بقلم ابو ايوب
* الزيارة الاخيرة لوزير الخارجية المغربي السيد ناصر بوريطة لروما العاصمة الايطالية ، بدعوة من نظيره الايطالي لم تكن ناجحة خاصة فيما يتعلق ، بالموقف الايطالي من قضية الصحراء و التمدد الايراني بالشرق الاوسط و افريقيا ، زيارة حظيت بتحاليل محللين و باحثين مغاربة و وسائل اعلام محلية من قبيل هيسبريس ….، اجمعوا على الترويج لانتصار ديبلوماسي من خلال انتزاع موقف ايطالي مؤيد للمقترح المغربي ، فيما البيان الوزاري للسيد وزير الخارجية بوريطة لم يتطرق لا من قريب و لا من بعيد الى مسالة الصحراء ، و كما هو معروف عنه ، سرعة تأثره بمواقف الدول التي يزورها حيث تعلو البشاشة و الانشراح محياه عندما يتعلق الامر بموقف مؤيد للمغرب ، في حين يبدو مرتبكا و قلقا و في بعض الاحيان شاردا و منزعجا من موقف الدولة المضيفة الغير داعم او مساند للطرح المغربي ، و هذا ما حصل بالضبط اثناء زيارته لايطاليا و الاجتماع به في مكان اقل ما يقال عليه انه غير لائق بوزير خارجية دولة تجمعها و ايطاليا علاقات و شراكات متميزة .
* البيان الختامي لقمة دول عدم الانحياز التي استضافتها عاصمة اذربيجان باكو اول امس الاربعاء ، و الذي عرف مشاركة المغرب ممثلا بالسفير الدائم للمملكة المغربية بالامم المتحدة السيد عمر هلال ، جاء مخيبا للآمال المغربية حيث اكد على المواقف المبدئية للحركة بوضوح و شفافية ، وعن دعم دول عدم الانحياز للقضايا العادلة على رأسها قضيتي الشعبين الفلسطيني و الصحراوي و حقهما في تقرير مصيرهما الغير قابل للتصرف او التقادم ( بحسب نص البيان) ، وفق ميثاق الأمم المتحدة و قرارات مجلس الامن الدولي ذات الصلة .
* تزامنا مع ذكرى استقلال امريكا و ذكرى استقلال الجزائر ، و توازيا مع اشراف الملك الاسباني فيليبي السادس على المناورات العسكرية البحرية الجوية الاسبانية بجزر الكناري ، اليوم يشهد بداية التنسيق العسكري بين الولايات المتحدة الامريكية و الجزائر بالابيض المتوسط ، حيث قامت سفينة عسكرية امريكية لنقل الجنود تابعة للاسطول السادس الامريكي بزيارة رسمية للجزائر ، زيارة دحضت كل ما روجته اطراف معينة عن استعداد امريكي فرض عقوبات اقتصادية…..على الجزائر ردا على زيارة الرئيس ع. م. تبون الاخيرة لموسكو ، مساعي فنذتها ايضا رسالة التهنئة بذكرى استقلال الجزائر التي بعثها الرئيس جو بايدن لنظيره الجزائري .
* الرسائل العسكرية لم تقف عند هذا الحد ، فالاخبار الواردة من ايطاليا تعلن عن قرب اجراء مناورات عسكرية مشتركة لسلاح البحرية الايطالية و الجزائرية بالابيض المتوسط ، تعزيزا للامن و الاستقرار و تبادل التجارب و الخبرات بين الجيشين ، للاشارة علاقات الدولتين شهدت في الفترة الاخيرة قفزة نوعية في مجالات عدة ، على رأسها المجال الطاقوي مما يمكن ايطاليا من الاستفراد بصادرات الغاز الجزائري كمنصة انطلاق الى باقي الدول الاوروبية على راسها المانيا ، مشروع كان من نصيب اسبانيا الا ان موقف سانشيز الداعم للمقترح المغربي حرم اسبانيا من هذه الميزة الطاقوية ، فضلا عن الرفع من حجم المبادلات التجارية الجزائرية الايطالية بنسب تواترية تصاعدية ، حيث انتقلت من حوالي 700 مليون يورو الى اكثر من مليارين يورو بعد مجيئ جورجيا ميلوني للسلطة ، كما علينا كذلك استحضار مشاريع عدة شملت توريد السلاح و تصدير تيكنولوجيا صناعة السفن الحربية و طائرات الهيليكوبتر و صناعة السيارات و الفلاحة ….
كما تجدر الاشارة الى ان علاقات ايطاليا بالجزائر ليست وليدة اليوم ، بل تعود لما قبل فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر ، و ما ميز هذه العلاقات اكثر الموقف الايطالي الداعم للجزائر ابان العشرية السوداء تسعينيات القرن الماضي ، ففي الوقت الذي سارعت دول الجوار و الدول الاوروبية الى فرض التأشيرة و غلق حدودها البرية و مجالها الجوي في وجه الجزائر ، ابقت ايطاليا مجالها الجوي و مطاراتها مفتوحة امام الطائرات الجزائرية ، بل اكثر من هذا سارعت الى تقديم مساعدات مالية و قروض بدون فوائد….. للطرف الجزائري
عرفانا بالجميل هذا الأخير يستعد اليوم لاحياء مشروع قديم بمد خط انابيب ثان لنقل الغاز الجزائري مباشرة نحو ايطاليا عبر المتوسط كعربون وفاء و صداقة ، فضلا عن الانبوب الجزائري الذي يمر عبر تونس نحو ايطاليا مما يمكنها من تأمين احتياجاتها من الغاز ، لا سيما بعد تعذر واردات الغاز الروسي بفعل تأثيرات الحرب باوكرانيا و تداعيات العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على روسيا ، بالتالي أصبحت الجزائر المصدر الأول للغاز الى ايطاليا و المانيا و ثاني المصدرين الى اوروبا بعد النرويج .
متغيرات اليوم بالجوار الاقليمي و الجهوي……هي في مجملها و بتقديري حمالة رسائل سياسية و عسكرية قد تكون جد مقلقة و مستفزة للمملكة المغربية ، و من المرتقب في الاشهر القادمة ان تشتد الضغوط على المغرب في قضايا عدة ، على راسها قضية الصحراء و الوضع الحقوقي و قضية الهجرة الغير شرعية ….، ضغوط قد تصل الى ما يشبه عزلا و تطويقا و فرض حصار على المغرب ، ما يعزز الطرح اكثر ، مسألة الارتهان المغربي لواردات الغاز من اسبانيا مثالا لا حصرا ، بحيث أصبحت هذه الاخيرة تمثل تهديدا طاقويا خطيرا على المغرب في حالة عودة التوتر الى العلاقات الثنائية مجددا ، توتر مرتقب حدوثه لا سيما بعد تراجع سانشيز عن موقفه الداعم للمغرب ، فضلا عن مواقف الحزب الشعبي و فوكس و بوديموس …..الداعمة لجبهة البوليساريو .