دق طبول و نذر حرب…هل أضحت الحرب مسألة وقت ؟

بقلم ابو ايوب
كثرت في الآونة الأخيرة خرجات بعض المسؤولين المغاربة السابقين ، تطرقوا من خلالها الى ما يعتري العلاقات الثنائية بين الجارين المغربي و الجزائري من اختلاف و تهجم و تصدع علاقات ، بلغ حد القطيعة او اللاعودة كما جاءت على لسان الرئيس الجزائري ع.م.تبون ، و في الوقت ذاته و مع كل الأسف تم تسجيل دخول اطراف داخلية و اجنبية على خط تأزم علاقات البلدين ، سواء بمواقع التواصل الاجتماعي او عبر محللين سياسيين و زعامات حزبية… الأمر الذي يعتبر سكبا للزيت على نار تتموج تحت الرماد و لا ينقصها سوى عود ثقاب لتنفجر حرب دامية في اي لحظة ، حرب ان اشتعلت لا قدر الله لا تخدم البتة مصالح البلدان المغاربية و شعوبها بغض النظر عن المنتصر و الخاسر .
من الخرجات التي لفتت انتباهي ، تصريح منسوب للسيد حسن اوريد أعلن من خلاله بأن المغرب في حرب مع الجزائر ، رغم علمه بعدم وجود حرب بالمفهوم العسكري للكلمة ، اللهم ان كان قصده الحرب الاعلامية و الاقتصادية و الديبلوماسية التي اكدتها و اجمعت عليها كل الاطراف دون استثناء ، بالتالي تبقى الحرب بمفهومها الكلاسيكي مجرد فقاعات اعلامية في المواقع للاستغلال الداخلي و ليست حقيقة على أرض الواقع ، بل ان اندلاعها أمر جد مستبعد و ذلك لعدة اعتبارات موضوعية أحصرها في ثلاث :
* عقيدة الجيش الجزائري دفاعية و ليست هجومية كما جرت به العادة منذ تأسيس الدولة الجزائرية بداية ستينيات القرن الماضي ” 1962″ ، اذ لم يسبق لها ان خاضت حربا ضد اي دولة باستثناء حرب الرمال مع المغرب غذاة استقلالها و مشاركتها في الحروب العربية الاسرائيلية ( حربي 1967/1973) اللتين لا زالتا تشكلان عقدة للجيش الاسرائيلي بشهادة ارييل شارون نفسه .
* المملكة المغربية و في ظل حرب الاستنزاف الثانية بالصحراء مع جبهة البوليساريو ( 80% من القوات المسلحة الملكية ترابط بالصحراء ) ، بالتالي المغرب ليس بوارد مجرد التفكير في فتح جبهة اخرى مع الجزائر لانعكاساتها السلبية و نتائجها الغير مضمونة، و مضاعفاتها الوخيمة على الاقتصاد الوطني الذي لم يتعافى بعد من تداعيات كورونا ، و مخلفات الحرب الروسية الاوكرانية و ما خلفته من ازمات و نكسات على الاقتصاد العالمي ( ازمة غذاء و عدم استقرار دول عدة عبر القارات الخمس مثال) ، ناهيك عن تصدع الجبهة الداخلية الحاضنة للأمن و الاستقرار ، و عدم قدرتها على تحمل المزيد من الازمات و انعدام القدرة على امتصاص الصدمات ( حقيقة يعلمها الجميع و يتعايشون معها باستخفاف و انتقاص من هول الأزمة المتفاقمة في ظل ارتفاع الاسعار ، و تجميد الاجور ، و العجز في ميزانية الدولة و ارتفاع المديونية الى مستويات قياسية ، و التضخم الناتج عن تعويم الدرهم …)
* الولايات المتحدة الامريكية و دول الاتحاد الاوروبي لن يسمحوا بنشوب حرب بين المغرب و الجزائر ، رغم كثرة الاصوات الداعية و الداعمة لاشتعالها و النفخ في كيرها و على رأسها اسرائيل ، لسبب بسيط يتلخص من جهة في تخوفهما من ان تتحول الحرب بين دولتين الى حرب متعددة الاطراف ، فضلا عن خوفهما على الأمن و الاستقرار العالمي و على مصالحهما الاقتصادية مع المغرب و الجزائر من جهة اخرى ، آخذين بعين الاعتبار مخلفات الحرب على العراق و ليبيا و سوريا و اليمن ، و تداعياتها السلبية على النسيج المجتمعي لعدة دول أوروبية جراء النزوح الجماعي للفارين من الحرب ( ازمة اللاجئين السوريين مثال ).
كما تجدر الاشارة كذلك ضمن السياق الزمكاني بالمنطقة المغاربية ، الى الرسائل و الردود المتبادلة بين الاخوة الاعداء و التي تبقى محاولات استباقية ردعية لتسجيل مواقف او نقاط لصالح هذا الطرف على حساب الطرف الآخر ، و للتوضيح اكثر نستعرض على سبيل المثال لا الحصر :
* دعوات بلسان مغربي غير رسمي لاسترجاع الصحراء الشرقية و اعادة النظر في اتفاقية ترسيم الحدود و معاهدة الاستغلال المشترك لحديد منجم غار اجبيلات ، هذا ما جاء على لسان رئيس الحكومة الاسبق بن كيران و صديقه من نفس الحزب الداعية الريسوني و مديرة الخزانة الملكية للوثائق السيدة بهيجة السيمو و آخرون ، فضلا عن دعوات تجتر منذ امد بعيد بمقاضاة الجزائر دوليا جراء ما اقترفته من طرد و تجريد من الممتلكات في حق المغاربة سنة 1975 .
* رسائل جزائرية سياسية ( دعم قضية الصحراء في المحافل الدولية ) و قضائية ( مقاضاة المغرب بالمحكمة الدولية بسبب عدم وفاءه بالتزاماته المالية المتعلقة بوارداته من الغاز الجزائري ” + 7 مليار دولار ” ) و عسكرية من خلال مناورتين عسكريتين بالذخيرة الحية الاولى جوية بحرية برية بوهران تحت اسم طوفان 2 ، و الثانية عاشت فصولها الناحية العسكرية الاولى بالجلفة، مناورات عسكرية بالذخيرة الحية حملت اسم فجر 2023 ، شاركت فيها مختلف التشكيلات العسكرية حيث سجلت سابقتين نوعيتين في تاريخ البلد ، أثارتا حفيظة البعض و تخوف بعض من دول الضفة الشمالية للابيض المتوسط ( اسبانيا و فرنسا مثال) . تميز مناورات فجر 2023 عن سابقاتها , طعمها السياسي من خلال اشراف ع.م. تبون على انطلاقتها بصفته رئيس الدولة و وزير الدفاع يرافقه رئيس الحكومة و وزير الخارجية ، و نكهتها العسكرية عبر اشراك اسلحة نوعية حديثة لم تظهر من قبل ، من بينها منظومة صواريخ الدفاع الجوي بوك 2 إم ذات القدرة التدميرية الهائلة ، منظومة بمقدورها التصدي و اسقاط اكثر من 20 هدفا في آن واحد و ما خفي اعظم .
اليوم بمقدوري الجزم بأن لا حرب تلوح في الافق بين المغرب و الجزائر على الاطلاق ، و ان الأمر ليس مرده عدم الرغبة او انعدام القدرة نظرا للفرق الصارخ بين القوتين ، كما بامكاني الجزم ايضا ان الحرب ان اشتعلت فلن تكون الجزائر هي المبادرة باعلانها ( منذ الاستقلال و الى اليوم عقيدة الجيش الجزائري دفاعية صرفة و ليست هجومية بالمطلق ) ، لذا لا خوف على المملكة المغربية من اي هجوم جزائري مباغث ، و هذا ما يعيه جيدا الساهرون المؤتمنون على امن و استقرار المملكة…أما الناهقون من المحللين السياسيين ، و اشباه الزعماء المتحزبين ، و (فطاحلة الدكاترة ) رؤساء المراكز الاستراتيجية و توابعهم من دعاة الحرب و المروجين لها ، و المؤثرين و صناع المحتوى في المواقع ….أنصحهم بمراجعة أطباء اخصائيين في داء عضال اصاب اكثريتهم اكتشف اخيرا تحت اسم ( الألجيروفوبيا ) ، و اقول لهم كفاكم صخبا و صراخا و تهويلا و ضجيجا ، لقد أمسيتم مجرد كائنات ببغائية تردد صدى المواقع بدل الالتفات الى ما يجري على ارض الواقع ، مساهماتكم و اسهاماتكم في استحمار الانسان المغربي بدل الاستثمار فيه مضيعة للوقت و خسارة للوطن ….فكفوا هراءكم .

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *