بقلم: خالد الصمدي*
وكان الاعتذار الذي انتظره الرأي العام بعد ما أثارته حلقة 4 شتنبر من برنامج ديكريبتاج من ردود فعل قوية لدى الرأي العام غيرة على مادة التربية الإسلامية وعلى ثوابت الأمة الجامعة، نتيجة ما اعتبره القائمون على البرنامج خطأ اقتضى الاعتذار أو سوء فهم اقتضي التوضيح ،
وفي كل الأحوال وبعض النظر عن التفاصيل ومحاولة تسييس الموضوع في مقدمة الحلقة مرة أخرى دونما فائدة ، أسجل بإيجابية اعتذار مسير البرنامج في حلقة أمس الخميس ، وحسن اختياره في الرجوع إلى أهل الاختصاص باستضافة العلامة الدكتور مصطفى بنحمزة المعروف بصراحته وغيرته وحكمته المعهودة ، والذي وضح للجميع أوجه الخطأ والزلل في مناقشة الموضوع، سواء من حيث واجب الاحتياط عند الخوض في قضايا الدين وإحالة ذلك الى أهل الاختصاص ، أو خطورة الطعن في الأحاديث الشريفة دون تثبت واطلاع ، أو انتقاص من أهل هذا الشأن من فقهاء وأطر وأساتذة ،
وما تلا ذلك من اعتذارات وتوضيحات فردية لكل عضو من أعضاء فريق البرنامج الذين كانوا حاضرين في حلقة 4 شتنبر، وتم التوجه بذلك إلى العلماء و مفتشي واساتذة المادة وسائر الفاعلين التربوين ، وهذه فضيلة تحسب للقائمين على البرنامج ، وتدل مرة على أن المغاربة يختلفون ولكنهم لا يتنازعون فيفشلون وتذهب ريحهم ،
ومن ناحية ثانية فإن التأكيد مرة أخرى في حلقة أمس على مطلب إسناد مراجعة مناهج إعداد مناهج التربية الإسلامية والمصادقة على كتبها المدرسية إلى لجنة مختصة تحت إشراف المجلس العلمي الأعلى ، يدل على نقص في التحضير للبرنامج ونقص كبير في المعلومات ، فلم تعد هذه الفكرة مطلبا بل هو واقع الحال منذ سنة 2003 حيث قامت بهذه المهمة لجنة مختلطة مكونة من أعضاء ممثلين عن المجلس العلمي الأعلى بما في ذلك رئيس المجلس نفسه ، وخبراء المادة وممثلين عن النسيج الاقتصادي والاجتماعي والتاريخي والفني ( 83 عضو ) عينهم الوزير الاسبق عبد الله ساعف لخبرتهم في بناء المناهج التعليمية ، وينتمون الى حساسيات فكرية وسياسية مختلفة تجسد غنى بلدنا وقدرته على الحوار الجاد وتدبير الاختلاف في الملفات الكبرى للوصول إلى بناء المشاريع الوطنية بتوافق وطني متميز ،
وقد تشرفت خلال هذه المحطة بالمشاركة في اللجنة والانخراط في هذه المهمة الوطنية النبيلة من زاوية الاختصاص العلمي والتربوي بحثا وتأطيرا وتدرسيا وأعتز بذلك وأفتخر ،
وفي سنة 2016 وبتوجيهات من جلالة الملك ، تم تشكيل لجنة مكونة من أعضاء من المجلس العلمي الأعلى وخبراء المادة لتجديد مناهج مادة التربية الإسلامية والمصادقة على كتبها المدرسية ، دون أن أكون عضوا فيها بعد ما عينني جلالة الملك عضوا بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ،
وهي البرامج المعمول بها لحد الساعة وتخضعها هذه اللجنة المختصة على الدوام للمراجعة والتحيين والمراقبة علميا وبيداغوجيا ،
وعليه فإن ما ذكر في البرنامج من موضوعات ومعلومات في سياق نقد مضمون ما يدرس للتلاميذ لا علاقة لها نهائيا بالواقع ويدل على عدم اطلاع ونقص في المعلومات والمعطيات ،
و كان بإمكان أعضاء البرنامج الرجوع إلى الجهات المختصة في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أو وزارة التربية الوطنية لمدهم بأسماء أعضاء اللجنة , وإحضار خبير في المادة وعضو من المجلس العلمي الأعلى إلى البلاطو لمناقشة الموضوع والإجابة عن أسئلتهم واستفساراتهم ، فسيتعلمون منهم الشيء الكثير وسيجنبونهم الأخطاء وسوء الفهم التي كان الجميع في غنى عنه خاصة في سياق دخول مدرسي متعدد الصعوبات والإكراهات،
أتمنى أن يكون ما وقع درسا منهجيا للجميع في التعامل مع مثل هذه القضايا الحساسة والشائكة في وسائل الإعلام والتي تتطلب الدقة والاحترافية والتحضير الجيد قبل الخروج إلى الرأي العام ،
فحرصنا جميعا على حرية التعبير والنقاش المسؤول المؤطر بالمعلومة الصحيحة وبقواعد الحوار وقبول الاختلاف ، لا يوازيه في الأهمية إلا حرصنا الشديد على صيانة لحمة بلدنا وترسيخ ثوابته ،
* خالد الصمدي أستاذ التربية الإسلامية