السبت. نوفمبر 23rd, 2024

بقلم :مسرور المراكشي

من المعتاد أن نعتبر الإنتخابات في أي بلد شأن داخلي ، وهي فعلا كذلك فكما يقال : ” أهل مكة أدرى بشعابها” ، نظريا كل شعب له الحق والحرية في اختيار من يقوده ، ولا يحق لأي دولة التدخل لتوجيه الناخب و التأثير عليه ، لأن ذلك يعتبر خرق لمبدأ ” عدم التدخل” في قانون العلاقات الدولية ، لكن الواقع شيء أخر حيث أصبح اليوم التدخل هو الأصل في العلاقات الدولية ، وهذا ما يحدث بالضبط في انتخابات الجمهورية التركية ، وأنا هنا لا أقصد مجرد المتابعة البريئة للمنافسة القوية بين الرئيس والمعارضة ، فهذا أمر طبيعي لأن تركيا لها تأثير واضح في سياسة المنطقة والعالم ، لكنني أقصد تدخل الدول الغربية الكبرى ، و سعيها الجاد لتغيير الخريطة السياسية في هذا البلد المسلم ، فعندما تجد أمريكا وبريطانيا وفرنسا وباقي الدول الغربية قد توحدت خلف المعارضة التركية ، و تدعمها بكل قوة من أجل إسقاط الرئيس أردغان ، فاعلم أن الأمر فيه “إن” فليس هناك دعم مجاني ، فلم تعد الدبلوماسية السرية كافية ولا التخابر في الغرف المظلمة ، بل خرج الأمر إلى العلن وعلى المكشوف حيث المطالبة برأس رجب طيب أردغان ، فكما في أفلام ( الويسترن) الأمريكية ، حيث توضع صورة المطلوب مرفقة بعبارة “WANTED” ، يعني القبض عليه و إحضاره حي أو ميت ، والمطلوب هنا هو الرئيس التركي ” أردوغان ” ، الغريب أن حتى تلك الصحف الأوروبية التي كنا نعتقد بأنها رزينة ، لكن مع هذا الرئيس فقدت تلك الصحف التوازن و المصداقية ، صحيفة “الأندبندنت” البريطانية نموذجا ، لقد دعت هذه الأخيرة إلى التغيير و رحيل رجب طيب أردغان ، كما كانت باقي الصحف الغربية تحرض على التصويت ضد الرئيس ، و تصفه بالمستبد و الإسلامي المتطرف و الخليفة القادم ، ودائما وفي إطار الحملة الإعلامية المعادية للرئيس التركي ، كتبت الصحيفة الأمريكية ” الواشنطن بوسط” (..رحيل أردوغان في هذه الإنتخابات ، ضروري كي لا تتحول تركيا إلى دولة عظمى..) ، لقد استعملوا سلاح الإنقلاب العسكري لكن الشعب تصدى لهم ، واليوم يدعمون المعارضة بشكل سافر قصد التخلص من الرئيس ، و أظن أن الشعب التركي يقظ ولن يخذل رئيسه هذه المرة كذلك ، لكن المشكل هو عندما يفوز أردوغان ويصبح رئيسا للجمهورية ، فهل ستتوقف محاولة إسقاطه من طرف الدول الغربية..؟؟ ، مسرور المراكشي يعتقد أن المحاولة الثالثة قد تكون عملية تصفية جسدية لهذا “الطيب” ، إن فشل الإنقلاب وفشل المعارضة يدفع في اتجاه تولي الغرب المهمة بيده ، وأنتم يا سادة تعلمون خبرة أمريكا وفرنسا وبريطانيا في تنفيذ العمليات الإرهابية ، في الحقيقة هناك عدة سيناريوهات مرعبة أرجو من الله ان ينجي الرئيس منها ، فقد يكون سلاح السم (البلونيوم المشع ) الذي تم به اغتيال الشهيد أبو عمار عرفات ، وقد يكون سلاح القنص الذي قتل به الرئيس الأمريكي ( جون كينيدي ) ، وقد يكون سلاح التفجير الذي قتل به الشهيد رفيق الحريري ، وقد يكون سلاح قصف طائرة الرئيس بصاروخ كما وقع للرئيس البكستاني الشهيد ضياء الحق ، إن أعداء الإسلام لن تتوقف محاولة تدميرهم نهضة تركيا الحديثة ، لهذا مسرور المراكشي ينصح العقلاء من الأتراك وباقي الشعوب المسلمة ، ويقول : ( لا تكونوا صفا وراء البندقية الأمريكية بل كونوا دائما في صفوف تقابلها و تواجه فوهتها ولو بصدر عاري..) ، لقد علمتنا التجارب أن لا خير في نصائح الغرب وأمريكا ، فهم العدو فاحذرهم إذا قالوا ( نعم) قل( لا )وإذا قالو ( لا ) قل ( نعم) فلربما تنجو ، ونطرح هنا سؤال كبير لماذا هذا الكره الشخصي لهذا الرئيس بالضبط..!!؟ في الحقيقة الجواب سهل ولا يحتاج لخبراء تحليل ، لقد كانت تركيا قبل 20 سنة من وصول حزب العدالة والتنمية التركي لتسيير البلاد ، كانت في عداد الدول المتخلفة : ( اقتصاد تابع- ديون – بنية تحتية هشة – فساد على كل المستويات انقلابات عسكرية) ، لكن اليوم بقيادة أردوغان أصبحت من بين 20 دولة الأكثر تقدما وعلى كل الأصعدة ( صناعة عسكرية جد متطورة – بنية تحتية متطورة – اقتصاد قوي بصفر ديون – قضاء مستقل – تقدم في الصحة و التعليم – قوة إقليمية كبيرة لها تأثير دولي واضح…) ، في نظري هذا كاف لجعل الغرب يعادي تركيا و رئيسها أردوغان شخصيا ، لقد طالب الإنجليز و الأمريكان الشعب التركي بالتغيير و إسقاط الرئيس أردوغان ، ونظرا لفرط سذاجة الأوروبيين المطالبين الشعب التركي بالتصويت من أجل التغيير ، مسرور المراكشي يقول لهم يا معشر الحمقى إن الشعب التركي يعيش فعلا التغير الإيجابي منذ 20 سنة ، لقد كانت تركيا دولة انقلابات عسكرية واليوم هي تنعم بالديموقراطية و تصنف مع الكبار ، أليس هذا هو التغيير الذي يطمح إليه الشعب التركي وكل شعب حر ، فهل نغير فقط من أجل التغيير .؟ أم نغيير من أجل الأفضل ..؟ في الحقيقة الغرب يريد فقط تغيير الرئيس والتحكم من جديد في تركيا لتبقى متخلفة وتحت سيطرته.. خلاصة :
إن العالم العربي و الإسلامي ينظر لتركيا كنقطة ضوء من الحرية والديمقراطية ، وسط بحر مظلم من الإستبداد و قمع الحريات و التخلف ، فبعد انطلاق موجة الربيع الديموقراطي تم إجهاضه ، وذلك بواسطة الثورة المضادة المدعومة مع الأسف من جهات عربية ، لهذا تشكل تركيا انطلاقة جديدة لربيع ديموقراطي قادم…نرجوا لشعب تركيا الإزدهار والتقدم وحسن الإختيار حفظ الله تركيا من كل مكروه وباقي دول الإسلام✌🏽✌🏽

Related Post

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *