رجع الصدى : يكتبها عبد الكريم جبراوي
لكل حدث وقائعه وتجلياته ، ولكل حدث تبعاته ونتائجه ، كما لكل مستجد تحمله الأخبار من هنا أو هناك نسيج من الحديث يتردد ، وعند هذا التردد يتولد صدى الخبر ، فيكون رجع الصدى نتيجة لخبر الحدث…
هل يتجه الفعل الانتخابي بالمغرب صوب اتخاذ الاستحقاقات الانتخابية كأسواط وكأصوات صامتة للعقاب؟
وكيف يمكن قراءة نتائج الانتخابات التي جرت يوم الثامن من شتنبر ضمن كتاب الصوت العقابي؟
لقد اعتاد الصوت الانتخابي المغربي الركوب على صهوة النسيان وعدم اتخاذ العبرة مما مضى والتشبث بالانطلاقة من الصفر ومعايشة الواقع في يومه، دون التفات لمعاناة ودون استشراف للمستقبل، لدرجة أن المنتخبين في السابق كانوا بمجرد انتخابهم يغلقون كل باب من أبواب التواصل مع الهيئة الناخبة ويصبح موضوع لقائهم والحديث المباشر إليهم من رابع المستحيلات على مدى الفترة الولائية كلها، بل و”يحجرون” على الهيئة الناخبة فلا يرجعون إليها لاستشارتها في ملف أو موضوع أو مشروع قانون مطروح بقبة البرلمان، ولا يأخذون برأيها ولا ما تتطلع إليه من انتظارات فيفكر ويحلل ويقرر مكانهم ، ولا تطأ قدماه تراب أحيائهم ومساكنهم إلا عند التهيؤ لانتخابات جديدة ، وحينها بسرعة تلتف حوله جموع نفس الهيئة الناخبة التي هجرها خمس سنوات، فتهتف باسمه ومسكنه حيث الوليمة والغنيمة إلى حين الإعلان عن نتيجة الاقتراع وبعدها مرة أخرى لا أحد يرى الآخر وهكذا دواليك ….
أما اليوم فقد بدأ بعض الغبار ينفض على البعض من الهيئة الناخبة، حيث سمعنا المحاسبة الشفوية والعتاب الممزوج بالغضب لدرجة الصراخ في وجه المرشح بعبارة ” أين كنت طوال هذه السنين؟ ماذا فعلت خل مدة ولايتك؟»، وسمعنا عبارات خشنة وقاسية في حق بعض الوجوه الانتخابية وحتى حالات “الطرد” من الحي أو التجمع السكني بحجة عدم الرضى عن الأداء أو تحت ذريعة عدم الوفاء بالالتزامات التي وعد بها ذات المرشح في الانتخابات السابقة، مما يؤشر على تغير أخذ في النشوء في أنماط العلاقة بين الناخب والمنتخب ، وقد تؤكد هذا الطرح بعض من النتائج المحصلة في انتخابات 8 شتنبر 2021 التي جرت مؤخرا بكل ربوع الوطن ، إذ لا لاحظنا كيف انزلقت حصيلة الحزب الذي ترأس الحكومة المغربية لولايتين متتاليتين من أعلى الهرم الرقمي إلى أسفله على اعتبار أنه حاز في الانتخابات السابقة لسنة 2016 على المرتبة الأولى بـ 125 مقعدا برلمانيا وكان قبلها في انتخابات 2011 قد حصل على المرتبة الأولى كذلك بـ 106 مقاعد برلمانية في حين لم يحصل في هذه الانتخابات الأخيرة سوى على 13 مقعدا ، وهذه انتكاسة تبين مدى نمو قوة الصوت الانتخابي الذي بدأ يتشكل في صيغة السوط العقابي الذي تملكه الهيئة الناخبة وتتحكم في تسييره صوب الاتجاه الذي تفضله ، مع التساؤل في ما إذا كان هذا السوط سيترسخ مع الممارسة الديمقراطية في بلادنا ليكون الأداة القوية التي تساير ما نص عليه الدستور الجديد للمملكة بخصوص مبدإ المساءلة والمحاسبة ..
عبد الكريم جبراوي
[email protected]