الخميس. نوفمبر 21st, 2024

فخورون بالإنجاز الاستثنائي للبؤات الأطلس!

اسماعيل الحلوتي

ظهر يوم الثلاثاء 8 غشت 2023 وفي تمام الساعة الحادية عشرة بتوقيت غرنتش والثانية عشرة حسب توقيت المغرب، كان المغاربة داخل الوطن وخارجه على موعد هام مع مقابلة دور ثمن نهائي منافسات كأس العالم للسيدات، التي تستضيف نسختها التاسعة أستراليا ونيوزيلاندا من 20 يوليوز إلى 20 غشت، يحذوهم الأمل الكبير في أن تواصل سيدات بلادهم صناعة ملحمة كروية جديدة. وهي المقابلة التي جمعت بين منتخب “لبؤات الأطلس” ومنتخب فرنسا على أرضية “هيند مارش” بمدينة أديلايد الأسترالية، التي آلت نتيجتها للفرنسيات بحصة أربعة أهداف نظيفة، ليتوقف قطار اللبؤات عند هذه المحطة.
وجدير بالذكر أن اللبؤات اللواتي لم يحالفهن الحظ في العبور إلى ربع نهائي “مونديال السيدات” تمكن في سابقة تعد هي الأولى من نوعها بالنسبة للمغرب والعالم العربي من التأهل إلى الدور الثاني أي دور الثمن بعد احتلالهن المركز الثاني خلف منتخب كولومبيا في المجموعة الثامنة برصيد ست نقط لكل منهما، إثر خسارة ثقيلة أمام ألمانيا بحصة 6/0 وفوزين متتالين على كل من منتخبي كوريا الجنوبية وكولومبيا بنفس الحصة 1/0، فيما جاءت ألمانيا ثالثة بأربع نقط وكوريا الجنوبية رابعة بنقط واحدة.
وهو ما أدى بالاتحاد الدولي لكرة القدم “FIFA” إلى التعليق على هذه الحصيلة المشرفة بالقول إن “المغرب الذي شارك لأول مرة في بطولة كأس العالم للسيدات في نسختها التاسعة، هزم منتخب كولومبيا بحصة 1/0 وصعد إلى مرحلة خروج المغلوب في ليلة رائعة من مباريات المجموعة الثامنة، شهدت خروج ألمانيا التي كانت مرشحة للظفر بالكأس”. ومن جهته أورد الاتحاد الإفريقي لكرة القدم “CAF”: “المغرب يصنع التاريخ… بغض النظر عن النتيجة، فإن “لبؤات الأطلس” جعلن إفريقيا فخورة. رحلتهن التاريخية هي رحلة ستلهم الفتيات في جميع أنحاء القارة لتحقيق أحلامهن”
وبعيدا عما لقيته اللبؤات من انتقادات ونظرة التنمر التي رافقتهن في منصات التواصل الاجتماعي، إثر هزيمتهن القاسية أمام منتخب ألمانيا خلال مباراتهن الأولى في دور المجموعات، فقد تمكن بفضل صمودهن واجتهادهن من فرض وجودهن وتغيير نظرة الكثير من متابعي البطولة، مما جعلهن تحظين بإشادة واسعة ليس فقط على مستوى المنابر الإعلامية الوطنية والدولية، بل أيضا من طرف فاعلين سياسيين وفنانين ومربين، الذين اعتبروا ما حققته هذه اللبؤات من نتائج يعد إنجازا تاريخيا واستثنائيا، لكون منتخبهن هو أول منتخب عربي وشمال إفريقي استطاع بالجدية والمثابرة وحب الوطن تجاوز مرحلة المجموعات والعبور إلى دور الثمن في هذه البطولة. وبذلك أعطى المنتخب الوطني النسوي نموذجا واقعيا يحتذى، لما يمكن أن تحققه المرأة المغربية من نجاحات متى ما أعطيت لها الفرصة ومنحت الثقة اللازمة…
فما لا يمكن أن يغيب عن أذهان الكثير من الجماهير الرياضية والمهتمين بالشأن الكروي في بلادنا، هو أنه بالرغم من مغادرة منتخب “لبؤات الأطلس” هذه البطولة العالمية في مرحلة دور الثمن أمام منتخب “الديوك” النسوي، استطاع مع ذلك تحقيق ما يمكن وصفه بالإعجاز الكروي ببلوغه هذا الدور المتقدم، ولاسيما أنه لم تمض على تأسيسه سوى ثلاث سنوات فقط، حيث تمكنت عناصره من إبهار العالم بما تتوفرن عليه من مهارات فنية وعلو كعب، فضلا عن تحقيق الفوز على منتخبين كبيرين: كولومبيا ووصيف بطل آسيا “كوريا الجنوبية”، مما يفتح باب الأمل على مصراعيه وآفاقا كبرى للنهوض بكرة القدم النسوية.
وكان من الطبيعي جدا أن يشيد مدرب المنتخب الفرنسي للسيدات والناخب الوطني السابق لأسود الأطلس هيرفي رونار بما قام به المغرب خلال السنوات الأخيرة من عمل جاد ومتواصل من أجل تطوير كرة القدم المغربية لتصل مستويات عالمية، مشبها اللبؤات بالمنتخب البرازيلي، خاصة أن المنتخب الوطني للسيدات هو المنتخب الوحيد من أصل ثمانية منتخبات شاركت لأول مرة في كأس العالم، حيث حقق وحده الاستثناء من خلال الوصول إلى دور ثمن النهائي…
وليس هرفي رونار وحده من أشاد بالنهضة الكروية التي يعيش المغرب على إيقاعها، فبدوره قال المدرب الفرنسي الشهير كلود لوروا بأن الإنجازات الرياضية المحققة من لدن المغرب في السنوات الأخيرة ليست سوى ثمرة العمل الجاد المتواصل والدعم الملكي المستمر، موضحا في تصريح صحافي لوكالة المغرب العربي للأنباء بأن الإنجازات الرياضية المشرقة التي أحرزها المغرب في عديد التظاهرات القارية والدولية، وكل ما تم تحقيقه في المملكة منذ خمسة عشر عاما ليس وليد الصدفة، لكنه نتيجة برنامج متكامل من التفكير والعمل من طرف ملك يسخر لذلك جميع الوسائل”
إن مشاركة “لبؤات الأطلس” في مونديال السيدات 2023 بكل من أستراليا ونيوزيلاندا، التي رغم ما تخللها من أخطاء يمكن تداركها مستقبلا بقليل من الاجتهاد والمثابرة، تعد انطلاقة موفقة نحو تحقيق المزيد من النتائج المشرفة والمبهرة، وتظهر إلى أي حد أن أبناء المغرب ذكورا وإناثا قادرون على رسم أجمل الصفحات بماء من الذهب في عالم الرياضة العالمية، متى ما توفرت لهم الفرصة في الكشف عن مؤهلاتهم ومهاراتهم الفنية وإثبات الذات، وكلما أسندت أمور التدبير والتسيير إلى مستحقيها من ذوي الكفاءة الذين يتحلون بالاستقامة والنزاهة والجدية في العمل بروح من المسؤولية وحس وطني صادق.

Related Post

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *