الأحد. نوفمبر 24th, 2024

اسماعيل الحلوتي

في أول مشاركة له في الجمعية العامة للأمم المتحدة التي انطلقت دورتها 78 يوم الثلاثاء 19 شتنبر 2023 وستتواصل إلى غاية يوم 26 منه في نيويورك، بحضور قادة وزعماء بلدان العالم. كان على الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون المعين من قبل النظام العسكري الجزائري، أن يحاول بكل ما يملك من قوة أن يستغل خطابه من جهة في محو آثار الخيبة التي خلفها رفض منظمة “البريكس” طلب بلاده في الانضمام إليها، ولاسيما أنه كان يراهن عليها في تحقيق مكسب كبير، يجعله يتباهى أمام الشعب الجزائري “المقهور” لضمان الفوز بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات المزمع تنظيمها في العام القادم 2024، ومن جهة ثانية في مهاجمة المغرب حول صحرائه.
فكان أن عمل فقط على تعميق العزلة التي تعيشها بلاده، بسبب تعنت النظام العسكري الحاكم الفعلي للجزائر وتماديه في استفزازات المغرب ومعاكسة وحدته الترابية، حيث قال بأن بلاده تتطلع للوصول إلى تصفية نهائية لظاهرة الاستعمار مع آخر مستعمرة إفريقية، إذ لا يزال شعب بأكمله في “الصحراء الغربية” محروما من حقه الأساسي في تقرير المصير، عبر استفتاء حر ونزيه، يتوافق مع خطة التسوية الأممية الإفريقية، التي اعتمدها مجلس الأمن سنة 1991، ووافق عليها الطرفان والتي تظل تنتظر التطبيق” خلافا لما كان أقدم عليه جلالة المغفور له الملك الراحل محمد الخامس منذ أزيد من ستة عقود وبالضبط في 9 دجنبر 1957 حيث طالب من على ذات المنبر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة باستقلال الجزائر ودعم جهودها في أن يكون لها الحق في تقرير مصيرها.
ترى لما يصر حكام قصر المرادية في الجزائر على التنكر لمن ساهم في تحرير بلادهم واحتضن جيشها ومول هياكلها قبل حتى أن تقف على قدميها، أن ينعتوه بالبلد المحتل للصحراء، التي هي في الواقع جزء من ترابه، كما يشهد بذلك العديد من بلدان العالم؟ وهل من الحكمة أن يتحدث عن حقوق الإنسان من أجاز لنفسه فرض الأحكام العرفية على منطقة القبايل وخنق الحريات ومصادرة الحقوق، كما يشهد بذلك المرسوم الرئاسي المؤرخ في 10 يونيو 2021 القاضي بتجريم حرية التعبير والضمير والتجمع السلمي؟ ثم كيف يتحدث عن السلم وحسن الجوار من يصر منذ عقود على مواصلة دعم ميليشيات البوليساريو الانفصالية والإرهابية في خوض حرب بالوكالة على أراضي جيرانه، سعيا إلى محاولة تفتيت المغرب، معطلا بذلك جهود التنمية والتكامل ووحدة الشعوب المغاربية؟
ولعل أكبر فضيحة تعرض لها الرئيس الجزائري تبون أمام العالم، ليست هي قاعة الاجتماعات التي بدت شبه فارغة أثناء الاستعداد لإلقاء كلمته، كما كانت الصورة تعبر عن ذلك لمدة حوالي نصف ساعة، وهي التي كانت ممتلئة عن آخرها خلال كلمة جون بايدن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن ظلت أبواق النظام العسكري الإعلامية تروج لقوة صوت الجزائر في العالم، بدعوى أنه صوت العقل والحكمة والحقيقة. فأي إهانة أفظع من أن يجد رئيس “القوة الضاربة” نفسه يخاطب الكراسي، في لقاء هام تناقلت أحداثه أبرز القنوات والصحف الدولية؟
بل في تلك “القنبلة” التي فجرها أمام أنظار الحاضرين وملايين المشاهدين، وجرت عليه مرة أخرى موجة عارمة من السخرية في عدد من وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، عندما قال بأن بلاده سوف تصل لإنتاج مليار و300 مليون متر مكعب يوميا من الماء المحلى مع نهاية سنة 2024، علما أن دول العالم التي تتوفر مجتمعة على أزيد من 18 ألف محطة تحلية مياه البحر، لا تستطيع إنتاج عدا 95 مليون متر مكعب يوميا. وأن أكبر دولة في إنتاج المياه المحلاة في العالم هي المملكة العربية السعودية، التي تنتج مليار وستة ملايين متر مكعب من المياه سنويا وليس يوميا، وهو ما يعادل 18 في المائة من الإنتاج العالمي، تليها الإمارات ب”14″ في المائة من إجمالي المياه المحلاة. وهي “القنبلة” التي أعادت إلى الأذهان ادعاءه في لقاء إعلامي سابق أن الأمير عبد القادر الجزائري تسلم مسدسات من الرئيس الأمريكي جورج واشنطن، في حين أن هذا الأخير توفي في 14 دجنبر 1799، أي قبل أن يولد الأول في دجنبر 1808…
إن الرئيس الجزائري “عمي تبون” وعلى عكس ما كان ينوي تحقيقه من “مكاسب” أمام قادة وزعماء دول العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة تقوده لولاية ثانية، أثبت للعالم أجمع أنه يمثل نظاما أهوج من سماته المميزة الإكثار من الكذب والميل المتزايد نحو تزييف الحقائق وتضخيم الأرقام في جميع المجالات، ناهيكم عن تكريس الحقد والكراهية ضد المغرب ومعاكسة وحدته الترابية.
ألا يعلم سيادته أن الأمم المتحدة أقبرت خيار الاستفتاء في الصحراء المغربية بصفة نهائية منذ عقود، ليستمر في المطالبة بإجرائه وممارسة السباحة ضد الدينامية التي أطلقتها قرارات مجلس الأمن الأممي، التي تدعم بقوة الحل السياسي والواقعي، وغير المنفصل عن مخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب منذ عام 2007؟

Related Post

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *