منقول
أو هل الدين مسؤول …
عن تخلّف العرب المعرفي والفكري والسياسي ؟؟؟(إله سبينوزا وأينشطاين)..
يحاول كثير من الإخوة التساؤل عن أسباب تخلف العرب والمسلمين في العصر الراهن ، دون استعمال منهج إبستمولوجي épistémologique ، يبين حدود العقل وحدود الدين . وتعريف الدين وتوظيفه في السياسة . مما يستدعي التمييز بين الدين كشعور أو إحساس le sentiment religieux . مرتبط بالوعي الإنساني بالوجود ، ومجاهله ، وغياهبه المظلمة ، ومصير الإنسان وبداية الكون ونهايته . والدين كظاهرة سياسية واجتماعية وتاريخية ، un phénomène politico-historique . حاولت الهيمنة على تصور الناس للوجود والمعرفة والمجتمع . مثل تطبيق اليهودية في بناء دولة بني إسرائيل . أو توظيف الرومان وأوروبا للمسيحية ونشر مبادئها مصاحبة للتوسع الصليبي والإمبريالي . أو ظهور الإسلام على أساس مبدأ توحيد القبائل العربية عقائدياً وتشريعياً ومعرفياً . وهو الذي يهمنا في هذا التحليل . حين إتُّخذ الإسلام كأساس لبناء دولة قوية إجتاحت بسهولة الفرس والرومان وأغلب بلدان العالم في وقت وجيز . والذي أفرز قراءات وتأويلات حول معنى الخلافة أو الإمامة ، كانت أساسية في ظهور التصورات والفِرق ، خاصةً السنة لدى الأمويين والعباسيين والشيعة كفرق معارضة . والخوارج والمعتزلة والمتصوفة . وهنا يكمن المشكل . عندما نماهي ونطابق identifier – identification ، بين هذه القراءات والدين الإسلامي نفسه . في حين أن هذه الفرق والخلافات التي أفرزتها . والإجتهادات الفقهية المرتبطة بها ، مثل المالكية والحنبلية والشافعية والحنيفية والقراءات المراجعة لها ، مثل إبن تيمية والوهابية والإخوان المسلمين والأحزاب التابعة لكل هؤلاء . لا يمكن إعتبارها هي الدين الإسلامي وجوهره . بل هي قراءات des lectures وتوظيفات سياسية وتأويلات des éxégèses تحتاج إلى النقد والرفض ، لمعرفة حدودها . وتأثيرها على مسار التقدم الحضاري والسياسي للمسلمين . وهو ما فعله ديكارت منهجياً لبناء تصور منهجي جديد على أساس قواعد جديدة . إنطلق فيها من الصفحة البيضاء ، la table rase . أي الشك في كل شيء سابق كالفلسفة والعلم والدين . ليصل إلى أن الصحيح هو البديهي في العقل . دون أن يلحد . أي ينكر وجود الله . ولكن أنكر المسيحية كتوظيف سياسي للكنيسة والدولة . ونفس الشيء فعله ڤولتير وديدرو وكانط وسائر فلاسفة الأنوار les lumières . فليس إسلام السنة أو المالكية أو المغرب أو السعودية أو لبنان أو إيران أو داعش أو القاعدة هو الصحيح . أو هو الإسلام نفسه . بل هذه قراءات وتأويلات des lectures et des interprétations وتوظيفات مبنية على إجتهادات بشرية ، وليس وحياً إلهيا ، حين انتهى الوحي بموت الرسول الكريم . فلماذا نريد فرض تصورات فقهية وعقائدية أفرزتها ظروف تاريخية معينة ، على كونها صحيحة ؟ ولماذا لسنا قادرين على ترك التدين كمسألة شخصية ، أو ممارسة عقائدية تتعلق بالعبادات ، ونعتبر ذلك علمانية لائكية ، laïcité . في حين أن هذا هو التطبيق الصحيح . والديموقراطي . حين ميز المسيح بين ما لله وما لقيصر . واعتبر الرسول المسلمين أعلم بأمور دنياهم في حديث التأبير ؟؟ ولماذا لم نستطع التمييز منهجياً بين الإعتقاد la croyance كواجب أخلاقي يعتمد الإيمان ؟ والمعرفة la connaissance كاجتهاد بشري يعتمد الاستدلال العقلي ويخضع للتطور كما بيّن كانط ؟ وهيجل وماركس marx . فلم ينقد ماركس الدين كإيمان فردي ، وإنما عندما يُساق الناس بنفس التأويل والقراءة كالأغنام . La conscience du troupeau هنا ينقلب الدين إلى توظيف إيديولوجي idéologique يكون مفعوله كالأفيون . La relgion est l’opium des peuples . إن توظيف الدين للتحكم في الناس ليس من الله القائل : لا إكراه في الدين ! فذكّر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر . …. لكم دينكم وليَ دين . لا يمكن إنتاج معرفة وأحكام عقلية وسياسية إلا من هذا المنطلق النقدي . أما الاستمرار في خلط الأوراق بين الاجتهاد البشري والتوظيف السياسي للدين ، واتهام المعارضين لهذا التوظيف بالكفر والإلحاد ، فلن يخدم الله في شيء ، بل يخدم الطبقات والقوى الحاكمة في إيران والسعودية والمغرب …… وتكريس نفس التصورات المساندة للتخلف والتأخر عن الركب المعرفي والتكنولوجي والعلمي والسياسي !!!
Hassan Rahibi. حسن الرحيبي