محمد إنفي
أهنئكم على الإنجاز الديبلوماسي غير المسبوق الذي تحقق في عهدكم لتونس الشقيقة
السيد الرئيس،
بعد التحية البروتوكولية الواجبة، أود، أنا المواطن المغربي، المسمى محمد إنفي (أستاذ جامعي متقاعد، تخصص أدب فرنسي، وفاعل سياسي في حزب وطني خرج من رحم الحركة الوطنية وقدم تضحيات جسام في محاربة الاستبداد من أجل تكريس الخيار الديمقراطي في البلاد)، أهنئكم على الإنجاز الديبلوماسي الكبير الذي حققتموه لتونس الشقيقة في عهدكم الزاهر اقتصاديا واجتماعيا وديمقراطيا؛ بحيث أصبحت تونس نموذجا يحتذى في الديمقراطية وحقوق الإنسان وكذا في الازدهار الاقتصادي والرخاء الاجتماعي.
ولا غرابة في ذلك، السيد الرئيس؛ فقد حباكم الله بعقل نير جعلكم قائدا مُمَيزا على كل الأصعدة، بحيث يضرب بكم المثل في مختلف القارات. لقد جعلتم الديمقراطية في تونس تضاهي، لا بل تفوق الدول العريقة في الديمقراطية. أما اقتصاديا، فلا نستبعد أن تتجاوزوا قريبا دولة اليابان التي تستضيفونها عندكم في مؤتمر التعاون الاقتصادي الياباني الإفريقي المنعقد بتونس؛ خصوصا وقد دعوتم إلى هذا المؤتمر المُنظِّر الاقتصادي الكبير، رئيس أكبر دولة في قارتنا الأفريقية وفي منطقتنا المغاربية، دولة تندوف العريقة، المترامية الأطراف والمتشعبة العلاقات (ديبلوماسيا، اقتصاديا، عسكريا، ثقافيا، رياضيا، وهلم جرا). وقد خصصتم لهذا الرئيس استقبالا يليق به وبكم. وبفضل هذا الحضور المتميز، سوف تصبح دولة تونس ودولة تندوف من الدول الكبرى.
وقد تتجاوز تونس في عهدكم العديد من هذه الدول التي تسمى عظمى. وكيف لا وأنتم تجاورون الدولة العظمى، الدولة القاهرة، الدولة القارة التي ينحني لها الجبابرة، كما قال رئيسها المبجل. إنكم محظوظون بكونكم جيران لدولة، رئيسها يتقد ذكاء مثلكم، وأرضها شاسعة وغنية بالثروات الطبيعية؛ مما سوف يضمن لكم استدامة الرخاء والرفاه الاقتصادي والاجتماعي بنفس القدر الذي ينعم به إخواننا الجزائريون الذين يقضون الساعات الطوال في الطوابير التي لا تنتهي للحصول على شيء من المواد الأساسية الضرورية لاستمرار الحياة.
السيد الرئيس، بعيدا عن الطنز الصريح والواضح الذي تحتويه الفقرات أعلاه، هل فكرتم في عواقب استقبال مرتزق مطلوب للعدالة في إسبانيا بسبب الجرائم الإنسانية التي ارتكبها في حق الصحراويين والإسبان؟ هل استحضرتم العلاقات التاريخية بين تونس والمغرب دولة وشعبا؟ هل فكرتم في المواقف النبيلة التي وقفها الملك محمد السادس مع بلادكم في فترات حالكة مرت منها؟ هل استحضرتم (وأنتم توجهون الدعوة لشخص لا مكان له في المؤتمر الاقتصادي الذي يعقده اليابان مع الدول الأفريقية في بلادكم) التطورات الإيجابية التي عرفتها الأزمة الديبلوماسية بين المغرب وإسبانيا التي تسبب فيها النظام الجزائري بتواطؤ مع جهات في الحكومة الإسبانية عملت على دخول المرتق الإرهابي إبراهيم غالي إلى مستشفى إسباني باسم مستعار (بن بطوش)؟ هل نسيتم أو تناسيتم موقف المغرب من ألمانيا بسبب عدائها للوحدة التربية المغربية؟ وهل تعلمون طبيعة العلاقات التي أصبحت تجمع المغرب وألمانيا الآن؟ هل تتابعون النجاحات المنقطعة النظير التي يحققها المغرب على الأرض؟ هل لكم فكرة عن مدن الصحراء المغربية كيف أصبحت؟ هل تعلمون كم عدد التمثيليات الديبلوماسية بمدينتي العيون والداخلة؟ هل تعلمون أن مجلس الأمن الدولي يدعم مقترح الحكم الذاتي كحل جدي وواقعي قابل للتطبيق؟
السيد الرئيس، لقد أعلنتم عن عدائكم للمغرب بشكل صريح ومفضوح، وأسأتم إلى قضيته الأولى، قضية وحدته الترابية؛ وبذلك أثار موقفكم غضب المغاربة قاطبة؛ وإذ يستغربون منكم هذا الموقف العدائي الأرعن ويستهجنونه، يتساءلون إن كان هذا العداء مجانيا أم بمقابل (ربما قرض بـ.300 مليون دولار كان كافيا لبيع تونس التي أوصلتموها إلى الحضيض؛ وإن كان الأمر كذلك، فقد بعتم التاريخ والحضارة والمستقبل والقيم الأخلاقية بأبخس الأثمان).
كيفما كان الحال، تأكدوا، السيد الرئيس الديمقراطي جدا، الحريص جدا على مصالح تونس، أن المغرب الذي يواجه عداء جيرانكم وجيراننا منذ ما يقرب من خمسين سنة، لن يتأثر بموقفكم الذي غابت عنه الحكمة والواقعية وحضرت فيه السفاهة والتفاهة في أجلى صورها. لقد تعمدتم السباحة ضد التيار وتموقعتم في صف أعداء المغرب. فهنيئا لكم بهذا الإنجاز العظيم لصلح تونس ولصالح الاتحاد المغاربي.
السيد الرئيس، سوف أختم هذه الرسالة المفتوحة، بقصة أصغر طائر بات فوق شجرة ضخمة، ولما استفاق في الصباح، طلب منها المسامحة لكونه أتعبها بثقله، فأجابته: اطمئن؛ فلصغر حجمك، لم ألق لك بالا ولم أشعر بوجودك. وهذا هو حالك، سي قيس، مع المغرب (الشجرة الضخمة) بعد أن ساويت ببنك وبين بن بطوش، فأصبحت بحجم ووزن الطائر إياه.
طنجة، في 27 غشت 2022