بقلم: عبد المولى المروري
يأتي الله بأقدار فريدة وغريبة، وتصبح هذه الأقدار دلائل فأل جميل ومؤشرات خبر جليل، يهيء الله لها مقدمات وأسباب.. وعند تأملها والنظر إلى أعماقها وظروفها الغريبة واجتماعها العجيب في زمان ومكان لا يجمعهما إلا إرادة الله وقدره الغامض، هذا الحدث يجمع دلالات ومعاني لا يستطيع أحد فهمها أو تفسيرها، في هذه اللحظة النفسية التي تتجاوز حدود العقل والمنطق، لحظتها يحق لمن عاشها أو سمع بها أن يحملها على الفأل الحسن والبشرى القادمة ..
هذا ما وقع يوم الجمعة الماضي (14 أكتوبر يوم افتتاح البرلمان)، وفي صدفة غريبة من نوعها قرب القصر الملكي بسلا، عندما كانت زوجة الصحفي توفيق بوعشرين قادمة بسيارتها من زيارة زوجها المعتقل بسجن العرجات 2 وعلى مستوى الشارع المحادي للقصر الملكي بسلا، توازت سيارة زوجة توفيق بوعشرين مع سيارة الملك محمد السادس رباعية الدفع التي كان يقودها المستشار فؤاد عالي الهمة.. في لحظة التوازي تلك قام الملك بفتح زجاج السيارة ليقدم تحية كريمة بيده إلى ابنة توفيق بوعشرين (ندى) التي كانت تطل بألم وانكسار من نافذة السيارة.. دون أن يدري من تكون .. هذه الأخيرة، وفي لحظة حزنها تلك بادلته التحية، وتحول حزنها إلى سعادة وفرح وهي تصرخ ببراءة الطفلة، وبأعلى صوتها ؛ الملك .. الملك .. بعدها واصل الملك طريقه في اتجاه الرباط ..
قد يبدو هذا الحدث بالنسبة للغير مجرد صدفة عابرة لا يستحق الاهتمام به ولا تحميله أكثر مما يجب..
ولكن، ومن منطلق اليقين والإيمان بأن الله يقدر الأقدار بعلمه وإرادته المطلقة، ويخلق الأسباب بمشيئته، وهو سبب لكل الأسباب، وكل شيء يقدره لسبب وحكمة قد يتجاوز حدود إدراك وعقل الإنسان الضعيف والمحدود .. لا يمكن أن نحكم على هذا الحدث بالعشوائية أو العبثية ، فالله منزه عن العبث .. وهنا يمكن أن نطرح الأسئلة التالية؛
هل من العبث أن يجمع الله ملك البلاد وابنة توفيق بوعشرين في تلك اللحظة وفي ذلك المكان القريب من القصر وسجن العرجات 2؟
ما الذي جعل الملك يفتح نافذة السيارة ويقوم بكل تواضع بتحية ابنة توفيق بوعشرين وهو يبتسم في وجهها البريء؟
هل هناك سر إلهي فيما حدث ربما سيظهر لاحقا؟
قد يستهجن البعض أن نحمل ما وقع على أنه فأل حسن، وقد يسخر منا الكثيرون أن نعتقد أن بشرى ما قادمة من قريب.. كل هذا لا يهم، وبحكم أنني مفتون بحب هذا الوطن، وأريد له الاستقرار والخير والرخاء .. فالمهم عندي أن أرى انفراجا حقوقيا قريبا بطعم الإنسانية، انفراجا يعيد البسمة للوطن والأمل للشعب، انفراجا يفتح مستقبلا جديدا للحرية.. وإني لأعتبر هذه التحية الملكية الكريمة لابنة توفيق بوعشرين مع ابتسامة نبيلة في وجهها إلا مقدمة لهذا الانفراج، وأن هذا القدر المهيب ما هو إلى طريق لعفو قريب.. وما ذلك على الله بعزيز .