بقلم :نورالدين قربال
غالبا ما تفسر الهجرة بالتأويلات السلبية مما يخلق رؤية متخلفة تسيئ إلى الكائن البشري، وتهلك الحرث والنسل،وتدمر الإنسان والعمران . لذلك نبه جلالة الملك إلى هذا وطرح النموذج المتنور للهجرة.
لقد أصبح جلالة الملك رائدا في مجال الهجرة على المستوى الإفريقي، لذلك أسس بالمغرب بقرار قاري مركز للتفكير في الهجرة. باعتبارها تقرب بين الشعوب والحضارات وركيزة من ركائز التعاون بين بلدان الجنوب، وهي رافعة للتنمية المشتركة. وانطلاقا من هذا التأطير الملكي فالهجرة واقع معيش، إقليميا و قاريا ومتعددة الأبعاد والأطراف. وقد تبنى الاتحاد الإفريقي اقتراحا ملكيا في يناير 2018 مفاده التوازن بين مفهومي النظامية وغير النظامية. مركزا جلالته على إيجابيات الهجرة. مؤكدا على التنمية ا لتشريعية، ، وتحديد الأولويات ،و التضامن القاري. والمسؤولية المشتركة.
بناء على هذه الرؤية الملكية المتقدمة، نهج المغرب مقاربة لتسوية الوضعيات، ووضع إدارة مؤهلة بالحدود. ونستحضر الميثاق العالمي بشأن الهجرة الآمنة المنظمة والمنتظمة. وميثاق مراكش الحوار المتوسطي 5.5. كما كان المغرب فاعلا أثناء الحوار الأوربي الإفريقي حول الهجرة والتنمية، والبعد الحقوقي والإنساني. والميثاق الأممي للهجرة بمراكش سنة 2018. إنها مقاربة إنسانية لا تتعارض مع الحكمة العقلانية، كما يؤكد على ذلك وزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة في مؤتمر روما الاخير 2023 ، داعيا إلى عدم الانقياد للاختزالية، والنمطية، كما تساءل على الفاعلية في التعامل مع الشراكات القائمة، قبل انطلاق شراكات جديدة. كما ذكر بنتائج الملتقيات الأممية والأجندة الإفريقية للهجرة سنة 2018.
وللإشارة فقد وقع المغرب مع إيطاليا خطة عمل من أجل تنفيذ الاستراتيجية المتعددة الابعاد، عنوانها الواقعية والتوافق. والتعاون والحوار الدائم، ومصلحة البلدين، والاستقرار والسلام الإقليمي، و الدولي. و قضايا إفريقية، والسلام بالشرق الأوسط. لقد شهدت إفريقيا بمجهودات المغرب على المستوى الإفريقي، من خلال انشطة الاتحاد الإفريقي والحوار الإفريقي الأوربي، والتنظير والبحث العلمي بالنسبة للمرصد الإفريقي للهجرة الذي اتخذ المغرب مقرا له منذ 2021.
بهذا النفس شارك المغرب في ملتقى الهجرة بروما حول موضوع الهجرة والتنمية حضرته دول إفريقية، وشرق أوسطية، وأوربية. ورفعوا عنوان "التزامات وحلول مشتركة". ودعا الملتقى بإيعاز من الرئاسة الإيطالية إلى صندوق مشترك، وشراكة متجددة، ومراقبة الحدود، وتمويل مشاريع استثمارية، كما أكد الملتقى على مواجهة تهريب البشر، والتعاون الأوربي والإفريقي. ودعم التنمية بإفريقيا، وستتناول الشراكات المشاريع الاستراتيجية والبنيات التحتية. مع استحضار مجالات متعددة، نحو الطاقة والزراعة والصحة وتعزيز الأمن والاستقرار. وأكدت رئيسة الوزراء الإيطالية على ان أوربا في حاجة إلى الهجرة لكن القانونية. من خلال المعطيات الواردة في ملتقى روما، يمكن التأكيد على ان التفاوض مع المغرب أمر يفرضه الواقع المعيش. والذي يدعو إلى شراكات متوازنة، ويبقى الخلاف حول آليات مراقبة اتفاقيات الهجرة. اذن فالمغرب لا محيد١ عنه كما أكد على ذلك وزير الشؤون الخارجية المغربي، خاصة وأن المغرب له باع كبير في إفريقيا، والفضاء المتوسطي، والتعاون مع اسبانيا وليبيا. من حيث السلم والاستقرار، وينهج الحوار ودبلوماسية الوضوح والطموح، ، من أجل تعزيز الثقة التي تشكل تيمية مركزية لإنجاح الالتزامات. وتعطي للهجرة بعدا إنسانيا و تنمويا. لأن إدارة قضايا الهجرة ليس أمرا هينا. وكما أكدنا ابتداء أن
الرؤية الملكية نفخت روح التجديد والإيجابية في مفهوم الهجرة. لكن للأسف أن موضوع الهجرة عند البعض أصبحيستثمر سياسيا في العلاقات الدولية، بل قد تكون وعودا انتخابية، لذلك ظل الأمين العام للأمم المتحدة يؤكد على عدم التزام الدول الكبرى بالتزاماتها في مجالات متعددة خاصة التغيرات المناخية التي تشكل اسا عميقا لقضايا الهجرة. مما دفع به إلى اعتبار عصرنا اليوم بعصر الغليان العالمي. نتمنى تعزيز المسؤولية المشتركة من أجل حسن تدبير ملف الهجرة، والتقليص من تداعياته الوخيمة.