المصطفى دلدو
إن مشروع المؤسسة التربوية يترجم الرغبة في تطوير الحياة المدرسية للمتلقي، ويسعى كذلك لبث روح المسؤولية والمبادرة لديه داخل المجال الدراسي، كما أن هذا المشروع يهدف إلى العناية بالمادة الخام/التلميذ حتى خارج مجاله المؤسساتي.. فيتكون لدى المتعلم طابع مزدوج، لذا يجب العناية به وأخذه كمشروع تربوي.. ما يفرض دعم مختلف أنماط وأشكال التعلم، بعيدا عن كل ما يشوش على الانسجام بمحيطه.
كما لا يختلف اثنان، على أن الحياة المدرسية قد لا تبتعد عن المناخ التربوي والبيئي والاجتماعي، باعتبارها بذرة القيم للناشئة في شكلها المتوازن، وترجمة للفعل على أرض الواقع، سعيا وراء اكتساب مهارات الحياة من رحم الممارسات والسلوكيات اليومية المفضية إلى ساحة المعرفة.. رغم أن حياة المتعلمين مرتبطة بحبل الأجواء المدرسية..
وهذا لا يستبعد التمارين والممارسات بشكل سلس للأنشطة التربوية، التي يقوم بها المتعلم داخل و خارج أسوار المؤسسة التعليمية، منفتحا على عالمه الخارجي.. باعتباره تكملة لمحيطه المنغلق، بعيدا عما هو روتيني.. وفي ذلك توازن مع روح الأنشطة المندمجة.
وهذا التغيير لفضاء المدرسة المنغلقة يمنح للمتعلم ثقة كبيرة مع استحضار الذاتية، والتحرر من بعض القيود، تمهيدا للإبداع، والتشكيل المجالي والبيئي، مع الإحساس بجمال النظم المحيطة به.. ألا يعد هذا انفتاحا تحت تأطير الأساتذة، ولو عن بعد؟ كما لا يمنع من المشاركة في التأطير لمتدخلين (فاعلين جمعويين، شركاء، فنانين…ألخ) من خارج المؤسسة التعليمية.
ومما لا شك فيه أن هذه المكونات، أو المجلات التعلمية، والترفيهية، والثقافية.. تعمل على ترسيخ قيم المواطنة والسؤولية، مع قبول الاختلاف في وجدان المتعلم/ المتلقي، ومراعاة التدرج في تمريرها وفق الجوانب المعرفية، والحسية، والحركية، والوجدانية..
وهذا يعني أن الأنشطة المدرسية، سواء منها الفصلية، أو الواردة في المناهج، أو المندمجة، التي يساهم في تأطيرها متدخلون تمكن المتعلم/المتلقي من لقاء زملائه والتفاعل معهم بمنطق المسؤولية، وتقبل الاختلاف.. ولعل ترسيخ المواطنة والحرية في الناشئة المتعلمة لا يتطلب التنظير والتأمل في نصوص الأساتذة المختصين والمنظرين و.. ولكن تجريب هذه القيم عبر الاحتكاك مع الواقع والأحداث تمكن قياس مدى تفاعل المتعلم مع ما يلمسه من الواقع بصفة مباشرة وتلقائية.. ربما يكون هذا هو المطلوب.
وتروم هذه التظاهرة، تكريس الحس التربوي والفني والثقافي في نفوس التلاميذ والتلميذات مؤسسة عبد الخالق طريس، وترسيخ روح المواطنة والتوعية والتربية، واكتشاف المواهب الصاعدة وصقلها، وانفتاح المؤسسة التعليمية على الأنشطة الموازية المفيدة وكذا على فعاليات المجتمع المدني، ما يساهم في تحقيق إشباع رغبة المتعلم، وتعزيز قيم التربية ذات جودة عالية بإشعاع المحلي.
وعلى إيقاعات ما جاء أعلاه، أقدمت مدرسة عبد الخالق طريس على اختتام نشاطها التربوي والفني، صبيحة يوم السبت 26 أبريل من السنة الجارية، تحت رحاب الخيمة بنيت لهذا الغرض بطقوس مغربية، وشعار: “من أجل مدرسة ذات جودة للجميع”، بعد أن تمت برمجة هذه الأيام التربوية والفنية في دورتها الثانية، خلال أيام: 24- 25 و 26 أبريل 2025، داخل فضاء كله أمل يتطلع إلى الأفضل، من تنظيم: جمعية أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ مدرسة عبد الخالق الطريس، وبتعاون مع الجماعة الترابية الغربية، والشركاء، والفاعلين المحليين، تحت إشراف المديرية الإقليمية للتربية بسيدي بنور، بحضور كل الضيوف وعلى رأسهم ضيف الشرف الفنان والممثل المقتدر حسن مكيات،
فضلا عن تسطير برنامج تميزت مضامينه بفقرات متنوعة ومفيدة تصب كلها في حضن تلامذة طريس.. جيل المستقبل.
كما تميزت فقرات الدورة الثانية 2025، بلحظة اعتراف بالسيدة مليكة العتباوي والسيدة جميعة المبروكي، اللتين تركتا بصمتيهما بالحقل التربوي، إضافة إلى ورشات فنية من إبداع الفنان الحبيب البير، ووالفنان عمار البوراوي، وعرض أفلام تربوية من تأطير الفنان والمخرج مراد بتيل، ورسم جداريات، ومسابقات ثقافية وسكيتشات احتفالية مرتبطة بالوضع الحالي.
وتوجت الأيام، التي استهلت بآيات بينات من الذكر الحكيم، والنشيد الوطني، والكلمات الترحيبية بالعربية والأمازيغية والفرنسية والانجليزية، بحضور أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ، باحتفالية باهرة، تفاعل معها الحضور الكريم بعفوية وتلقائية.
كما تميز الحفل الختامي بعروض شيقة و ممتعة من أداء مواهب المدرسة، وأنشودة احتفاء بالمكرمين، فضلا عن التكريمات، مع توزيع شواهد تقديرية على المشاركات والمشاركين.
ومن جهته، أكد مدير مدرسة عبد الخالق طريس السيد بوشعيب بلفينش على أن هذه الأيام التربوية والفنية، التي اختير لدورتها الثانية: “من أجل مدرسة ذات جودة للجميع” كشعار يختزل بداخله كل التفاؤل والأمل لفلذات أكبادنا.. وأضاف على أن أهمية تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها قد تثير في المتعلم ميولاته ومواهبه، وهي بمثابة هرمون مقوي لشخصيته، تدعم نشاطه تلقائيا.. وتجعل منه مواطنا صالحا ذو مسؤولية والتزام.. وهذا كل ما ننتظره..
ثم أشار إلى أن المدرسة تلعب دوراً حاسماً في تنمية مهارات التلميذات والتلاميذ، وتعزيز قدراتهم العقلية والإبداعية، وهذا إن كانت البرامج والأنشطة التعليمية المبتكرة والمتميزة رهن إشارة المتلقي. علاوة على ذلك، لا يجب التغافل على توجيه المتعلمين نحو اكتشاف مواهبهم الفردية وتطويرها، وغرس روح الرغبة في التعلم وصقل إمكانياتهم الذاتية..
ومباشرة بعد الزوال بقليل، اختتم الحفل بتقديم وجبة غذاء لكل الضيوف الكرام.