عبد الرحيم بن بوشعيب مفكير
الحلقة الثانية
الفصل الأول
المبحث الأول:
نسب قبيلة اولاد افرج و تاريخها:
ترجع الأصول الأولى للقبائل العربية الكبرى بالمنطقة المغربية الساحلية الوسطى الى الهجرات العربية الأولى للمغرب الأقصى في القرن السادس الهجري ، وذلك في عهد دولة الخليفة يعقوب المنصور الموحدي، عندما أوقع بعرب افريقيا الشمالية المهاجرة من الجزيرة العربية ، وبعد أن هزمهم نقل جمهورهم من المغربين الأوسط والأدنى الى دواخل المغرب الأقصى سنة 584 هـ .
إن البحث في تاريخ دكالة بحث غير مضمون النتائج ، إنه بحث في الخيال وذلك راجع إلى ضآلة المعلومات وكذا نذرتها ، باعتبار أن المنطقة لم تعرف مسحا أريكيولوجيا يجعلنا نقف على مختلف المراحل التاريخية التي مرت منها. وهكذا نجد أن الكتابات حول المنطقة لم تظهر بشكل واضح إلا في الكتابات العربية الإسلامية.
ومما يزكي هذا الطرح هو عجز باحثين عن تحديد الفترة التي تأسست فيها مدينة أزمور التي تعتبر أقدم المآثر التاريخية والعمرانية بالمنطقة.
وإذا كان التاريخ القديم لدكالة يعرف الغموض فإن التاريخ الوسيط عرف نوعا من الانفراج مرده توفر الوثائق والمعلومات التاريخية التي تحدثت عن المنطقة.
ومن بين الذين تحدثوا عن منطقة دكالة ابن خلدون الذي قام بإعطاء حدود لها يقول : ” ودكالة منهم في ساحل الجبل ومن جانب الجرف مما يلي مراكش إلى البحر من جانب الغرب وهناك رباط آسفي المعروف ببني ماكر ” ويتبين أن تعبيره غامض نسبيا[1].
وقد عرفت المنطقة منذ القرن السادس والسابع الفتح الإسلامي ، الذي أدى إلى تغيرات اجتماعية واقتصادية ، وحسب تعبير كولفين ساهم في انصهار السكان الأصليين، واختارت الدين الاسلامي أو” فرض” عليها كما كتب بعض المؤرخين ، كما عانقت اللغة العربية وأتقنتها ، وساهمت في بناء الحضارة الإسلامية. كما شهدت المنطقة مجيء قبائل بني هلال وبني سليم، ولحقها الطاعون في القرن الرابع عشر…
ويمكن أن نقسم المراحل التاريخية التي مرت منها دكالة إلى ثلاث مراحل:
- المرحلة الأولى: مرحلة الفتح الإسلامي وتمت خلال القرنين السادس والسابع.
- المرحلة الثانية: مرحلة الاستعمار البرتغالي الذي دام 267 سنة أي من سنة 1502 إلى 1769م.
- المرحلة الثالثة: مرحلة المد الإسلامي الثانية التي تمت سنة 1769م ( عرفت مجاعات واضطرابات) [2]
ويعتبر عرب جشم أجداد قبائل دكالة وعبدة، وقد كانوا يحملون اسما أمازيغيا واحدا وهو دكالة ، والتي لبسوا جلدتها وحلوا محلها وانتسبوا اليها حيث أنها كانت أواسط القرن الخامس الهجري قد تعصبت للدولة المرابطية فلم تعط أي تأييد للدولة الموحدية التي قضت على عرش الدولة المرابطية وقوضت أركانه، حيث عمل السلطان عبد المومن الموحدي وأبناؤه في تجهيز الجيوش ضد المرابطين وقاتلهم وهزمهم ثم كانت له ولأولاده من بعده الكرة عليهم فأبادوا دولتهم تارة بالسيف وتارة بتفريقهم في آفاق المغرب.
وبعد أن استوطنت قبائل العرب الدكالية بالاسم، في السهول المذكورة على ساحل المحيط الأطلسي، وتجذرت أسرهم ، وتفرعت قبائلهم ، انقسمت دكالة الى قسمين كبيرين، دكالة البيضاء (وهي موضوع بحثنا)، ودكالة الحمراء (وهي قبيلة عبدة ).
إن قبائل دكالة ( ونقصد بها هنا دكالة البيضاء) عبارة عن اتحاد قبلي كبير يضم عرب المنطقة المحيطة بمدينتي أزمور والجديدة، وتتميز بكونها احتفظت باسم دكالة الأمازيغية التي اندمجت بين أهاليها حتى استعربت هذه الأخيرة بالكامل، وتنقسم الى مجموعة قبائل يضمها تراب اقليم الجديدة ومن بينها قبيلة (أولاد أفرج التي تقع بالشمال الشرقي لاقليم الجديدة.
وتتكون دكالة اليوم من ست قبائل تاريخية و هي أولاد فرج، أولاد بوعزيز، أولاد عمران، أولاد عمرو، أولاد بوزرارة و العونات و قبيلتين وافدتين لحاجة المخزن الأمنية و هما هشتوكة من قبيلة مصمودة الأمازيغ و عرب الحوزية التي ترجع أصولهم إلى مجموعة قبائل عربية صحراوية نقلها السعديون إلى حوز مراكش فسميت السوسية ثم الحوزية وهذا ما أثبته كتاب المعسول للمختار السوسي، و أخيرا فرقة من عرب الشياظمة انتقلت من موطنها جنوب عبدة و استقرت شمال منطقة دكالة.
ويرجع أصل قبيلة أولاد فرج حسب المرجع أدناه[3] إلى عرب بني هلال التي كانت تسكن جبال غطفان و منطقة نجد في الجزيرة العربية ، فهم أبناء فرج بن توبة بن عطاف بن جبر بن عطاف بن عبد الله الدريدي بن اثبج بن ابي ربيعة بن نهيك الهلالي٠ وعمائرها الكبرى الشهيب وأولاد عبد الغني وتحتها عدد كبير من البطون، وقبيلة أولاد زيد أحد أكبر فروعها الذي استقل عن الفرع الأم. يضاف إليهم قبيلة القواسم “الطائر الحر” وهي قبيلة عدنانية من إلياس بن مضر٠
دخل أولاد فرج في القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي الى منطقة دكالة في جملة العرب الذين أدخلهم المنصور الموحدي المغرب الأقصى٠
وتعد الهجرة الهلالية (بنو هلال) في القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي من أشهر الهجرات العربية إلى شمال أفريقيا ، وتعرف ” بالهجرة الهلالية ” في التراث الشعبي العربي، فيما يصفها ابن خلدون بانتقال العرب إلى أفريقيا. وتعرف كذلك ” بالهجرة القيسية ” نسبة إلى ان أغلب القبائل المهاجرة تندرج تحت الفرع القيسي من العرب العدنانية٠ و قد ألفت في هذه التغريبة ملحمة شعرية فيها الآلاف من الأبيات الشعرية٠ هاجرت هده القبيلة من الجزيرة العربية إلى الشام ثم صعيد مصر ومنه انتقلت إلى باقي المغرب الإسلامي فيما عرف بتغريبة بني هلال، بعد ازعاجهم للدولة الفاطمية٠
[1] ـــ محمد العبدي الكانوني آسفي وما إليه قديما وحديثا ص 15 .
[2] ـــ مجلة أمل عدد 42 سنة 2014م التصوف في المغرب من خلال بعض القضايا وبعض الرموز.
[3] ـــ الوصف العام لإفريقيا، مارمول كارباخال.