خريبكة: سعيد العيدي
احتضنت القاعة الكبرى لمركز التكوين المهني الإقليمي بخريبكة حفل انطلاق مشروع مصالحة لمناهضة العنف ضد النساء وحماية القاصرين بالمؤسسات السجنية والشباب تحت المراقبة المحروسة بخريبكة في إطار مشروع ” Justement” المنظم من طرف منظمة الطلائع – أطفال المغرب وجمعية الرياض للتربية والفنون بخريبكة بشراكة مع منظمة ” Progettomond” وبتمويل من الاتحاد الأوروبي وذلك مساء يوم 23 أبريل الجاري هذا اللقاء الذي ترأس أشغاله وجلساته الكاملة وألقى كلمته الافتتاحية السيد نبيل متقال رئيس منظمة طلائع – أطفال المغرب فرع خريبكة شكل مناسبة مهمة لتبادل الآراء والخبرات في مجالات متعددة ومشتل للأفكار والبرامج التنويرية والتثقيفية الهادفة ويعد فرصة سانحة للتعرف على مستجدات قانونية وفكرية رصينة.
حيث وبعد الكلمة الترحيبية للسيدة حياة عامر مديرة المركز النسوي بالمديرية الإقليمية لقطاع الشباب بخريبكة كان للمشاركين موعدا مع كلمة الجمعيتان المنظمتان لهذا الحدث الاستثنائي بالإقليم، بدءا من كلمة السيدة إيمان أعراب ممثلة جمعية الرياض للتربية والفنون بخريبكة التي شكرت في مستهلها بالسادة الحضور كل باسمه وصفته وما يستحقه من احترام وتقدير يليق به، ورحبت بالمنتخبين والسلطات المحلية وممثلي المؤسسات والقطاعات العمومية والشركاء الوطنيين والدوليين ووسائل الإعلام والأندية النسوية والجمعيات العاملة في نفس المنوال الخاص بالعدالة ، المرأة والطفولة.
حيث يندرج هذا المشروع الطموح في سياق دينامية وطنية ودولية متجددة، تروم النهوض بمنظومة العدالة، لاسيما في شقها التصالحي والبديل، والذي يتضمن تعزيز حقوق الإنسان، ويستجيب لخصوصيات الفئات الهشة والأكثر تأثرا، وفي مقدمتها النساء، الأطفال والشباب في تماس مع القانون الجديد للعدالة، تم إن مشروع “مصالحة” لا يهدف فقط إلى تقديم مقاربات تقنية أو آليات بديلة للتعامل مع النزاع القانوني، بل يتجوز ذلك إلى بناء ثقافة جديدة للعدالة قوامها الإنصات، الحوار والمصاحبة النفسية والاجتماعية، والتأهيل التربوي والأسري، بشكل يتيح للمعنيين فرصا حقيقية آمنة ومستقرة.
بل إن هذا المشروع هو ثمرة شراكات متعددة الأبعاد، ومجهود جماعي مشترك يضم فاعلين من مستويات مختلفة، ويعكس الوعي الجماعي بأهمية تعزيز العدالة التصالحية كرافعة من روافع التنمية البشرية، وكرهان ضروري لتحقيق العدالة الاجتماعية، والحد من العود إلى الجريمة، وتعزيز السلم المجتمعي.
ولهذا الغرض تقول السيدة إيمان أعراب ممثلة جمعية الرياض للتربية والفنون بخريبكة فإن الجمعيتان معا يؤمنان بأن العمل التربوي والثقافي والاجتماعي يصبح مدخلا أساسيا لبناء المجتمع الثقافي والاجتماعي تقول نفس المتحدثة، حين يتقاطع مع مناهج العدالة التصالحية لبناء مجتمع متماسك ومتضامن وعادل، حيث راكمت الجمعيتان على امتداد سنوات مضت، تجارب ميدانية هامة في مرافقة الفئات الهشة، وخاصة النساء والأطفال ويأملن اليوم عبر هذا البرنامج والمشروع في توسيع هذا الأثر وتعزيز الفعالية المجتمعية مع تقديم شكرهم وامتنانهم للشركاء الأساسين والداعمين لمسار التوعية والتحسيس بمضامين هذا المشروع. مجددين التزامهم الجماعي الراسخ من أجل إنجاح هذا الورش، والعمل يدا في يد من أجل عدالة أكثر إنصافا، تراعي كرامة الإنسان بدل الإقصاء، والمواكبة بدل التهميش، والحوار بدل العقاب.
أما مداخلة كوثر كليمان ممثلة جمعية منظمة طلائع فرع المغرب، حول تقديم مشروع “مصالحة” رحبت في مستهلها بكل الحاضرين الذين لبوا الدعوة وبكل الشركاء والأساتذة والاطر والفاعلين المحليين ورجال الإعلام على مشاركتهم في هذا الحدث الهام المتعلق بانطلاق مشروع مصالحة، وقامت بالتعريف لهذا المشروع الذي يهتم بالفئات الهشة لجهة بني ملال خنيفرة، ونخص بالذكر هنا ثلاث فئات “الفئة الأولى للنساء ضحايا العنف، والفئة الثانية القاصرين الذين لديهم نزاع مع القانون والقضاء والمتواجدبن بالمؤسسات السجنية. وكذا الفئة الثالثة التي تهم الشباب الذي هو خارج المؤسسات السجنية وتحت المراقبة المحروسة.” والذي يجمع بين العدالة التصالحية. والدعم النفسي و التمكين القانوني بهاته الفئات الثلاثة التي تواجه تحديات بسيكو اجتماعية واقتصادية كبيرة.
وقد يتساءل البعض تقول المتحدثة ذاتها عن ماهي العدالة التصالحية وماذا يقصد بها، حيث تعد هاته الأخيرة مقاربة لا تعتمد فقط على العقاب ولكن ترتكز ايضا على الصلح، الفهم، المعرفة وتحمل المسؤولية. وتقرب المخطئ من المجتمع في جو آمن وتركز في عملها على الحوار كأداة لحل المشكل مع إعادة الشباب من الاندماج في المجتمع بدلا من تركهم للضياع والتشرد ويسهل إعادة ارجاعهم للمؤسسات السجنية.
وفي هذا المضمار قامت بتحليل السياق وتحليل المشكل والإشكالية المطروحة المبنية على احتلال جهة بني ملال خنيفرة التي تضم في تناياها اقاليم خريبكة. الفقيه بن صالح. بني ملال. أزيلال. وخنيفرة، المرتبة الثانية على الصعيد الوطني من حيث النساء المعنفات بنسبة كبيرة وهو الأمر ذاته بالنسبة للقاصرين المتواجدين في نزاع تام مع القانون المستشري في المؤسسات السجنية. والشباب الذين لديهم نزاع مع القانون وتحت المراقبة المحروسة. هذه النسب والأعداد تشكل هلعا وخوفا بارزا وتحيل الجميع إلى طرح تساؤلات واقعية تقول نفس المتدخلة ، وهي لماذا، وكيف، وماهو الحل خصوصا مع استشراء ثقافة التهميش الذي تتخبط فيه هذه المواضيع الحساسة. ولهذا الغرض كانت الحاجة ملحة لمشروع يفكر في الحل وليس فقط في العقاب.
اما في ما يخص الفئات المستهدفة فالمشروع يتوجه لحوالي عشرون امرأة معنفة بجهة بني ملال خنيفرة، ناهيك عن عشرون قاصرا في نزاع مع القانون داخل المؤسسات السجنية، وعشرون شابا في نزاع مع القانون تحت الرقابة المحروسة. يعني بعد كل هذا وذاك ستون شخصا محتاج لفرصة ثانية، للدعم حتى يسمع صوته ويوجد له حل معقول وواقعي بعيدا عن كل الحسابات الشوفينية الضيقة التي لا جدوى منها.
وتتجلى اهم الأهداف الخاصة بالبرنامج في اندماج هذه الفئات الثلاثة المعنية من جديد في المجتمع و توقيف كل الحلقات التي تجعل الشباب يدخلون في نزاع مجاني مع القانون انهم يرجعون للمؤسسات السجنية او العيش في عزلة وكدا السيدات اللواتي تطبعن مع العنف وتعود اليه مرات عديدة ولا تود الخروج منه، لهذا الغرض تم استهداف الحاجيات المهمة لكل فئة من اجل الوصول الى الحل الجدري والقطعي.
كما أضافت نفس المتحدثة ان البرنامج يأتي بعد محاولة دراسة معمقة لهذه الفئات المستهدفة واستخلاص حاجياتهم الأساسية والمهمة مع ثلة من المسؤولين والمختصين في الميدان حيث بالنسبة للنساء المعفنات يبقى جهلهم التام للقوانين والمساطير والاجراءات اللازمة تحول دون تمكينهم من الدفاع عن حقوقهم المكتسبة والمشروعة وبالتالي يبقى الهدف هو تمكينهم قانونيا واجتماعيا.
اما في ما يخص القاصرين في المؤسسات السجنية، فيبقى الهدف من هذا البرنامج النوعي هو تكوينهم في مجال التواصل اللاعنفي وتدويب الغضب والصراعات، ونشر ثقافة التصالح مع الذات والمجتمع، وبالنسبة للشباب تحت المراقبة المحروسة فهناك احتياج كبير للدعم النفسي والمواكبة الاجتماعية والإدماج الحقيقي داخل المجتمع.
ومن خلال هذه الأهداف المرسومة والمسطرة ستبرز النتائج المنتظرة التي تكمن في معرفة عشرون امرأة لحقوقها وتكون قادرة بالتالي على مواجهة وتوقيف العنف بشتى أشكاله، مع تدريب عشرون قاصرا في المؤسسات السجنية على التواصل اللاعنفي وتدبير الغضب والمشاركة في الأدوار التصالحية، ناهيك عن متابعة عشرون شابا خارج المؤسسات السجنية وتحت المراقبة المحروسة من أجل أن يكون متابع نفسيا ومهيئ للاندماج في المجتمع الذي نبنيه سويا لكي يتعامل بالحوار وليس بالقطيعة.
وفي ما يخص جانب الأنشطة، حيث بالنسبة للنساء ضحايا العنف فسيتم تسطير ورشة تكوين حقوق الانسان، وورشة تكوين حول المساواة وحقوق المرأة، وورشة تحسيس وتكوين حول العنف المبني على النوع “VBG “مع تعريف انواعها واسبابها، إضافة إلى ورشة تحسين وتكوين حول “Cycle de violence” وتجدرهم في المجتمع.
وسيتم إقامة ورشات حول التواصل اللاعنفي وورشة حول تدبير العنف والتعامل مع الصراعات الاجتماعية، وورشة عبارة عن دوائر تصالحية لإعطاء المجال لهذه الفئة من القاصرين للتعبير والتصالح مع دواتهم، والتفاعل مع الأنشطة الاجتماعية الديناميكية بالنسبة للقاصرين داخل المؤسسات السجنية.
ناهيك عن تنظيم ست جلسات دعم نفسي فردية وجماعية على يد طبيب نفساني ،” un psychologue” وورشة تصالحية وخلق بيئة للتعبير والتصالح بالنسبة للشباب خارج المؤسسات السجنية وتحت المراقبة المحروسة.
وفي ختام كلمتها دعت الآنسة كوثر كليمان ممثلة منظمة طلائع المغرب فرع خريبكة الى توخي نجاح المشروع و البرنامج الذي يظهر من حيث واجهته انه صغير ” micro projet” من حيث الارقام بمشاركة ستون “60” مستفيد(ة) داخل حيز زمني محدود مدته ستة اشهر، ولكنه في حمولته يبقى غنيا نظرا لأثره الكبير والمتسارع والواقعي والملموس عن هذه الفئات الثلاثة المستهدفة ولكي يرجع لهم الامل من اجل التصالح مع دواتهم ومع المجتمع وتسهل عليهم إعادة الإدماج،”La remtgration” والذي من خلاله سيتم التعرف عن الأخطاء والمشاكل التي يتخبطون بها والتي لا تعد النهاية، بل ممكن تعدادها بداية جديدة محتملة.
وبعد هذا التقديم لمشروع مصالحة كان للمشاركين موعدا مع ثلاث مداخلات علمية وقانونية دسمة بدءا من مداخلة السيدة أناس رجاء مندوبة دائمة للحرية المحروسة بوزارة الشباب، الثقافة والتواصل بإقليم خريبكة تحت عنوان ” دورقطاع الشباب في توفير آلية الحرية المحروسة لخدمة أوضاع الأحداث”. يحيث أبرزت أن قطاع الشباب حقق دورا رياديا في رعاية الأحداث والنهوض بأوضاعهم (في تماس مع القانون، أو وضعية صعبة)، ويتمثل دوره بالأساس في تجنيبهم لكل عود إلى مستنقعات الجرم، عن طريق عدد من المؤسسات والآليات التربوية التي توفر المواكبة ـ الإدماج ـ التتبع.
وتعد الحرية المحروسة من بين الآليات التربوية التي لها دور مباشر وهام في التعامل مع هذه الفئات وحمايتها، والحرية المحروسة هي ترجمة حرفية للمصطلح الفرنسي la liberté surveillée.
تم أن نظام “الاختبار القضائي او مراقبة السلوك/ أو الحرية المراقبة”، يعرف على انه عبارة عن اجراء تربوي يسمح بإبقاء الحدث في بيئته الطبيعية العائلية، او القائم مقامها مع تكليف مندوب تحت إشراف قاضي الاحداث، وذلك لتصحيح سلوك الحدث وتتبع تطوره، مع الحرص على تحسين ظروف حياة الطفل المادية والمعنوية، والعناية بصحته وتلبيه حاجاته وتنظيم استغلال اوقات فراغه.
ويقتضي تنفيذ نظام الحرية المحروسة الى جانب الجهاز القضائي تدخل أجهزة اجتماعية وتربوية ذات طبيعة إدارية وتتمثل هذه الأجهزة في المندوب الدائم للحرية المحروسة، التي تعد مصلحة تابعة لقطاع الشباب، يحال عليها الأحداث الجانحون، إما من طرف المحكمة مباشرة أو باقتراح من طرف مؤسسة حماية الطفولة ويذهب هذا الأسلوب، إلى علاج ووقاية الاحداث الجانحين، وذلك بتكليف مندوب دائم بمراقبة الاحداث الجارية عليهم هذا النظام، لأن نظام الحرية المحروسة يقتضي وضع الحدث في بيئته عادة ما يقصد بهذه البيئة الوسط الطبيعي المباشر الذي كان يعيش فيه الطفل قبل ارتكابه الجرم.
الحرية المحروسة في القانون المغربي: تطرق المشرع المغربي لنظام الحرية المحروسة في القسم الثالث من الكتاب الثالث المتعلق بالقواعد الخاصة بالأحداث من المادة: 469 إلى المادة 500، من قانون المسطرة الجنائية.
اشار إليه كتدبير للحماية والتهذيب في الفقرة الثانية من المادة: 471 و481 من نفس القانون، ضمن تدابير الحماية والتهذيب والتربية التي يمكن تطبيقها على الاحداث الجانحين. والأصل في هذه التدابير المطبقة، على هؤلاء الأحداث هي تدابير تربوية تستهدف إصلاح وتقويم وإعادة تنشئة الحدث، وبالتالي فهذه التدابير تسعى الى تحقيق الردع ووظيفتها الأساسية تقوم على الوقاية من الانحراف وأي خطر قد يصيب الحدث.
وبالتمعن في مقتضيات المادتين : 471 و481، يتبين أن هناك إمكانية الجمع بين نظام الحرية المحروسة، والايداع في مؤسسة لإعادة التربية او بالسجن.
إن نظام الحرية المحروسة في القانون المغربي له مفهوم واسع وشامل، يمكن ايجازه : هو وضع الحدث بصفة مؤقتة للتجربة أو نهائية للتربية، تحت مراقبه قضائية تباشر بالاستعيان بمندوب مختص توكل اليه مهمه التنسيق مع اسرة الحدث أو اي شخص اخر يقوم مقامها لتصحيح سلوك الحدث واعادة تربيته وتمكينه من الاندماج في المجتمع.
التشريع الجنائي المغربي قد فصل بشكل تام بين التدابير الواجب اتخادها في حق الاحداث عن منظومة التدابير العامة الواردة في حق باقي المتهمين، وتم تخصيصها في مواد مستقلة في قانون المسطرة الجنائية. ولعل مرونة هذه التدابير جعلتها تشمل فئة واسعة من الاحداث. الذين يمكن لهم الاستفادة من تدابير الحماية والتهذيب. ونخص بالذكر كذلك الاحداث الموجودين في وضعية صعبة والطفل ضحية العنف. “الإشراف على مختلف أنشطته (المادة 496)، التتبع التربوي للطفل (المادة 496)، تجنيب الطفل العود للإنحراف (المادة 497)، اقتراح التدابير المفيدة لإعادة تربيته (المادة 497)، مراقبة الظروف المادية والمعنوية التي يعيش فيها الطفل، (المادة 498) معرفة حالته الصحية، وظروف تربيته وعمله، وعلاقاته، وحس استعماله لهواياته (المادة 498)، إعلام أولياء الطفل بالتدبير المتخذ،وطبيعته،وموضوعه،والالتزامات التي يستجوبها (المادة 498)”.
ويتجلى الهدف الأسمى لنظام الحرية المحروسة: التوفيق بين حماية المجتمع من جهة وحماية مصلحة الفرد الذي يجب اصلاحه وتأهيله ولعل هذه التدابير هي فعلا عقوبة حقيقية، الا انها تهدف إلى التأديب والاصلاح. وهما من خصائص العقوبة، الا انها جعلت لتراعي المصلحة الفضلى للأحداث. وبالتالي فنظام الحرية المحروسة يغلب عليه الطابع الحمائي التربوي الهدف منه هو تربية الحدث واصلاحه لتأهيله واعادة ادماجه في المجتمع.
و تتجلى أصناف الحرية المحروسة: في كونه نظام تربوي يحال عليه الأحداث بموجب تدبير قضائي، طبقا للفصول- 471-481، من قانون المسطرة الجنائية، وتندرج خدمات هذا التدبير في مرحلتين،
طور التجربة: تخصص هذه المرحلة لتتبع مدى تطور سلوك الحدث ، وتستمر من شهر الى ثلاثة أشهر.
طور التربية: توجه لتقديم الخدمات الضرورية للحدث الذي تبين من خلال مرحله التجربة انه في حاجه الى تقويم سلوكه،
ومساعدته على الاندماج في وسطه العائلي والاجتماعي.
صنف التجربة:نصت عليه المادة471من قانون المسطرة الجنائية ويتعين على مندوب الحرية المحروسة خلاله: فتح ملف خاص شخصي من النوع المخصص للحرية المحروسة فرع التجربة.
إعداد تقرير حول وضعية الحدث خلال هذه الفترة، وتتراوح بين ثلاثة وخمسة أسابيع. مع إطلاع قاضي الأحداث قبل موعد انعقاد جلسة الحكم على التوجيه المقترح لصالح الحدث.
اما صنف التربية: فترجع إليه المحكمة بعد ادانة الحدث من اجل المنسوب اليه حيث تقرر اخضاعه إليه لمدة محددة، يقوم نظام الحرية المحروسة على أساس الثقة التي يبديها القضاء في هذا التدبير ومدى قدرته على تهذيب الحدث واتخاذ التدبير المناسب في حق الحدث.
المندوب الدائم للحرية المحروسة: يعين المندوب الدائم للحرية المحروسة من طرف وزير الشباب و الثقافة و التواصل، وهو إطار تابع لمصلحة حماية الطفولة، و حسب المادة : 499 من قانون المسطرة الجنائية، يعين المندوبون الدائمون بمقرر إداري تصدره السلطة الحكومية المكلفة بالطفولة، ويتقاضون أجرة عن أعمالهم ويختارون نظرا لسلوكهم الحسن ولاهتمامهم بمصالح الأحداث.
ويقوم بمهمة الإشراف والتتبع التربوي للأحداث الجاري عليهم نظام الحرية المحروسة، والعمل على مراقبة الظروف المادية والمعنوية التي يعيش فيها الحدث وحالته الصحية وظروف تربيته وعمله وعلاقاته وحسن استغلال أوقات فراغه وهواياته، وذلك لتجنيبه كل عود إلى الجريمة واقتراح كل تدبير ملائم لتوجيهه وإعادة تربيته، وهذه المهمة تتخطى الحدث إلى محيطه الأسري والمدرسي…
وعن التأصيل القانوني لعمل المندوب الدائم للحرية المحروسة: تقول السيدة أناس رجاء مندوبة دائمة للحرية المحروسة بوزارة الشباب، الثقافة والتواصل بإقليم خريبكة أن العمل الذي يقوم به مندوب الحرية المحروسة على مستوى الفضاء المهني. للحدث يجد اصوله في قانون المسطرة الجنائية خاصة في المادة: 498 إذ تؤكد على أن مناديب الحرية المحروسة تناط بهم مهمة مراقبه الظروف المادية والمعنوية التي يعيش فيها الحدث والحالة الصحية. وظروف تربيته وعمله، ويعتبر ذلك نوعا من الرقابة لتهذيب وتأهيل سلوك الحدث. ويتيح للمندوب ان يراقب التطور النفسي والخلقي للحدث ويقدم تقريرا للدورية للقاضي. حيث نصت المادة: 499 من القانون المسطرة الجنائية على أنه يعين المندوبون الدائمون بمقرر اداري تصدره السلطة الحكومية المكلفة بالطفولة، ويتقاضون أجور عن اعمالهم ويختارون نظرا لسلوكهم الحسن، ولاهتمامهم بمصالح الاحداث وتتحدد مهام المندوب الدائم للحرية المحروسة طبقا للمواد: 497 و 498 من قانون المسطرة الجنائية في العمل على تجنيب الحدث كل عود الى الجريمة واقتراح كل تدبير مفيد لإعادة تربيته، علاوة على مهمة مراقبة الظروف العادية والمعنوية. التي يعيش فيها الحدث وحالته الصحية وظروف تربيته وعمله وعلاقاته وحسن استعماله لهوايته كما اضافت المادة 498 من قانون المسطرة الجنائية مهمة أخرى تتمثل في تسيير وتنسيق نشاط المندوبين المتطوعين. ونصت المادة 120 من النظام العام لمؤسسات حماية الطفولة، أن المندوب الدائم للحرية المحروسة يقوم بتقديم خدمات تربوية واجتماعية لفائدة الاحداث الذين صدر في حقهم تدبير قضائي. ولعل مهام مندوب الحرية المحروسة متفرعة إلا أن هدفها واحد هو مساعدة الحدث على إعادة الاندماج في المجتمع من جديد والابتعاد عن البؤر التي يمكن أن تسقطه في مستنقع الانحراف من جديد. تم أن المادة 117. حددت مهام المندوب الدائم للحرية المحروسة في تأطير الاحداث اللذين اتخذ في حقهم تدابير الحرية المحروسة، تتبع الاحداث خلال حياتهم اليومية، ومواكبة تطورات سلوكهم ،التدخل لفائدة الاحداث المتمدرسين ومساعدتهم من اجل الاندماج في التعليم، تسهيل ادماج الاحداث الغير المتمدرسين في متابعه تكوين حرفي مهني مع انجاز تقارير السلوك ورفعها الى الجهات القضائية ناهيك عن التنسيق بين مؤسسة حماية الطفولة والجهاز القضائي.
وفي الأخير يعتمد المندوب الدائم في عمله تقول المتحدثة ذاتها على عدد من الشركاء يمكن تلخيصهم: في مؤسسة محمد السادس، الأسرة، القطاع الخاص، الصناعة التقليدية، التكوين المهني، المجتمع المدني، التعاون الوطني، الصحة والقضاء.
وخلال مداخلة الدكتور علال البصراوي نقيب هيئة المحامين بخريبكة سابقا التي تحمل عنوان “أية مقاربات قانونية لمناهضة عنف النوع الاجتماعي ؟” بين في بدايتها أن العنف بشكل عام في المجتمعات العربية والمجتمع المغربي خاصة يعد قديما قدم الزمن والانسان، حيث كانت ممارسة العنف تتم بشكل اعتيادي ووظيفي، وكان أقصى درجة العنف هو القتل، حيث كان العرب يمارسن العنف ويفتخرن به ولنا في الشعر الجاهلي إسوة حية في ذلك، ضاربا مثل “السيف” في اللغة العربية الذي له ألف مرادف. وهذا يعني درجة العنف التي كانت مستشرية عند العرب مند التاريخ. والعنف أصيل بالثقافة العربية، وجاء الإسلام وحاول أن يخفف من حدثه وأعطى للمرأة حقوقها، وشجب بالتالي كل الممارسات المشينة التي كانت سائدة وحولها إلى الممارسات الفضلى، ومع ذلك ظل العنف قائما والذي انتقل بدوره لجل الدول. مع العلم أن كل الأديان والقوانين جاءت لتضمن الحقوق والحريات والكرامة المتأصلة في الإنسان، حيث في العالم كل عشر دقائق تقتل إمرأة، ناهيك عن الضرب المبرح وغيره، ليبقى السؤال المطروح هو من أين يأتي العنف؟.
تم أنه في ما يخص العنف الممارس على المرأة بصفتها امرأة باختلاف أنواعه الجسدي، اللفظي، الحركي، الجنسي، النفسي يسيء لصورة البلد في الداخل والخارج باعتبار أن انتشار هذه الأنواع المختلفة من العنف في جل الفضاءات وفي المؤسسات التعليمية والجامعية بين الأساتذة والتلاميذ والطلبة، وداخل الأسرة حتى أصبح العنف مشترك بين جميع مكونات أفراد الأسرة جعل الجميع يلاحظ الانتقال الحاصل من العنف الافتراضي على مستوى وسائل التوصل الاجتماعي في كثير من الصور التي تعد من أكثر درجات العنف “الحق في الصورة مثلا” لا في نشرها أو تعديلها، أو وسائل التواصل الاجتماعي، والعالم الافتراضي يساهم في شكل كبير في تمرير العنف وهنا تشكل الخطورة، حيث ما يصلنا على الهواتف هو أداة عادية، لكن حينما يشكل الهاتف حالة مرضية فهنا يكمن المشكل لكون أن هناك 90 % من المواد التي تنشر هي مخالفة للقانون، قص على ذلك مستوى التعاليق التي تتضمن الصور والفيديوهات في منصة التواصل الاجتماعي هي سلبية ويمارس فيها العنف بشتى تلويناته.
من جهة أخرى تطرق المتدخل ذاته لموضوع “الأحداث” الذي قال عنهم أنه لا يجب اعتقالهم ولو كان عندهم رشد كافي، حيث أنه في الجريمة تتم تسميت الحدث براشد وتتم محاسبته على الجرائم التي ارتكبها، وفي هذا الصدد فالمجلس الوطني لحقوق الإنسان عليه أن يقوم بصفة دائمة بمعاينة كل الأحداث المتواجدين بالمراكز من أجل الاضطلاع على أحوالهم.
وتطرق في الوقت ذاته الدكتور علال البصراوي نقيب هيئة المحامين بخريبكة سابقا لموضوع بالغ الأهمية الذي طرح نقاشا عموميا في بلدنا المغرب حاليا والمتمثل في “العقوبات البديلة” التي سيبدأ تطبيق العمل به في 22 غشت 2025 وشدد على مدى نجاعة القانون المذكور لردع المخالفين من جهة وحلحلة مشكل اكتظاظ السجون المغربية وترسيخ قيم “المصالحة” من جهة ثانية وتفعيل الأدوار الطلائعية التي تقوم بها مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، ضاربا المثل بدولة هولندا التي تتوفر على سجن واحد فقط نظرا لغياب المجرمين، وخلص كلامه بالقول أن هناك خلل في التركيبة المجتمعية لاسيما عندنا في “المدرسة، الإعلام، الشارع، المؤسسات لاسيما التعليمية منها، وعدم تأديتهم لأدوارهم الطلائعية، تم أن العقوبات ارتفعت لكون أن شباب عماد البلاد لم يعرنا اهتمام للفنون “المسرح – السينما – المطالعة بالخزانات – حتى الأغاني بها عنف” وأن القانون ليس هو الحل الأمثل حيتما تم التشديد في العقوبات حيتما ازداد العنف وانتشر.
أما المداخلة الأخيرة للأخصائية النفسية الدكتورة أمينة مسافيع ممثلة الاتحاد الوطني لنساء المغرب هاته المنظمة التي لها باع طويل امتد لمدة 50 سنة من تقديم الخدمات والدعم للنساء عبر توفير العديد من مراكز الاستماع تنشط من طرف خيرة الأخصائيين النفسيين المتضلعين في هذا المجال من أجل تدليل الصعاب وحلحلة المشاكل والصعوبات التي تعترض النساء المعنفات، والنساء في وضعية صعبة عبر تسطير برامج دعم باستمرار ومساعدتهم على المرافقة القانونية والمواكبة للإجراءات الإدارية والقضائية وذلك من أجل صون حقوقهن المكتسبة حتى يبقى الاتحاد وروافده جزءا يساهم في التغيير.
وقد عبرت الدكتورة أمينة مسافيع من خلال مداخلتها عن سعادتها وامتنانها بالمشاركة والحوار في هذا الحدث الاستثنائي في هذا الفضاء الواسع للحديث عن العنف القائم على النوع الاجتماعي الذي لا يعد مجرد نقاش نظري أو موضوع عابر، بل يتعداه إلى أبعد من ذلك والمتمثل في كونه هو حديث عن واقع مؤلم يعيشه كثيرون بصمت، عن ذنوب لا تُرى بالعين المجردة لكنها تترك أثرًا عميقًا في النفس. حيث أن العنف باختلاف تلاوينه وتمظهراته أصبح يمارس بشكل اعتيادي ويتم من وراءه وضع اللوم على النساء وعدم التفكير في طرق بديلة رغم معرفة الأسباب.
هذا النوع من العنف يمس الكرامة والإنسانية في الصميم. ولا يقتصر بالتالي على الأذى الجسدي، بل يتسلل إلى الروح، فيكسر الثقة، ويزرع الخوف، ويعزل الفرد عن ذاته وعن الآخرين. كثيرون يحملون هذا الألم في صمت، ويجدون صعوبة في طلب المساعدة، أحيانًا بسبب الخوف، وأحيانًا بسبب الإحساس بالعار أو بعدم التصديق.
من هذا المكان، يبرز دور الأخصائيات والأخصائيين النفسيين ليس فقط كمهنيين، بل كحضور إنساني قبل كل شيء للإصغاء، التفهم، وخلق مساحة آمنة يمكن أن تكون بداية حقيقية لمسار تعاف ٍ طويل لكنه ممكن.
هذه النخبة من المختصين النفسيين لا يقدمون حلولا جاهزة، بل يمشون بخطى ثابتة مع كل من اختار أن يثق بالممكن، حيث تتم مرافقته في فهم ما عاشه، ومساعدته على استعادة صوته وصورته عن نفسه.
ومثل هذه اللقاءات تفتح نوافذ للنقاش، لكنها تفتح أيضًا القلوب. تذكّرنا أن التغيير تقول الأخصائية النفسية الدكتورة أمينة مسافيع، يبدأ عندما نمنح الآخر فرصة ليُسمع ويُرى. عندما نُقر ّ بأن الألم النفسي لا يقل قسوة عن الألم الجسدي، وأن الكرامة لا تُسترجع بالعقاب فقط، بل بالتعاطف، بالحماية، وبالعدالة النفسية والاجتماعية. تم إن العنف القائم على النوع ليس مشكلة أفراد، بل مسؤوليتنا جميعًا كمجتمع. وكل خطوة نحو الوعي، نحو كلمة داعمة، أو موقف عادل، تساهم في بناء عالم أكثر أمانًا، لا سيما للفئات التي طالما تم إسكاتها أو تجاهل معاناتها. وطالبت الدكتورة بتوقيف دائرة العنف في أقرب الآجال الممكنة لبناء مجتمع عادل وآمن ومتضامن تعزز فيه كرامة النساء والمرأة وتحمى فيه الطفولة المغربية.
وقبل نهاية الحفل تم فتح باب المناقشة بين الحاضرين الذين أدلو بدلوهم في العديد من النقط التي لامست بشكل كبير مصطلح العدالة المجالية، ومستجدات العقوبات البديلة وقوانين تجريم العنف وغياب تطبيق وتفعيل القوانين، تلته ردود أفعال السادة الأساتذة المتدخلون، وانتهى النشاط في جو يسوده الانضباط والالتزام.