بقلم ابو أيوب .
استفان ديميستورا المبعوث الشخصي للصحراء ، و المعين حديثا من طرف الأمين العام للأمم المتحدة السيد انطونيو غوتيريش ، خلفا للالماني المستقيل هورست كوهلر ، يستعد لزيارة المنطقة بحر الاسبوع القادم ( 12/19 يناير الجاري) ، حيث من المرتقب زيارته للمملكة و الجزائر و مخيمات تندوف و موريتانيا . للاشارة ، زيارته هذه تأتي بعد جولة سابقة قادته الى كل من ايطاليا و المانيا و انجلترا ، ثم روسيا و اسبانيا اللتين تعتبران ضمن مجموعة اصدقاء الصحراء الى جانب كل من امريكا و انجلترا و فرنسا .
زيارته هذه تأتي في خضم بروز مستجدات جديدة سابقة وحالية طرأت بالساحة المغاربية : ابرزها قطع العلاقات الديبلوماسية بين الجزائر و المغرب ، و ما تبعها من رسالة جزائرية عممت على اعضاء مجلس الأمن الدولي ، ملخص الرسالة رفض الجزائر المطلق من تأثيث و حضور أشغال أي طاولات مستديرة مستقبلا ، ثم مستجدات طارئة بالفضاء الأوروبي على ضوء الانفراجة في علاقات المغرب و المانيا و عودة السفيرة المغربية الى برلين ، و الازمة الجديدة التي ارخت بظلالها على العلاقات الثنائية بين المغرب و اسبانيا .
لكن الملفت و الخطير على الصعيد الأوروبي ما حصل الخميس 6/1/2022 بالعاصمة الفرنسية باريس ، حيث انعقدت جلسة بالجمعية الوطنية ( البرلمان الفرنسي) بدعوة من احزاب اليسار الديموقراطي ، لمسائلة الحكومة الفرنسية عن دورها في اطالة أمد نزاع الصحراء و الدعم الذي توفره للمغرب ….، في تعارض تام مع القانون الدولي و قرارات مجلس الامن الدولي ، بحسب تدخلات النواب الفرنسيين .
كما تجدر الاشارة الى أن المبعوث الشخصي الجديد معروف عنه بأنه يدير الازمات و لا يحلها ، و من المحتمل جدا ان يكون اخر مبعوث أممي للنزاع حول الصحراء في حالة فشله في ايجاد حل سياسي مقبول من كل الاطراف ، وفق نص و منطوق القرار الاخير رقم 2602 لمجلس الأمن الدولي الصادر نهاية اكتوبر الماضي ، لذا تساؤلات كثيرة تطرح حول مدى احترافيته الديبلوماسية في انجاح المهمة الموكولة اليه و ادابة الجليد الذي يعتري علاقات الاطراف المعنية بصفة مباشرة او غير مباشرة بالنزاع حول الصحراء !!.
المؤكد لحدود الساعة ، ان كل القوى الفاعلة على الصعيد الدولي أكدوا دعمهم و مساندتهم الغير مشروطة للمبعوث الشخصي السيد ديميستورا في معالجته و مقاربته للنزاع حول الصحراء ، لكن مقاربته هذه قد تصطدم بتحفظ جبهة البوليساريو التي اشترطت اجندة زمنية محددة لتنظيم استفتاء و ضمانات دولية بالسهر على احترام نتائجه ، فيما الجزائر احتفظت لنفسها برفض حضور اي طاولة مفاوضات كيف ما كان نوعها مستقبلا .
مسوغها في هذا انها دولة مجاورة لمنطقة النزاع شأنها شأن موريتانيا ، اي بمما معناه رسالتين ، الأولى واضحة للمبعوث الأممي ملخصها ( اذا اردت النجاح في مهمتك ، فما عليك الا مخاطبة طرفي النزاع المغرب و جبهة البوليساريو و اقناعهما بالجلوس الى طاولة المفاوضات) ، غير هذا بحسب رؤيتها مضيعة للوقت و لمساعي الأمم المتحدة ، أما الثانية فهي تلمح الى استمرار حرب الاستنزاف الثانية بالصحراء ، و التصعيد المستمر و التطورات المصاحبة و ما ستسفر عنه هذه الحرب من تداعيات قد تتطور الى حرب اقليمية تطال مصالح الجميع و على رأسهم الغرب عموما و اوروبا بالخصوص لقربها من منطقة الصراع.
فهل ينجح ديميستورا فيما فشل فيه سابقوه كجيمس بيكر و كريستوفر روس و هورست كوهلر ؟ و هل تسمح الدول الكبرى بحرب اقليمية بين الجزائر و المغرب قد تتطور الى تورط اطراف خارجية ؟ أم سنشهد ضغوطا سياسية و اقتصادية على أحد الأطراف لارغامه على الجلوس الى طاولة المفاوضات و من هو هذا الطرف ؟ أم سيتم اللجوء الى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بدل الفصل السادس التي تتداول القضية من خلاله؟ .
الأكيد المؤكد بحسب معطيات اللحظة ، ان مجمل الضغوط تسير في اتجاه واحد ( حكم محكمة العدل الأوروبية/ رفض المانيا و اسبانيا تغيير موقفيهما من نزاع الصحراء/ جلسة الجمعية الوطنية الفرنسية/ مشاريع قوانين الكونغريس الامريكي الرافضة لبيع السلاح النوعي للمغرب و ايقاف التعاون العسكري في اشارة الى مناورات الأسد الافريقي ، مثالا لا حصرا).