زلزال الحوز بين العلم ونظرية المؤامرة

عبد الرحيم بودلال

انتشرت نظرية المؤامرة في العقود الأخيرة بشكل كبير جداً؛ حيث فسر 43% من سكان نيويورك أحداث 11 شتنبر بأن مؤامرة حكومية، وأن الدولة ضليعة في الموضوع. وتم تفسير كورونا أنها مؤامرة قامت بها دولة الصين باتفاق مع شركات الأدوية من أجل بيع اللقاحات للعالم، وفسرها البعض أنه مؤامرة لشركات الهواف الذكية من أجل وضع شريحة إلكترونية في يد الانسان لمراقبته. وفُسرت الحرب الروسية الأوكرانية أنها مؤامرة دولية لخلق أسواق سلاح جديدة. وفسر الزلزال الأخير في تركيا أن سببه تفجيرات نووية قامت بها إسرائيل باتفاق مع دولة أمريكيا.
تعرف نظرية المؤامرة أنها طريقة في تفسير الظواهر الطبيعة والاجتماعية من بين مجموعة من الطرق، فهي تفسير مفترض لظواهر معينة قد يكون صادقاً أو كاذباً، بمعنى احتمال أن يكون السبب في ضلوع ظاهرة معينة ما ادعته نظرية المؤامرة. إلا أن هذا الادعاء غير قابل للتجريب والفهم لأنه يُرجع السبب لقوة غير عادية يصعب الإحاطة بها، أو يرجعه لجهة مجهولة لا يملك عنها العلم أية معطيات واقعية.
قد تعوض نظرية المؤامرة التفسير العلمي عندما لا يجد الناس تفسيراً واضحاً لظواهر معينة، وقد يعتقد المؤمن بالمؤامرة أن الأسباب العلمية المؤدية لحدوث ظاهرة معينة ليست هي المعلن عنها، بل يوجد جهات أخرى خفية هي من دبرت الأمر سراً، أو أنه يوجد وراء الأسباب المادية العلمية جهات أخرى خفية هي من سببت الأسباب. إلا أن أسباب انتشار نظرية المؤامرة هو توسع التهميش وفشل التحديث، وهو غياب الوعي بدرجة أكثر. مع وجود دوافع نفسية تتعلق بالتمسك بالخوارق أكثر منه بوقائع واضحة. كما أن من أسباب انتشارها هو الاقبال على الترفيه الاجتماعي والسخرية والنكتة للتعويض عن المفقود. كما يغذي توسع المؤامرة مواضيع أخرى مثل قرب قيام الساعة ووقوع يوم القيامة.
يطرح زلزال الحوز هذا الالتباس الكبير في التفسير، حيث المفروض أن الزلازل تقع في مناطق الاحتكاك بين الصفائح الأرضية. لهذا تعتبر منطقة الحسيمة منطقة نشطة لأنها تقع في منطقة زلزالية تعرف بأنها جزء من حدود الصفائح التكتونية التي تلتقي في المنطقة، وهي تقارب صفيحتين؛ الصفيحة الإفريقية والصفيحة أوروآسيوية. لهذا تكثر الزلازل في منطقة الحسيمة. بينما وقوعها في وسط المغرب مستبعد جداً، وهي غير مرشحة من الناحية التاريخية لوقوع زلازل بهذا الحجم والقوة. لهذا لا يعدو أن يكون الزلزال ناتج عن تفجيرات نووية مثل ما وقع في تركيا وليس احتكاك صفائح تكتونية.
كذلك صاحب زلزال المغرب ما قالت به المنجمة اللبنانية ليلى عبد اللطيف؛ من أن المغرب سيتعرض لهزة أرضية سيشعر بها كل المغاربة وسيصابون كلهم بحالة من الخوف والهلع. صدقها المغاربة لأنها قالت قبل ذلك أشياء كثيرة عن المغرب وقد تحققت كلها، تحدثت على أن المغرب سيتفوز بكرة القدم عالمياً وتحدث عن ظهور موجة حر قوية في المغرب صيف 2023. إنها تقول أشياء كثيرة عن العالم تحقق بعضها ولم يتحقق الكثير، حيث توقعت صعود شخصيات لرئاسة دول مثل أمريكا ولبنان، لكنها العكس هو الذي وقع. ما جعل المغارب يؤمنون بمؤامرة ليلى عبد اللطيف هي كونها تتصل بجهات خفية وبمنظمات سرية هي من يمدها بالمعلومات المخطط لها مستقبلاً.
أيضا صاحب زلزال الحوز ما كان يخطط له حول عقد سلسلة اجتماعات لصندوق النقد الدولي من التاسع إلى الخامس عشر من أكتوبر من سنة 2023 بمدينة مراكش، لهذا بحسب نظرية المؤامرة يأتي الزلزال المفتعل ليمنع هذا الاجتماع لصالح جهات أخرى خفية.
تسمح النظرية العلمية بالتحقق من الافتراضات السابقة إما عن طريق التجربة أو الملاحظة البسيطة، لتقدم تفسيراً أكثر صدقية ودقة وشمولاً وموضوعية من بين جميع وسائل المعرفة، حيث تربط الأسباب بمسببات واضحة تنتمي إلى الظاهرة الطبيعية نفسها ولا تخرج عنها. بهذا يتم تفسير أسباب وقوع الزلازل من منطلق نظرية زحزحة القارات وتحرك الصفائح الأرضية.
في الدول المتخلفة التي تغيب فيها التقنية والصناعة الحديثة سواء من أجل رصد وتوقع حدوث الظواهر في البداية ومحاولة تفاديها، أو من أجل تجاوز مخلفاتها وخسائرها بخلق التنمية؛ فإن ظاهرة المؤامة تنتشر فيها كثيراً. حيث مواجهة المجهول وغياب المعلومة الصحيحة وضعف التطبيق العلمي يجعل الناس تلجؤ للمؤامرة من أجل تفسير كل شيء، ومن أجل إيجاد راحة نفسية بتعليق الفشل الداخلي على جهات خارجية مجهولة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *