الجمعة. نوفمبر 22nd, 2024

بقلم ابو ايوب

العلاقات الثنائية الاسبانية الجزائرية في مفترق طرق ، و قد تتجه نحو الاسوء بعدما اعلنت عن التغيير المفاجئ في موقفها من قضية الصحراء ، تغيير حسبته بعض الاوساط انحيازا و اصطفافا الى جانب المغرب ، فيما حسبته اوساط اسبانية كثيرة التفاف على الشرعية الدولية و قرارات الامم المتحدة ، لا سيما بعد الاعلان الاممي الرسمي الرافض للموقف الجديد لاسبانيا ، كما جاءت على لسان ستيفان دوجاريك الناطق الرسمي باسم الامين العام الاممي غوتيريش.
في محاولة استجدائية لاعادة علاقات البلدين لسابق عهدها ، كثرث خرجات المسؤولين الاسبان لوسائل الاعلام المحلية و الدولية ، تنشد في مجملها فتح قنوات تواصل مع الجزائر من اجل اذابة الجليد الذي اعترى علاقات البلدين ، لا سيما مع منع هذه الاخيرة اي اتصالات او مشاورات او تفاعل مهما كان مصدره مع المؤسسات الحكومية الاسبانية ( رئاسة الحكومة/ وزارة الخارجية مثال) .
* رئيس الحكومة الائتلافية بيدرو سانشير و في حديثه مع القناة الاسبانية الثالثة ، اعرب بصريح العبارة عن رغبته في اعادة الدفئ للعلاقات مع الجزائر و عودة السفير الجزائري لمقر عمله ، واصفا اياها بالدولة الصديقة و الموثوقة في تعاملاتها ، في اشارة الى الاتفاقيات المبرمة بين الجانبين في قطاعات مختلفة ( الطاقة. الفلاحة. الاستثمار. التنسيق الامني الاستخباراتي لا سيما فيما يتعلق بالحرب على الارهاب و مكافحة الجريمة المنظمة و تبييض الاموال . محاربة الهجرة السرية…) ، و لحدود الساعة لم يتلقى اي رد من السلطات الجزائرية و لا ادنى اشارة بانفراجة او بقرب عودة السفير .
* وزير الخارجية الاسبانية بدوره لم يدخر جهدا في مواصلة محاولاته لرأب الصدع مع الجارة الجنوبية ، قيامه باجراء عدة محاولات هاتفية للاتصال بنظيره الجزائري لكنها باءت كلها بالفشل ، بحيث ظل هاتفه يرن دون تلقي جواب بحسب تصريحاته ، فلم يجد بدا من طلب وساطة جوزيف بوريل رئيس مفوضية الاتحاد الاوروبي و المسؤول الاول عن السياسات الخارجية الاوروبية ، و لا جديد و لا تغيير في الموقف الجزائري لحدود الساعة .
* موقف الجزائر هذا ربما اشعره بالحنق و الاحباط و كيف لا و هو المتشبع بفكر المستعمر الفرنسي السابق لشمال و غرب افريقيا ( مزدوج الجنسية اسبانية فرنسية/ سفير اسباني سابق بفرنسا قبل تراسه وزارة الخارجية/ متزوج بفرنسية و ابنته تعمل كمستشارة في مكتب الرئيس الفرنسي ماكرون) ، حنقه هذا اسقطه في موقف متهور بالرغم من تمرسه الديبلوماسي و تجربته السياسية ،عندما عبر في تصريح له بث بالقنوات الاسبانية ردا على خطاب رئيس الجزائر ع.م. تبون ، حيث اعلن عن رفضه الدخول في مهاترات عقيمة في اشارة منه الى الجزائر ، هذا ما اعتبره الجانب الجزائري تصريح مخالف لكل الأعراف الدولية و له تبعات .
اسبانيا العضوة في حلف شمال الاطلسي و رابع قوة اقتصادية باوروبا ، و صاحبة الموقع الجيوستراتيجي غرب المتوسط و شرق الاطلسي، و اول مستثمر بالمغرب و ثالث قوة استعمارية سابقة تجد نفسها اليوم في موقف جد ضعيف على اثر التطورات المتلاحقة للحرب الروسية الاوكرانية و تبعاتها على الاقتصاد الدولي سواء ما تعلق منها بالجانب الطاقي من ذهب اسود و ازرق او ما له علاقة بالامن الغذائي على ضوء ارتفاع الاسعار و اختفاء المنتوج ، و قد ازدادت ضعفا اكثر بعد التقارب الايطالي ” ثاني اقتصاد اوروبي” و الالماني” اول اقتصاد اوروبي و اكبر مستهلك للغاز اوروبيا” مع الجزائر في شتى مجالات و بعناوين متميزة ابرزها مجال الذهب الازرق ” الغاز” و الاستثمار في الصناعات الغذائية و الصناعات الثقيلة و الطاقات المتجددة ..
و لمزيد من غرز الاسفين في الخاصرة الرخوة للاقتصاد الاسباني ، بادرت الجزائر الى تقليص امدادات الغاز لاسبانيا بحوالي 25% في الوقت الذي رفعت فيه من حصة ايطاليا و المانيا بعد الاتفاقيات الاخيرة ، مع حرمان اسبانيا من لعب دور الموزع للغاز الجزائري الى اوروبا و اختيار ايطاليا كبديل ، فضلا عن ايقاف استيراد الثروة الحيوانية و مشتقاتها و التقليل من عدد الشركات الاسبانية المستثمرة بالجزائر و العمل على خفض حصص مشاركتها في النسيج الاقتصادي الجزائري ( شركة ريبصول للتنقيب عن النفط و الغاز مثال).
كما تجدر الاشارة الى التحذيرات الجزائرية بقطع الغاز عن اسبانيا ، في حالة ثبوث عدم الوفاء ببنود الاتفاقية المبرمة بين الجانبين ( عدم بيع او تصدير الغاز الجزائري لدولة ثالثة دون استشارة او موافقة المصدر) ، لكن الوخزة الاكثر ايلاما ترجمها التصريح الاخير لسفير الجزائر بايطاليا ، عندما افصح عن جدية قطع الامدادات في حالة عدم قدرة اسبانيا على تقديم اثباثات قونونية واضحة ، بكون الغاز الذي التزمت بتصديره للمغرب هو غاز غير جزائري ( اشارة الى فواتير الشراء او الاتفاقيات المبرمة بين المغرب و الدولة المصدرة) .
بالتالي هي اذن شروط و املاءات فرضت على اسبانيا التي وجدت نفسها بين كماشة فكي الغاز الصخري الامريكي ( 60% من احتياجات اسبانيا/ سعر الغاز و تكاليف الشحن مرتفعة/ عامل الوقت يلعب دورا مهما) ، و الغاز الجزائري الاقل سعرا و تكلفة و احسن جودة ، و هذا باعتقادي ما شكل ضغطا اضافيا على اسبانيا اجبرها على تأجيل امدادات الغاز عبر الضخ العكسي للمغرب ، كما افقدها بالمناسبة ورقة ضغط محتمل استعمالها في حالة حدوث ازمة او توترات في علاقاتها مع المغرب ، لتجد اسبانيا نفسها في الاخير انها لم تعد قوة ضاربة في محيطها الجهوي و الاقليمي ، و انها لا تعدو كونها سوى نمر من ورق و كما خضعت للمغرب ستفعل الشيئ نفسه مع الجزائر ، و ما تفكك اوصال الحكومة الائتلافية و الاعلان عن استقالتها و اجراء انتخابات مبكرة ….الا مسألة وقت .

Related Post

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *