بقلم ابو ايوب
لا شك ان المتتبع لجولة المبعوث الأممي الجديد لقضية الصحراء السيد ستافان ديمويستورا ، يكون قد لاحظ غياب اي تصريحات للمسؤول الأممي سواء اثناء الزيارة التي استهلها بالمغرب و دامت يومين ، او بعد الانتقال الى بقية الاطراف المعنية بالقضية. بالتالي تكون زيارته الأولى للمنطقة مغايرة لما دأب عليه سابقوه من حيث التصريحات و البلاغات ، حيث طبعت الزيارة بتصريح يتيم افاد عبره ان زيارته تأتي للاستماع لطروحات و مواقف الاطراف .
الملفت في جولته بالمنطقة انها حمالة رسائل مشفرة لم تخطئها عين الراصد ، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :
* تنقلاته عبر طائرة عسكرية اسبانية ! و هذا ما يحيلنا الى الدور المحوري الذي تلعبه اسبانيا المستعمرة السابقة للصحراء ، من بوابة مسؤولياتها التاريخية/ القانونية/ الاخلاقية….
* قيامه مباشرة بعد مغادرة المغرب بزيارة دامت يومين لمخيمات اللاجئين الصحراويين جنوب تندوف ، حيث استقبل بمطار تندوف من طرف وفد ترأسته والية ولاية السمارة المسماة مريم السالك باحمادا ، و في يومها الثاني التقى بزعيم الجبهة و رئيس وفدها في مفاوضات جنيف 1/2، و هذا ما يعطي الانطباع بأن طرفي النزاع هما المملكة المغربية و جبهة البوليساريو ، عكس ما تعلنه المملكة بان النزاع اقليمي بينها و الجزائر .
* توقيت جولته بالمخيمات صادف تصريحين امريكيين ، الاول صدر عن سفارة امريكا بالجزائر العاصمة التي رحبت بزيارته للصحراء الغربية بحسب بيان السفارة ، أما الثاني فقد جاء على لسان المكلف بالشرق الاوسط و افريقيا بوزارة الخارجية الامريكية ، حيث قال بأن الولايات المتحدة الامريكية تدعم بقوة المسلسل الذي تقوده الأمم المتحدة بالصحراء الغربية ، من اجل حل سياسي عادل و دائم و واقعي يرضي طرفي النزاع ( و لا أدنى اشارة الى مقترح الحكم الذاتي و لا لبيان ترامب الذي اعترف من خلاله بسيادة المغرب…)
* خلاف ما جرت به العادة ، المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي يقوم بزيارة العاصمة الموريتانية نواكشوط ، زيارة دامت ليوميين التقى من خلالها بوفد ترأسه وزير الخارجية اسماعيل ولد الشيخ و المستشار السياسي لرئاسة الجمهورية …، الملفت في الأمر انه قبل زيارته هذه بقليل ، حل السفير الجزائري بنواكشوط ضيفا على وزير الخارجية اسماعيل ولد الشيخ ، ما يعطي الانطباع بمدى التنسيق القائم بين موريتانيا و الجزائر بخصوص قضية الصحراء ( كلى البلدين يعترفان بالدولة الصحراوية ).
* المحطة الأخيرة في جولة ديميستورا كانت للجزائر التي يزورها في هذه الاثناء ، البعض عزى تأخير زيارته للجزائر الى كون وزير خارجيتها رمطان لعمامرة كان منشغلا بجولة مكوكية ، جولة قادته الى كل من السعودية و الامارات و مصر للتحضير للقمة العربية المرتقبة شهر مارس القادم ، فيما يرى اخرون انها محاولة جزائرية للتنصل من مسؤوليتها في اطالة امد نزاع الصحراء.
* الحقيقة المغيبة في الباب الدوار لقضية الصحراء ، ان كل الفاعلين الدوليين و على رأسهم امريكا و مجموعة اصدقاء الصحراء ، و كل الاطراف المعنية بنزاع الصحراء من دول الجوار الجهوي( الجزائر.موريتانيا.تونس) و الاقليمي( دول الاتحاد الاوروبي/ محكمة العدل الاوروبية) ، اقول كلهم اجمعوا على معاكسة الطرح المغربي لحل القضية ، حتى فرنسا حليفتنا التقليدية ادارت ظهرها تدريجيا ، عندما سمحت بانعقاد جلسة الجمعية الوطنية الفرنسية( البرلمان) التي ناقشت قضية الصحراء مع توجيه دعوة حضور اشغالها لممثل البوليساريو بأوروبا أبي بشرايا البشير .
في الختام ، أود لفت الانتباه الى مقال صدر منذ ايام بصحيفة فورين بوليسي الامريكية ، المقربة جدا من دوائر صنع القرار بالولايات المتحدة بما فيها وكالات الاستخبارات المركزية و استخبارات البنتاغون ، مقال أفاد بأن السياسات الخارجية التي انتهجتها المملكة المغربية في الاونة الاخيرة ، قد تؤدي بالمملكة في النهاية الى عزلة دولية ، و هي اشارة الى الأزمة مع كل من المانيا و اسبانيا ، في ظل ظهور مستجدين جديدين على الساحة ، قطع الجزائر لعلاقاته الديبلوماسية مع المغرب و بوادر حرب الصحراء الثانية .