بقلم: خالد الصمدي
ليس مستغربا أن يستعمل بعض منا لغة اليأس والتيئيس المطلق من إصلاح المدرسة المغربية كلما حلت بداية السنة الدراسية ، مستدلا على ذلك بخلاصات تنتمي إلى هذا النفس وتذهب الى الحديث عن فشل الإصلاحات المتوالية التي عرفتها منظومتنا التربوية في تحقيق أهدافها من الاستقلال إلى اليوم ، ولن تعوز أصحاب هذا المذهب أدلة وحجج : من هدر مدرسي وعطالة الخريجين، وتصنيف للجامعات ، وتضخم المناهج، واضطراب وضعية الموارد البشرية وغير ذلك من المؤشرات،
وإذا كنا نتقاسم جزىيا هذا التوصيف من واقع الممارسة والتجربة والتدبير ، فإننا بالمقابل ومن نفس التجربة نختلف في التشخيص العام والخلاصات ،
فكل ماسبق من توصيفات سلبية ينبغي أن تقرأ من ناحية أخرى في ضوء ماتحقق من أهداف، وانجازات كانت قبل سنين مجرد أمان وتطلعات، فمنظومتنا التربوية اليوم ولله الحمد تضم بين جناحيها ما يقرب من 8 مليون تلميذ ومليون متدرب في التكوين المهني ومثله في التعليم العالي ( 10 ملايين ) وقد اقتربت بلادنا والحمد الله في التعليم المدرسي من تحقيق تعميم التمدرس في للفئة العمرية 5 سنوات مع مجهودات كبيرة في تعميم التعليم الأولي وادماجه في التعليم الابتدائي بالتدريج ،
وقد ساهم تعميم برامج الدعم الاجتماعي لفائدة الفئات الهشة والفقيرة ( برنامج تيسير – النقل المدرسي ، برنامج مليون محفظة ، الداخليات والمطاعم المدرسية- المدارس الجماعاتية ،،،) في تحقيق هذا الهدف من أهداف الألفية للتنمية المستدامة ،
وقد تخرج من منظومة التكوين المهني آلاف التقنيين والمتخصصين في جميع المجالات المؤهلين للعمل في الشركات والمؤسسات العمومية والقطاعات الحكومية ومواكبة الاستثمارات الأجنبية وحاجياتها من الموارد البشرية ، وقد تعزز هذا المجال بإطلاق برنامج بناء مدن المهن والكفاءات في كل جهات المملكة مما من شأنه أن يسهم في حكامة هذا القطاع وحسن تدبيره استجابة لمتطلبات التنمية الجهوية ،
كما تخرج من منظومة التعليم العالي آلاف المهندسين والاطباء والأساتذة العاملين في مختلف مكونات المنظومة التربوية ومستوياتها ، وعشرات الآلاف من الأطر في مختلف التخصصات العلمية والتقنية والادبية والفنية والرياضية وغيرها ، مما أسهم في تحقيق المغرب للعديد من أهدافه ومشاريع التنموية منذ الاستقلال إلى اليوم ودخوله نادي البلدان الصاعدة ببلوغ نسبة 45٪ من الفئة العمرية 18/21 سنة بمستوى جامعي نهاية السنة الماضية ،
صحيح إن لمنظومتنا إكراهاتها واشكالاتها وصعوباتها خاصة وأنها تدبر كما قلنا ثلث الساكنة (10 ملايين متعلم) وموارد بشرية تقترب من نصف مليون إطار واداري وتقني وما يقرب من 25 ألف مؤسسة مدرسية وتكوينية وجامعية على رقعة جغرافية مكونة من 12 جهة ، وباعتمادات مالية بملايير الدراهم ترتفع كل سنة بنسبة 5٪ دون أن يتأثر ذلك بالجائحة وانعكاساتها ،
كل ذلك يتطلب منا النظر الى منظومتنا التربوية بعين التوازن والانصاف الذي يجمع بين النقد البناء وبعض من الاعتراف،
تحياتي لكل العاملين في المنظومة واتمنى لهم الصحة والعافية والتوفيق
وكل عام ومنظومتنا التربوية في تطور منظور وسعي مشكور ،