على هامش الحدث!!

✍️ د. علي محمد الصلابي الليبي .
شاهد مشجعو كرة القدم في مشارق الأرض ومغاربها إقدام حارس المنتخب المغربي ، و تعاون فريقه ، وتألقهم أمام الفرق الغربية العريقة في الرياضة (بلجيكا وكندا وإسبانيا وكرواتيا والبرتغال) ، وهذا من توفيق الله ﷻ أن بث الفرح في قلوبهم ، و أثلج صدورهم ؛ فالسعادة عمَّت أرجاء العالم الإسلامي على مستوى الأفراد و الجماعات و الدول و الشعوب ، من عرب وأمازيغ وأفارقة وكرد وترك وفرس وبشتون وبلوش وطاجيك وهنود وأوزبك ، وجميع أطياف وإثنيات هذه الأمة العظيمة ، وسبحان الله ؛ ﴿وَ أَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَ أَبْكَىٰ﴾ .
وهذا الحدث الرياضي في غاية الأهمية ؛ لما فيه من دروس و عِبر و رسائل لأبناء الأمة و أعدائها ، وفي مقدمتها:
1/ إن الأمة في أشد الحاجة إلى أمثال ياسين بونو وإخوانه وزملائه الشجعان للتصدي للهجمة الشرسة التي تستهدف الأمة الإسلامية ، و ضرورة حراسة مرماها ، و تسديد الأهداف في مرمى أعدائها في ميادين شتىٰ .
2/ إن الأمة في حاجة ماسة إلى أمثال ياسين بونو يتصدى إلى هجمات الملاحدة والشواذ وأصحاب الغايات الدنيئة و أسواق إبليس و قطع حباله اللعينة ، كما أن الأمة بحاجة إلى مهاجمين واثقين بربهم و دينهم ، ومسلحين بالإيمان والعزيمة والإقدام والهمة ، ومتمسكين بالقيم الإنسانية الرفيعة المستمدة من كتاب الله العزيز ﷻ ، و هدي النبي المصطفى ﷺ لإعلاء كلمة الحق ورسالة التوحيد في شتىٰ بقاع الأرض .
3/ إن الأمة بحاجة إلى من يتصدىٰ للفقر و التشرد والجوع والبطالة والفساد ، وإلى فرق مؤهلة متماسكة و خبيرة في مجال الٱقتصاد والبناء ، يسجلون الأهداف المتواصلة في تعزيز التنمية الشاملة ، وحلّ أزمة البطالة ، والقضاء على الفقر و الأمية والجهل ، ومحاربة الجمود الفكري ، والتردي الثقافي ، والٱنهيار التعليمي ، والترهل الإداري ، والفساد المؤسسي .
4/إن الأمة بحاجة رجال أمناء وصادقين ومتعاونين في مجال التخطيط السياسي والعسكري والدستوري والفكري والٱقتصادي والثقافي والإنساني ، وغايتهم رضا الله ﷻ ، ونصرة الحق ، والنهوض الحضاري .
5/ ٱرتباط فريق المغرب (ياسين بونو و رفاقه) بهوية الأمة والتمسك بثقافتها وقيمها وأخلاقها ، والتصدي لمن يحاول طمس هويتهم ، أو تمييع ثقافتهم ؛ فهم أثبتوا أن بإمكان المؤمن الٱعتزاز بدينه وقيمه وأخلاقه أمام كل العابثين والمستبدين ، والهادفين للنيل من كرامتها وحضورها .
6/ إن الأمة بحاجة لرجال قادرين على تحمل المسؤولية وتحرير الأوطان المنهوبة وشعوبها المغلوبة والمستضعفة ، والتصدي لمن يريد تمزيقها أخلاقياً وثقافياً وحضارياً ، وتحقيق الأهداف السامية في الٱرتقاء بالبشرية من خلال دينها ، وقد رأينا نموذج (ياسين و رفاقه) في السجود لله ﷻ شكراً وحمداً على ما منحهم من تفوق و ٱنتصار مبارك على ألد المنافسين الرياضيين ، وقد سمعنا قول مدربهم وقائدهم وليد الرݣراݣي: (رضا الوالدين ، و صفاء النية ، و العمل بإصرار وعزيمة = أساس فوزنا في مباريات المونديال) ، و هذا النهج الأخلاقي الفطري لو ٱلتزمنا به في أمور حياتنا كلها لما خيبنا الله ﷻ ؛ إخلاص النية ، و برُّ الوالدين ، و الأخذ بالأسباب ، هو طريق النجاح و الفلاح الدنيوي والأخروي .
7/ الأمة في أمس الحاجة للقدوة الحسنة في الإصلاح السياسي الذي يخدم واقع الأوطان ، ويحاكي متطلبات أبنائها ، ويساهم في نهضة الأمة ، ومنافستها لغيرها ، وتفوقها ، وشهودها الحضاري .
8/ إن (مونديال قطر) مثَّل تظاهرة كبرى وسوقاً دولياً لترويج الأفكار ، وقد ٱستغلته مؤسسات وشركات وشبكات إعلامية وثقافية شرقية وغربية لترويج منتجاتها وثقافاتها ، وهو ما يحتم على المسلمين في مثل هذه المناسبات أن يؤدوا رسالتهم بكل صدق وتحدٍّ ، والٱستفادة من هكذا أحداث ٱستثنائية لنشر قيم الفضيلة والثقافة السمحة ، وترجمة تعاليم الدين الحنيف ، من أقوال إلى أفعال وسلوكيات ومعاملات ؛ ليكون كل مسلم داعية يؤدي دوره الإنساني والحضاري المنوط به ، مهما كانت الظروف ، وبلغت التحديات والأهوال والمصاعب .
أولم يكن النبي ﷺ يستغل مواسم الحج لدعوة الوافدين إلى مكة لدين الإسلام!
وكانت أسواق عكاظ ومجنّة و ذي المجاز وغيرها من الأسواق المعروفة في الجزيرة العربية قد تحولت إلى ميادين للدعوة النبوية!
وما فتحت المدينة المنورة إلا بإسلام الفريق الوافد إلى مكة خلال موسم الحج ، ومنهم أسعد بن زرارة الأنصاري وسويد بن الصامت الأنصاري -رضي اللَّٰهُ عنهم- ، و غيرهم ممن رجعوا إلى بلدانهم يبشرون أهلهم وأبناء بلدهم بدين الإسلام .
9/ إن القرآن الكريم يُعلمنا أهمية العمل و البذل والإصرار و العزيمة والإعداد و الأخذ بالأسباب للوصول إلى الأهداف السامية ، سواء كانت مباحة أو واجبة ؛ فالعزائم مطلوبة في كل ميدان يخوضه المسلم في حياته في ميادين السياسة والقانون والٱقتصاد والرياضة والإعلام والفكر والتعليم والٱستثمار ، والحروب والسلام ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وفي تحقيق النهوض الحضاري .
10/ إنها فرصة أن ترعى دولة عربية إسلامية هذا الٱجتماع العالمي الرياضي ، مما شكل فرصة للتلاقي الثقافي والإنساني والتعارف الخلاق بين الشعوب ، وكما أنه فرصة لهزيمة الفرق والمنتخبات التي رفعت راية الٱنحلال الأخلاقي ، وفكروا خارج المنطق الإنساني ، وخالفوا الفطرة السليمة ؛ فنالوا هزائم كبيرة و ضربات قاصمة ، مما جعلهم يعيشون في حالة من الضيق والتنكيد والحسرة والٱنعزال والبغضاء .
11/ أخيراً ، يمكن القول: ٱنتصار الفريق المغربي على المنتخبات الغربية درس ذو قيمة ؛ إذ يجعلنا نفكر ملياً في قدراتنا و أهمية الٱستفادة منها لإعداد فرق قوية و متماسكة ، تعمل بروح جماعية مؤسسية ، تحافظ على القيم السامية ، و تسديد الأهداف في مرمى أهل الباطل ودعاة الميوعة والجهلة وأعوان الشر وأعداء الإنسانية ، وفِرقاً تعمل بكل جهدها لتدعيم المؤسسات وتطويرها في المجالات السياسية والقانونية والٱقتصادية والٱجتماعية والتقنية و التربوية والثقافية .
ويجب أن أُذكر أنني كنت ولا زالت من مشجعي فريق الدعاة .
جزاهم الله كل خير ، وسدد قولهم وعملهم .
و الله من وراء القصد .

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *