الاستفزاز…. فخ و مصيدة

بقلم أبو أيوب :
التعاون الاقتصادي الموريتاني الجزائري و التنسيق الأمني و العسكري بينهما ليس وليد اليوم ، الجزء الأساسي منه يعود لسنة 1979 يوم أعلنت موريتانيا نفض يدها عن اتفاقية مدريد الثلاثية حول الصحراء ، و توقيع معاهدة سلام و انهاء الاعمال الحربية مع جبهة البوليساريو ، و كانت المحصلة اعترافها الرسمي ب( الجمهورية الصحراوية ) و ما تولد عنه من اقامة علاقات ديبلوماسية معها ( اتفاقية الجزائر سنة 1979).
بداية الالفية الثانية و بالضبط سنة 2006 ، أبرمت موريتانيا و الجزائر اتفاقية للصيد البحري ، تم بوجبها منح خمسة تراخيص للصيد في المياه الاقليمية الموريتانية ، اي بمعنى من جهة اولى ، خمس مناطق بحرية موزعة بين جنوب موريتانيا على مقربة من الحدود البحرية مع السينغال ، نحو الشمال الموريتاني في اتجاه الحدود مع المغرب ، و من جهة ثانية شمول التراخيص المياه الاقليمية لمدينة الكويرة على المحيط الأطلسي ( الكويرة الغير مأهولة تحت السيطرة الموريتانية و علمها يرفرف في سماءها لحدود اليوم ) .
سنة 2015 تم تجديد اتفاقية الصيد البحري بين الجانبين بنفس الشروط و الامتيازات لكن بفارق هذه المرة ، تقليص مدة سريان مفعول الاتفاقية المجددة من تسع الى سبع سنوات ، فضلا عن الاتفاق على احداث أساسات بنية تحتية للتبريد و التعليب بنواذيبو الموريتانية. التعاون الاقتصادي الموريتاني الجزائري يتعزز يوما بعد يوم ، و قد انتقل للسرعة القصوى بحسب ما اكدته الاخبار القادمة من الشقيقة الموريتانية …كيف ذلك ؟
* أوائل الشهر الجاري شهد على ، انطلاق فعاليات الشراكة و التعاون الاستراتيجي بين موريتانيا و الجزائر ، و تم هذا بمناسبة الزيارة الرسمية التي قام بها الوزير الاول الجزائري للعاصمة نواكشوط ، اختتمت القمة الاقتصادية بالتوقيع على 27 اتفاقية تعاون شملت كل المجالات دون استثناء . لكن أخطرها :
* التوقيع على اتفاقية طاقية و الشروع في مد انبوب للغاز و النفط يربط بين الجزائر و موريتانيا ، و هذا ما يشكل تهديدا مباشرا للمصالح المغربية في بعدها الجيوستراتيجي ، اي بمعنى وأد الحلم المغربي و التوقيع على شهادة الوفاة و نعي للمشروع الطاقي المغربي النيجيري لنقل الغاز نحو اوروبا ، و هو المشروع الذي لا زال قيد دراسة الجدوى و البحث عن التمويل….
في الوقت بدل الضائع ، تم الاعلان عن نهاية اشغال مد الانبوب الجزائري نحو النيجر ( 100%) ، و نيجيريا بنسبة(70%) شمالا بمدينة كانو في اتجاه الحدود مع النيجر ، و شروع الاخيرة في مد انبوبها نحو الجنوب الجزائري بتمويل و تنفيذ شركة سوناطراك الجزائرية . و في هذا الوقت بالذات ، تم الاعلان عن اكتشاف احتياطيات غازية و نفطية بكل من النيجر و مالي و قبلهما بموريتانيا و السينغال .
* أواسط الاسبوع الماضي ، تم تجديد اتفاقية الصيد البحري الموريتانية الجزائرية للمرة الثالثة على التوالي ، و على ضوئها يمكن القول بتوطين الاسطول الجزائري للصيد البحري بالاطلسي جنوب المغرب ، و ما يشكله هذا التوطين من ابتزاز واضح و صريح للمغرب من بوابة تواجده في ساحل الكويرة و محيطها . خطورة هذا التواجد تستمد جذورها من الاتفاقيات العسكرية بين موريتانيا و الجزائر ….كيف ذلك ؟ .
* فسح المجال و فتح ابواب الساحل الأطلسي على مصراعيها للسفن الحربية و الغواصات الجزائرية ( المياه الاقليمية الموريتانية ) ، بمسوغ حماية اسطولها للصيد البحري اسوة بما تفعله كل من روسيا و تركيا بالمياه الموريتانية و السينغالية ، و بهذا تكون الجزائر قد ضمنت و أمنت بوابة لها بمياه الاطلسي ، و بقدر ما اصبحت تمثل شوكة مدمية مستفزة في الخاصرة الرخوة للمغرب .
بالتالي بقدر ما استكمل طوق حصار المغرب طاقيا( نعي المشروع المغربي النيجيري مثال), اقتصاديا( المنع الأوروبي لاستيراد المنتجات الفلاحية و البحرية و الفوسفاط القادمة من الصحراء …)، سياسيا.حقوقيا.قضائيا ( الأمم المتحدة / الاتحاد الاوروبي / الاتحاد الافريقي/ مجلس حقوق الانسان بجنيف / احكام محكمة العدل الاوروبية و المحكمة الافريقية )، بقدر ما تم دفعه دفعا للارتماء في حضن غريق الشرق الاوسط ، غريق يأخذ و لا يعطي و مسك الختام ما حصل مع مصر و الاردن ، و الحصيلة النهائية للتطبيع و التضبيع عنوانها الابرز ( لا عنب الشام و لا بلح اليمن ).
أنعمتم أوقاتا…..

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *