناير 2011. وفي نقيض ذلك، يستعرض بشارة المثال العراقي، حيث تبرز الطائفة السياسية، وبالتالي لا يمكن توحيد الجميع إلا عبر خلق حالة مواطنة، مشيراً إلى أن غياب مفهوم المواطنة العراقية، أدى إلى انقسام المجتمع طائفياً.
وانطلاقًا من الحالة العراقية، يشدد بشارة على ضرورة التمسّك بالهُوية العربية في عالمنا، لأن البديل عنها هو الطائفية، موضحاً أن الهُوية العربية مسألة جامعة أساسها اللغة والثقافة المشتركة، من دون الرجوع إلى النسب كما كان يحصل في العصر الأموي.
كما يشدد مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات على أن اللغة العربية ليست في خطر رغم المحاولات الكثيرة لسيطرة اللهجات المحلية وتصويرها على أنها لغات، ويقول: “لا توجد دولة في العالم من دون لغة معيارية للقوانين والإعلام والتدريس، ومن هنا، لا بديل عن اللغة العربية”. ويعطي بشارة مثالًا على ذلك، ذاكراً دولة جنوب السودان، التي لم تستطع الاتفاق على لغة واحدة مشتركة بعد الانفصال عن السودان.
وفي شرحه لمفهوم الهويّة بمختلف تمظهراته وتشعّباته، يوضح بشارة أن الهوية هي قضية حديثة ظهرت مع نشوء الفرد، وما قبل ذلك كانت فقط مصطلحاً فلسفياً، موضحا أن موضوع الهُوية معقد ومتشعب، وهو في الأصل يعبّر عن مصطلح فلسفي جاء نتيجة لحاجات الفلسفة العربية في القرنين الرابع والخامس الهجري، لترجمة ما جاءت به الفلسفة اليونانية، موضحًا أن هذه الكلمة تأتي من الضمير “هُو”، أي مُجمل صفات الفرد الرئيسية التي تميزه عن غيره.
ويشير إلى أن هذه الفكرة انتقلت إلى علم الاجتماع والاستخدام اليومي للكلمة، لتأخذ معنى التعريف بالآخر والانتساب إلى فئة معينة، موضحاً أن مجموعة الانتماءات تتفاوت في الأهمية بالنسبة للأفراد، حيث ينتمون إليها بدرجات مختلفة عاطفيًا، مشيرًا إلى أن بعض خصائص الهُوية تتأسس دون إرادة الفرد عن طريق المؤسسات الثقافية التي تعمل باستمرار على تكوين هؤلاء الأفراد.
ويشدد على دور بعض الجماعات، التي تُنصّب نفسها مصدرًا للإنتاج الفكري والخطاب السياسي، في إنتاج الهُويات، مؤكدًا أن تعامل المؤسسات والحكومات يؤثر كثيراً في هُوية الأفراد.