ما سر تهويل الحكومة من الوضعية المالية للصندوق المغربي للتقاعد؟

منقول عن : “الأيام 24

بقلم :ع ط نقابي خبير شؤون اجتماعية
**
الجواب بكل بساطة: الحكومة تسعى من ذلك إلى تقليص كلفة الأجور ومن النفقات الإجبارية المتعلقة بالموظف .
قد يبدو الجواب غريبا، خاصة وأن الصندوق المغربي للتقاعد لا تدبره الحكومة بل يدبره مجلس إداري مستقل و منظم بقانون، لذلك قد يتبادر إلى الذهن السؤال التالي : ما علاقة كلفة الأجور بوضعية الصندوق المغربي للتقاعد؟
فقبل بسط الجواب وتعليله وتحليله، دعوني أعرض عليكم بعض المؤشرات الموضوعية والواقعية والدالة على الواقعة :

المؤشر الأول : خطة دفع الموظف لطلب الحصول على التقاعد النسبي:
أثارني الواقع الغريب والمؤلم للارتفاع المهول لطلبات الحصول على التقاعد النسبي، فآلاف من خيرة الموظفين ذوي التجربة العالية والكفاءة والخبرة العلمية والحنكة الإدارية ، أصبحت تفضل مغادرة أسلاك الوظيفة العمومية !!!
تفضل الالتحاق ب”سلك” المتقاعدين قبل بلوغهم حد سن التقاعد، ودون أن قناعة تامة بذلك، بل منهم من أدخلها في خانة المثل الدارج ” مكره أخاك لا بطل”، خاصة وأنهم واعون بأنهم سيفقدون آلاف الدراهم من راتبهم الشهري على الرغم من حاجتهم الملحة لها في ظروف الغلاء الفاحش وتدهور القدرة الشرائية… لجأوا إلى طلب التقاعد النسبي وهم مقتنعون بأن الحكومة لن تحسن من دخلهم ودون الزيادة في ” الصَّلِير” الذي كان ضمن وعودها المعسولة خلال حملاتها الانتخابية وكررتها بطريقة غير مباشرة من خلال اتفاق العار الموقع في 30 أبريل الماضي….
فبالرجوع إلى الموضوع أعلاه، أكاد أجزم أن الحكومة نجحت في مخططها الماكر والمحبوك في “إقناع” الموظفين ودفعهم لطلب التقاعد النسبي ،حيث أن خطتها تتجلى في إظهار أن الوضعية المالية ل CMR وضعية كارثية تستدعي التدخل العاجل، وان الحل هو الرفع من سن التقاعد إلى 65 سنة، ورفع نسبة الاقتطاع و تقليص نسبة الاستفادة إلى 70%… وأطلقت ذبابها الإليكتروني لنشر الخبر بطرقه الخاصة وذلك عبر مقالات مكتوبة أو عبر كابسولات مرئية أو سمعية… فالموظف أمام هذه الإشاعات الخداعة والضغوط النفسية القوية التي يعيشها لم يتوانى في دفع الطلب محاولا الفرار من المجهول…

المؤشر الثاني : غض الطرف، احسبه مقصودا، عن والوضعية الحالية للصندوق المغربي للتقاعد:
أذكر بما قلته في أحد المقالات السابقة، لما أشرت إلى أن الصندوق المغربي للتقاعد قد تحسنت وضعيته نسبيا منذ سنة 2021 بسبب ارتفاع عدد المنخرطين الناتج عن إدماج أطر الأكاديميات الجهوية للتعليم الذي كان له تأثير إيجابي على دعم فئة المنخرطين بالصندوق حيث أن عدد المساهمين(المنخرطين) من المدنيين أصبح أكثر من 722890 سنة 2022 عوض 624986 سنة 2020 وسيزداد هذا الرقم خلال سنة 2023 في حين أن عدد المتقاعدين (الذين يتقاضون معاشهم من الصندوق)أصبح 306164 .
كما أن المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد قد قرر القيام بتعديل إيجابي للمادة 7 من المرسوم 2.95.749 المطبق للقانون 43.95 القاضي بإعادة تنظيم الصندوق المذكور، فهذه المادة تم اقتراح تعديلها نحو الاحتفاظ بمبلغ الحد الأدنى من الرصيد الاحتياطي وتحديده فيما يعادل نفقات السنة المنصرمة، عوض ما هي عليه المادة 7 التي تنص على أنه في حالة انخفاض الرصيد الاحتياطي إلى أقل من الثلثين خلال الثلاث سنوات المحاسبية الأخيرة ، سيتم اللجوء إلى اقتطاعات من أجور الموظفين بشكل مباشر وبمقتضى المرسوم دون اللجوء إلى حوارات أو مفاوضات….
فعوض أن تتعامل الحكومة مع موظفيها بنوع من الشفافية والوضوح، وتخبرهم أن الرصيد الاحتياطي للصندوق قد بدأ في التحسن، وتخبرهم أيضا بأن أموالهم التي تقتطع من راتبهم الشهري وتُضخ في الصندوق يتم الاستثمار بجزء منها في مشاريع متنوعة كما حصل مثلا في عملية اقتناء الصندوق ل 05 مراكز استشفائية جامعية (CHU)من الدولة بمبلغ 4 مليار و 6 مائة مليون درهم ثم تكتريها (الدولة) من الصندوق لنفس المستشفيات الجامعية على مدى 40 سنة دون أن نعرف مبلغ الكراء؟

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *