هل هناك بوادر حرب تلوح في الافق بين المغرب و الجزائر ؟

بقلم ابو ايوب :
سؤال يتداول بكثرة في مختلف الصحف و القنوات الاعلامية و وسائل التواصل الاجتماعي ، و الجواب عليه وفق المعطيات الموثوقة و البلاغات الصادرة عن مسؤولي الدولتين ، كلها تشير بالجزم الى استبعاد أي امكانية لنشوب حرب بين الجارتين لاعتبارات عدة : اولها عدم سماح الدول الفاعلة دوليا بنشوبها خوفا على مصالحها في منطقة هي اصلا بؤرة عدم استقرار ، و ثانيها من زاوية الفرق الواضح في موازين القوة العسكرية عدة و عددا و تسليحا و تدريبا ، بحيث يلاحظ ميل الكفة لصالح الجارة الشرقية ، و هذا لا يعني انتقاصا من قدرات القوات المسلحة الملكية .
اطلالة سريعة على موقع غلوبال فاير باور و معهد استكهولم لابحاث السلام ، و هما بالمناسبة يهتمان بالقدرات العسكرية لمختلف الدول عبر العالم و تصنيفها من حيث القدرات التسليحية و الخبرة القتالية و العقيدة و عديد الجنود ، اطلالة ستمكننا من كشف فارق الموازين و ترتيب جيشي البلدين على الصعيد العالمي .
* موقع غلوبال فاير باور صنف الجيش الجزائري في المرتبة 27 عالميا و الثاني افريقيا بعد الجيش المصري ، و الاول من حيث التسليح و القدرات القتالية، فيما احتل المغرب المرتبة 53 بحسب ترتيب سنة 2021 ، ثم اضاف بأن جيشي البلدين يرتكزان على القوات البرية بمختلف تصنيفاتها كدعامة اساسية ، مشيرا الى تفوق كبير في سلاح المدرعات و سلاحي الطيران الحربي و البحري من حيث عديد الافراد و نوعية السلاح و مدياتها ، فضلا عن القوة الصاروخية المتعددة المهام و التي تتفوق بكثير عن الجيوش الاوروبية .
للاشارة ، البحرية الجزائرية هي ثاني قوة عسكرية بالابيض المتوسط بعد بحرية اسرائيل لا سيما سلاح الغواصات ( قدرات صاروخية من اعماق البحر مثال) ، و هي قدرات لا تتوفر لفرنسا و اسبانيا و المانيا و ايطاليا بحسب نفس الموقع .
* معهد استكهولم لأبحاث السلام أشار الى ان مبيعات السلاح شكلت ما نسبته 70% من مقتنيات الاسلحة عالميا و كانت من نصيب القارة السمراء ، وحدها الجزائر حضيت بما نسبته 48% افريقيا ، فيما حظيت بما نسبته 4,3 من مقتنيات السلاح على الصعيد العالمي ، بينما حظي المغرب بنسبة 0,9 عالميا و المرتبة 7 افريقيا و انغولا ب 0,5 و الخامس افريقيا .
من هنا تتوضح الرؤيا و هذا ما يمكننا من استنتاج أن القدرات التسليحية للجزائر غير موجهة لجارها الغربي ، بقدر ما هي موجهة بالاساس للقوات الغربية او لحلف الناتو بالتدقيق ، ضمن ما بات يعرف بصراع الشرق و الغرب .
اي بمعنى ان الغرب اراد حصار روسيا و من ورائها الصين في البحر الاسود و بحر الصين الجنوبي ، و روسيا ردت بحصار الغرب شرق المتوسط عبر تواجدها العسكري الفعلي بسوريا و ليبيا و غرب المتوسط من خلال التسليح النوعي للجزائر .
بالتالي اضحى الأبيض المتوسط بحيرة روسية صينية بامتياز ( المناورات العسكرية المشتركة بين الجزائر/ روسيا/ الصين مثال) . هذا ما يعتبر تأمينا لطريق الحرير الصيني و بوابته الرئيسية الجزائر في اتجاه العمق الافريقي ( مشروع ميناء الحمدانية بشرشال مثال و هو بالمناسبة في حالة استكمال المشروع أكبر ميناء بالمتوسط) ، و معه يصبح الصراع العالمي على مراكز النفوذ و المصالح عنوانه الابرز القارة السمراء الواعدة( تعدد القمم الاقتصادية مع افريقيا يابانيا صينيا اوروبيا روسيا تركيا امريكيا خير مثال).
هذه التطورات و المستجدات المتسارعة في بعدها الاستراتيجي دفعت ، او ارغمت المغرب ان صح التعبير على الرفع من وثيرة نوعية التسليح و الرفع من المقدرات القتالية و الخبرات التقنية لتدارك أمرين احلاهما مر ، على حساب المشاريع التنموية لا سيما على ضوء ما تعيشه الاقاليم الجنوبية من توترات و اعمال حربية و مناوشات عسكرية يومية ، و ما ترتب عنها من اعباء اضافية أثقلت كاهل جبهة داخلية تئن تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة …( الزيادات المتواصلة في اسعار المواد الاكثر استهلاكا من زيت و دقيق و سكر وووو……مثال) .
اطالة سريعة على قانون المالية لسنة 2022 و الذي صادق عليه البرلمان المغربي بالاجماع ، نكتشف و في سابقة من نوعها من تاريخ المملكة ، تخصيص رقم قياسي ما بين 10,5 الى 11 مليار يورو كميزانية لادارة الدفاع الوطني ، فيما حظيت وزارة الداخلية بالمرتبة الثانية على الصعيد الوطني ، و هذا ما يعطي الانطباع بان الامور ليست على ما يرام رغم الخطاب الرسمي المهدئ المسكن لهيجان الشارع بمختلف اطيافه ( رسالة الى الخارج تشير الى الاستعداد للحرب ، رسالة الى الداخل تلمح الى اتم الاستعداد لمواجهة القلاقل الاجتماعية مثالا لا حصرا )، اي بما معناه ردع للاتي من وراء الحدود و احباط للمختمر في ربوع الوطن .

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *